ما هي آخر قشة سيتعلّق بها ترامب في حال حُسم السباق لصالح بايدن؟

رغم أنّ الأمور لم تُحسم بعد ولكن يبدو أنّ وسائل الإعلام قد تُعلن قريباً فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية. وهذا يعتمد على الانتهاء من فرز الأصوات داخل عددٍ من الولايات المهمة التي يتخلّف فيها ترامب حالياً (أريزونا ونيفادا)، والولايات التي يتقاربان فيها (جورجيا وبنسلفانيا). وفي صباح الخميس الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، غرّد ترامب: “أوقفوا الفرز”، وهو الأمر الذي لا يتوافق مع رغبات فريقها في أريزونا ونيفادا، فضلاً عن أنّه سيُؤدي إلى حسم الانتخابات لصالح بايدن.

نظريات المؤامرة والتقاضي

تقول مجلة Slate الأمريكية إن هذه الرسائل غير المتسقة ليست سوى جزء من مشكلات الرئيس. إذ يُروج هو ومؤيدوه لنظريات مؤامرة خطيرة لا أساس لها بأنّ المسؤولين المنتخبين الديمقراطيين “يسرقون” الأصوات، بينما لا يفعل أولئك المسؤولون شيئاً سوى فرز بطاقات الاقتراع.

وترامب يفعل تحديداً ما كنا نخشاه ونُحذّر منه جميعاً: استغلال حقيقة وجود “تحوّل أزرق” في الأصوات داخل بعض المناطق بصفتها دليلاً على التزوير. وهذا هراء لأنّ التحوّل ظهر بسبب ترتيب فرز بطاقات الاقتراع ليس إلّا. إذ شهدنا “تحوّلاً أحمر” أثناء الإدلاء بالأصوات في أوهايو ليلة الانتخابات، نتيجة ترتيب فرز بطاقات الاقتراع هناك. ولم يحدث خطأ، لكن نظريات المؤامرة تتكاثر، ويجري الترويج لها الآن على نطاقٍ واسع بواسطة ترامب وحلفائه، مما أدّى إلى مواجهات في أماكن فرز الأصوات بديترويت ومقاطعة ماريكوبا.

ولم تنجح الدعاوى القضائية الصغيرة التي رفعها ترامب لوقف الفرز، لأنّه ليس هناك ما يُبرّر فعل ذلك قانوناً. إذ كانت كافة الدعاوى هامشية وتزعم احتمالية وقوع مخالفات طفيفة- لكنّها لن تقلب نتيجة فوز بايدن بالمجمع الانتخابي على الإطلاق. وفي كافة الولايات التي شهدت انتهاء الفرز حتى الآن، من شبه المستبعد أن تُؤدي إعادة الفرز إلى إحداث أيّ فارق. وباستثناء بعض أدلة الفشل المنهجي في الفرز داخل ولاية مهمة لأصوات المجمع الانتخابي، نجد أنّه من المرجح أن يعكس فرز الأصوات مع نهايته نتائج المجمع الانتخابي النهائية. (وسيكون هذا صحيحاً أيضاً في حال انتزع ترامب الفوز بالمجمع الانتخابي وكان بايدن هو من يبحث عن مدعاةٍ للنزاع القضائي).

التذمر والصراخ

واستراتيجية التقاضي الخاصة بترامب لا تهدف إلى إحداث فارق في النتائج، إلّا في حال كانت بنسلفانيا هي الولاية الحاسمة في المجمع الانتخابي، وكانت الأصوات شديدة التقارب بحيث تعتمد النتيجة على بطاقات الاقتراع المنفصلة التي ستصل خلال الأيام الثلاثة التالية ليوم الانتخابات. وفي الواقع، يُمكن للمرء أن يتخيّل بالسهولة نفسها تأخر ترامب في بنسلفانيا ورغبته في فرز تلك الأصوات (وهي أصواتٌ يجب فرزها على أيّ حال بغض النظر عن هوية المتقدم في السباق).

وفي حال خسارة ترامب قد يتذمّر وتمضي البلاد في طريقها، أو ربما يُحاول الاستمرار في الصراخ مدعياً وجود تزوير لا أساس له من الصحة. وإذا فعل ذلك ستكون مسؤولية الأصوات العاقلة في المجتمع- وبينهم القادة الجمهوريون- أن يطلبوا منه تقبُّل الهزيمة حتى لو لم يستسلم رسمياً. وهذا هو ما حدث مع مات بيفن حين خسر انتخابات منصب حاكم ولاية كنتاكي، إذ تذرّع بالتزوير أثناء خروجه لكنّه عجز عن إقناع الجمهوريين داخل الهيئة التشريعية في الولاية بأن يحرموا الناخبين من أصواتهم.

تقويض شرعية بايدن والعملية الانتخابية

لكن الادعاء الكاذب والمنتشر بسرقة الديمقراطيين للانتخابات سيُستخدم بواسطة ترامب ومؤيديه من أجل تقويض رئاسة بايدن وتقويض ثقة الناخبين من قاعدة ترامب في شرعية العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي حذّر منه كتّاب كبار مثل ريتشارد هاسن في كتابه Election Meltdown منذ وقتٍ طويل. وهذا أمرٌ خطير حين يتم التلاعب به في العملية الديمقراطية، التي تعتمد على قبول الخاسرين لنتائج الانتخابات بوصفها شرعية وموافقتهم على خوض المعركة من جديد في يومٍ آخر.

وليس هناك أدنى شك أنّه في حال خسارة بايدن، فسوف يستسلم ترامب بعد استنفاد كافة السبل القانونية للطعن في التصويت. لكن لا أحد واثقاً من أن ترامب سيفعل ذلك حال خسارته. والسؤال هنا هو كيف ستمضي البلاد قُدُماً في حال واصل ترامب رفضه الذي لا أساس له لفرز الأصوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى