مبادرة “نتكلم” لمساعدة اللاجئين.. منصة إلكترونية تدرّس اللغات وتوفر فرص عمل للمهاجرين حول العالم

استطاعت ألين سارة، وهي أمريكية لبنانية، من خلال إطلاق مبادرة NaTakallam، جمع مئات من اللاجئين، لتعليم اللغات المختلفة عبر الإنترنت، وتوفير فرص عمل لهم، وهي التي أرادت في البداية، من خلال المنصة، أن تساعد السوريين الذين يعيشون في لبنان، والذين يبلغ عددهم الآن ما يقرب من مليون شخص ويتزايد استهدافهم بالقوانين المقيِّدة للعمل.

تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية رصد هذه التجربة ونقل على لسان كل من لويزا ووغ وغيث الحلاق، أنهما شاركا في تدريس اللغات بسبع دول مختلفة من خلال الإنترنت، حيث تستذكر ووغ قائمة الأماكن التي تواصلت فيها عبر الفيديو مع صديقها غيث الحلاق وهي: بريطانيا ومالي والسنغال واليونان.

تدريس اللغة: فيما يسترجع غيث الحلاق، أنه تواصل مع لويزا ووغ من لبنان وفرنسا وإيطاليا، التي يدرس فيها الآن للحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية بجامعة بادوفا، ويقول الحلاق: “كل ما أحتاجه هو اتصال بالإنترنت”.

يدرِّس الحلاق اللغة العربية عبر “نتكلم” NaTakallam، وهي خدمة لتعليم اللغات توفر للناس الفرصة لتعلم لغات مثل العربية والإسبانية والفارسية والفرنسية. الشيء الفريد هو أن خدمة تدريس هذه اللغات جميعها يقدمها لاجئون.

فيما تضم منصة “نتكلم” 770 طالباً و64 معلماً يخوضون فيها دروسهم بالكامل عبر الإنترنت،  وتتحايل الخدمة أيضاً على القيود المفروضة على عمل اللاجئين وطالبي اللجوء في بلدان إقامتهم الجديدة، ما يعني أن بإمكانهم كسب المال من خلالها.

مؤسسة المبادرة: حيث تقول أين سارة، أحد مؤسسي مبادرة “نتكلم” ومديرتها التنفيذية: “أرى حقاً أنها تحل مشكلتين. فاللاجئون يحتاجون تحصيل دخل لهم، لكنهم من دون تصريح عمل، غير أنهم غالباً ما يظلون عالقين منسيِّين في هذا الوضع الانتقالي. على الجانب الآخر، هم لديهم مواهب فطرية بداخلهم تتمثل في لغتهم وحكاياتهم وتجاربهم وثقافتهم، في الوقت الذي يريد فيه كثير من الناس ممارسةً لغوية مرنة. هناك فكرةٌ مفادها أن الناس يرغبون في تدريب ومساعدة اللاجئين، لكن الحقيقة هي أن بإمكانهم هم مساعدتنا”.

المبادرة التي بدأت بتعليم العربية اتسعت تدريجياً لتشمل لغات تتحدثها مجتمعات لاجئين أخرى. يضم فريق المعلِّمين في “نتكلم” متحدثين بالإسبانية نزحوا من فنزويلا وأمريكا الوسطى، ومتحدثين بالفرنسية من بوروندي وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

كذلك تقول سارة: “أجمل شيء هو عندما نعقد اجتماعات كبيرة مع معلمينا عبر تطبيق (زووم)، ونجد مبادرات مثل الفنزويليون وهم يخبرون السوريين بأنهم سيعلّمونهم اللغة الإسبانية، وهكذا”.

دعوات روتينية: توجه مدارس وجامعاتٌ دعوات روتينية إلى معلمين مشاركين في المبادرة للتحدث إلى طلابها، لاستعراض مسائل تاريخية أو تقديم دروس في الشؤون السياسية المعاصرة أو مناقشة التحديات التي تواجه اللاجئين، ويعمل معلِّمو “نتكلم” الآن على إعداد برنامج تعليم اللغة العربية بجامعة نيويورك ويقدمون خدمات الترجمة.

فيما تقول سارة: “نحن نعيش الآن في عالم متشابك عبر الإنترنت ويتعلم الناس فيه اللغات عبر سكايب. وكانت هذه طريقة تتيح للسوريين الحصول على دخل دون أن يأخذوا مكان أي شخص آخر في لبنان، لأن عالم وظائف العمل الحر من المنزل مفتوحٌ للجميع”.

مبادرة جذابة: من ناحية أخرى تعد الشبكة الاجتماعية التي تتيحها المبادرة جزءاً آخر من أسباب الجاذبية للطلاب والمعلمين. تقول سارة: “لدينا شركاء لغويون أعيد تسكينهم عن طريق طلاب لديهم روابط بمنظمات خيرية وغيرها. وأرسل أحد الطلاب جهاز كمبيوتر محمولاً إلى معلِّمه بعد تعطل جهازه. إذ إن جانب الصداقة في العملية بأسرها قوي للغاية”.

كما أن نموذج العمل في “نتكلم” مناسب تماماً لعمليات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا، ووفقاً لمسؤولي المبادرة، زادت نسبة التسجيل في الخدمة بمقدار 106% في شهر مارس/آذار 2020 وبنسبة 185% في شهر أبريل/نيسان 2020، مقارنةً بشهر فبراير/شباط 2020

تقول سارة: “أخبرتني إحدى معلماتنا الفنزويليات بأنها بمفردها في الحجز، وأن طلابها في NaTakallam هم الأشخاص الوحيدون الذين تتحدث إليهم وتتواصل معهم. وهو ما يجعل هذه الحصص الدراسية ثمينة لها من جانب التواصل البشري، وليس فقط على مستوى تحصيل الدخل”.

شريان حياة: أما الحلاق، فقد كانت هذه المبادرة شريان حياة له.

فقد كان مجبراً على العيش بطريقة غير قانونية في لبنان، قبل أن يسمع عن مبادرة “نتكلم”. ومن ثم كان التدريس عبر الإنترنت “هو ما احتاجه بالضبط في الوقت الذي لم يكن لديه وثائق أو أوراق إقامة. وكان العمل من المنزل أفضل من المشي دون أمل في الشوارع”.

وفي عام 2016، أوصله صديق بجمعية خيرية لإعادة توطين السوريين في إيطاليا، والتي رتبت انتقاله بعد ذلك إلى بادوفا، التي التحق بجامعتها بعد ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى