ما معنى الرمز النازي الذي استخدمه ترامب وحظره فيسبوك؟ وما قصته التاريخية؟

يبدو أن مواجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع مواقع التواصل الاجتماعي لن تنتهي وهو في معترك حملة إعادة انتخابه، والسبب رمز في دعاية انتخابية صنَّفه فيسبوك عنصرياً. فما معنى هذا الرمز؟ وما خلفيته التاريخية؟

في 18 يونيو/حزيران عام 2020، عرضت حملة ترمب الانتخابية إعلاناً على فيسبوك تضمَّن مثلثاً أحمر مقلوباً ونصاً يطلب التوقيع على التماس ضد حركة أنتيفا المناهضة للفاشية.

وتم عرض إجمالي 88 إعلاناً مع المثلث الأحمر المقلوب، على صفحات ترامب ونائبه مايك بنس وصفحة “فريق ترامب” الرسمية على الشبكة الاجتماعية؛ لترويجها في جميع الولايات الـ50.

الرمز النازي الذي استخدمه ترامب ينقلب عليه

أثار الرمز جدلاً كبيراً، وسرعان ما سحب فيسبوك الإعلانات وحظرها.

العاملون على حملة ترمب دافعوا عن استخدامه، لأنهم اعتبروه رمز منظمة أنتيفا المناهضة للفاشية، والتي حذروا منها، ومن أنها “تدمر مدننا”، كما جاء في الإعلان.

وقال تيم مورتو المتحدث باسم حملة ترامب، لـ”رويترز”: “المثلث الأحمر المقلوب رمز استخدمته أنتيفا؛ ولذلك أُدرِج في إعلان عن أنتيفا”.

لكن لهذا الرمز دلالات تاريخية تعود للنظام النازي، إذ تم استخدامه لتصنيف المساجين في مخيمات الاعتقال.

فالمثلث الأحمر المقلوب كان إشارة إلى المساجين الشيوعيين في ثلاثينيات القرن الماضي، وتم استخدمه للإشارة أيضاً إلى الاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين والماسونيين وغيرهم من أعضاء أحزاب المعارضة.

على النقيض من ذلك، كانت الشارة التي فُرضت على السجناء السياسيين اليهود مثلثاً أصفر يعلوه مثلث أحمر يشبه نجمة داود.

أما المثليون، فكان تتم الإشارة إليهم بالمثلثات الزهرية.

وقال المتحدث باسم حملة ترامب، تيم مورتاو، إن “المثلث الأحمر رمز لحركة ANTIFA”، مشيراً إلى أمثلة على غلافات أجهزة iPhone وزجاجات مياه.

وتتضمن الشعارات الأكثر شيوعاً للحركة المناهضة للفاشية علَمين، أحدهما أحمر والآخر أسود، محاطاً بدائرة.

الرمز النازي الذي استخدمه ترامب
رسم بياني لرموز تصنيفات السجناء في معسكرات الاعتقال الألمانية بين عامي 1938-1942/ web

منظمة أنتيفا

وكان ترامب صنف حركة “أنتيفا” Anti-fascist، التي تناهض الفاشية، في قائمة المنظمات الإرهابية، وهو أمر يعد غير دستوري، لأنه سيُجرّم الانضمام إلى جماعة أيديولوجية محلية أمريكية.

فبفضل التعديل الأول للدستور الأمريكي تفادت الحكومة الأمريكية طوال تاريخها تسمية الجماعات المحلية في اليسار واليمين بالإرهابية. والانتماء إلى مثل هذه الجماعات يتفق مع الممارسات السياسية المشروعة للحق الذي أقرَّه التعديل الأول المتمثل في حرية التعبير والاعتقاد، سواء كنت متعصباً أبيض أو ناشطاً بيئياً.

وبالطبع، إذا ارتكب مواطن أمريكي جريمةً لخدمة معتقداته المتطرفة فيمكن ملاحقته قضائياً بسبب تلك الجريمة، ولكن لا يمكن ملاحقته قضائياً لمجرد انتمائه إلى جماعة بعينها، بغضّ النظر عن مدى الاعتراض على والاختلاف مع أفكارها.

وكان ترامب ألقى اللوم على المنظمة في التحريض على الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها بعض الولايات المتحدة؛ إثر وفاة الأمريكي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض.

وقال الكاتب شون إيلينج في تقرير على موقع VOX، وهو محاضر سابق في العلوم السياسية والفلسفة وجندي سابق بالقوات الجوية الأمريكية، إن “أنتيفا” ليست منظمة موحَّدة، ولا يديرها هيكل قيادة هرمي، وإنما هي مظلة تجمع أشخاصاً يتشاركون الاهتمام بعدد من القضايا، أهمها مقاومة الحركات القومية البيضاء.

ونشأت هذه المنظمة رداً على الحركات الفاشية الأوروبية الأولى، منذ أربعينيات القرن الماضي.

قد يكون من الصعب تحديد مواقف Antifa، لكن العديد من الأعضاء يدعمون السكان المضطهدين ويحتجون على تكديس الثروة من قِبل الشركات والنخب.

ومنذ انتخاب الرئيس ترامب، فإن معظم أعضاء Antifa الجدد من الناخبين الشباب.

وتم تداول اسمها في السنوات الأخيرة بعد إحداث أضرار بالممتلكات العامة خلال احتجاجاتهم في المدن الأمريكية كرمي قنابل مولوتوف.

وقال سكوت كرو لموقع CNN، والذي كان أحد المنضمين إلى حركة أنتيفا لمدة 30 عاماً، إن الأعضاء يستخدمون العنف كوسيلة للدفاع عن النفس ويعتقدون أن تدمير الممتلكات لا يعادل العنف.

“هناك مكان للعنف. هل هذا هو العالم الذي نريد أن نعيش فيه؟ لا. هل هذا هو العالم الذي نريد أن ننشئه؟ لا. ولكن ذلك لن يمنعنا من المقاومة”، بحسب ما قاله كرو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى