متحف لبنان الوطني.. حارس الذاكرة وشاهد على الحرب الأهلية

اعتلى المتحف الوطني اللبناني منصة فنية افتراضية عكست واقع مبنى يختزن كل مآسي الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

وقدم مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية، مساء الأحد، سهرة عبر الإنترنت بعنوان (المتحف الوطني.. حارس الذاكرة) بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي.

ونظمت مؤسسة المهرجان والقيّمة على المعارض أليس مغبغب هذا الحدث الافتراضي، واختارت المتحف الوطني كونه الشاهد على يوميات الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما.

والمتحف قائم في نقطة استراتيجية عرفت آنذاك بخط التماس الفاصل بين منطقتين لبنانيتين عرفتا الاشتباكات العنيفة.

وعرض المهرجان شريطين للمخرج اللبناني بهيج حجيج (المتحف الوطني.. تحدي النسيان) إنتاج عام 1996 و(المتحف الوطني…إعادة إحياء) إنتاج عام 2016.

في الفيلم الأول يسبر المخرج أغوار الحرب الأهلية وجنونها وتأثيرها على اللبنانيين، ويصوّر المتحف الوطني من منظار عشرات اللبنانيين الذين عايشوه بطريقة مختلفة وكانت لكل واحد منهم ذكرياته مع هذا المكان المحوري.

وتقول: “لم يكن يمر أكثر من نصف ساعة على توقف القتال حتى تعود الحياة وكأن شيئا لم يكن”.

 النقطة القاتلة 

وكانت تجربة المتحف بالنسبة إلى البعض الآخر مريرة جدا، إذ كان اللبنانيون شهودا على موت الأبرياء في هذه النقطة القاتلة وعلى الذل الذي عاشه السكان ليحصلوا على القليل من البنزين أو ربطة خبز.

وقال رجل في الفيلم “كان البعض ينتظر ساعات طويلة لينقل له أحدهم من المنطقة الثانية القليل من البنزين أو الخبز لإطعام عائلته”.

ويركز الفيلم الوثائقي على الكنوز الأثرية في المتحف وإعادة ترميم المبنى ابتداء من عام 1995 عندما أجمع اللبنانيون على هذا الرمز الذي يجسد هويتهم وإرثهم وآمالهم.

ويذهب المشاهد في رحلة شاعرية تصحبها موسيقى المؤلف اللبناني زاد ملتقى في الطابق السفلي في المتحف الذي بقى مقفلا حتى عام 2016 وهو مكرس للفن الجنائزي ويمتد على مساحة 700 متر مربع.

أما الفيلم الثاني فيواكب عملية ترميم وإعادة تأهيل المتحف بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990.

وقالت مغبغب لرويترز: “العمل عبر الإنترنت أصبح اليوم جزءا لا يتجزأ من العملية الإبداعية.. وأنا بطبيعة الحال أريد أن أواكب التطور وأن أكمل المسيرة الثقافية والفنية.

 درس رائع للأمل

وقالت آن ماري عفيش إن الشريط الأول يلخص مرحلتين محوريتين في حياة المتحف بحيث نكتشف أن الدمار يمكن أن يتحول درسا رائعا للأمل، كما نتعرف على المجموعات الأثرية الضخمة في المتحف.

وأضافت: “من المؤكد أن المتحف كان منزلا للمقاتلين الذين عاشوا فيه لفترة طويلة، ومع ذلك لم يعرضوه للتخريب. كان واضحا أنهم لم يرغبوا في تدمير المكان. أرادوا فقط إنجاز العمليات المطلوبة منهم. حافظنا على بعض اللمسات التي تذكر هذه الحقبة إذ إنها تساهم بدورها في رواية قصة المتحف. عندما عدنا إلى المتحف شاهدنا الأسرّة والكراسي”.

وتحدثت عفيش عن مرحلة إعادة الترميم التي استمرت حتى عام 1999 وقادها فريق عمل صغير يحفزه الشغف وسلطت الضوء على الرطوبة وهيمنة المياه على الطبقة السفلى.

وقالت: “الشريط يوثق مختلف المراحل التي عاشها المتحف. وفريق عملنا الصغير عاش لحظات مؤثرة وقوية جدا”.

اختصاصية الترميم إيزابيل ضومط سكاف قالت إن الهدف خلال إعادة ترميم المتحف لم يكن إعادة المبنى بحالة جيدة أو محو آثار ما مر به من تقلبات وإنما المحافظة على حياة الآثار “وتزويدها بالاستقرار الذي تحتاج إليه لتحيا مطولا”.

وأضافت “كان على فريق العمل أن ينقل الآثار ببطء شديد لأنها لا تستطيع أن تتحمل التغيرات المفاجئة كما أنها كانت مغمورة في المياه وكان على هذا الفريق أن ينشفها (يجففها) بطريقة مدروسة جدا.. وأنا مسرورة للقول بأننا أنقذنا كل الآثار في الطبقة السفلية”.

وأوضح المخرج حجيج أنه أصر على تزويد الشريط الأول بالتفاصيل الصغيرة التي تروي قصص الناس وعبورهم المنطقة الاستراتيجية خلال الحرب والصعاب التي مروا بها.

واعتبر حجيج أن الشريطين هما في الدرجة الأولى عمل دقيق يتناول الذاكرة والتراث، “وهي فرصة لتقديم التحية لحارس الذاكرة المتحف الوطني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى