محاولات «فاشلة» من ترامب لمنع تصاعد أزمة المكالمة لكنه يبحث الآن عن «صفقة»

نقلت صحيفة The New York Times الأمريكية، عمّا قالت إنها مصادر مُطّلعة، إن البيت الأبيض ورجال المخابرات الأمريكية كانوا يخططون الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول لإصدار نسخة منقحة من شكوى الشخص المبلغ عن مخالفة ترامب، التي ساعدت في إشعال حملة إقالة الرئيس ترامب، ولتمكين المبلّغ عن المخالفة من التحدث مع محققي الكونغرس.

البيت الأبيض يحاول احتواء أزمة مكالمة ترامب مع رئيس أوكرانيا

وحسب الصحيفة الأمريكية، فقد كان التحرك نحو الكشف عن مزيد من المعلومات التي طلبها الديمقراطيون جزءاً من محاولة أكبر من جانب الإدارة لإخماد الدعوات المتزايدة لإقالة الرئيس ترامب، وأصبح هذا التحرك علنياً بعد أن أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي عن بدء إجراءات العزل رسمياً.

وقالت نانسي لزملائها الديمقراطيين إن الرئيس قال في اتصال خاص أجرته معه يوم الثلاثاء، إنه غير مسؤول عن حجب شكوى المبلغ عن المخالفة عن الكونغرس، وفقاً لنواب ديمقراطيين.

والمضمون الدقيق لشكوى المُبلِّغ لم يُعلَن عنه، إلا أن المفتش العام لأجهزة الاستخبارات وجد أن الشكوى عاجلة وتتسم بالمصداقية، ويُقال إنها تتطرق إلى ترامب وأوكرانيا. فيما قال أشخاص مطلعون إن الإدارة كانت تمرر الشكوى من خلال عملية رفع السرية، وخططت لإصدار نسخة منقحة منها في غضون أيام.

وقُدمت في 12 أغسطس/آب، بعد عدة أسابيع من حديث ترامب عبر الهاتف مع الرئيس الأوكراني الجديد، فولوديمير زيلينسكي، ولم يُفصح عن هوية مقدمها.

وكانت المكالمة تضمَّنت رغبة ترامب في البحث عن إدانة لنجل جو بايدن

وقد أقرّ ترامب بأنه خلال مكالمته مع زيلينسكي، أثار الحديث عن مطلبه القديم لأوكرانيا بالتحقيق مع نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن جونيور وابنه الأصغر، هانتر بايدن، الذي كان يعمل في أوكرانيا في أثناء وجود والده في المنصب، ويؤدي دوراً قيادياً في الدبلوماسية مع أوكرانيا.

وكان الرئيس ومساعدوه قد رفضوا في البداية طلبات الكونغرس لفحص الشكوى، ما أثار انتقادات شديدة من الديمقراطيين في مجلس النواب، لكن مع تزايُد الضغوط في مجلس النواب لبدء إجراءات العزل، خلص مسؤولو الإدارة إلى أن الإصرار على الرفض سيضعهم في موقف سياسي لا يُحسدون عليه.

ويرون أن ظهورهم بمظهر من يرفض التعاون مع الكونغرس يمكن أن يلحق بهم ضرراً أكبر من شهادة المبلغ عن المخالفة. وقال أشخاص مقربون من الرئيس إن ترامب يعتقد أن الادعاءات المزعومة عنه لا تدينه كما تم تصويرها، وأن الكشف عنها سيؤدي إلى تقويض إجراءات العزل.

وتسببت المكالمة في بدء الديمقراطيين النقاش حول عزل ترامب

أما داخل البيت الأبيض، فقد بدأ تبادل الاتهامات حول كيفية تدهور الوضع إلى درجة يُعلن معها عن إجراء تحقيق رسمي للعزل، على حد تعبير أشخاص مطلعين على الوضع.

إذ ألقى بعض منتقدي ميك مولفاني، القائم بأعمال رئيس موظفي البيت الأبيض، اللوم عليه لعدم تعامله مع الأمور بحزم أكبر. لكن معظمهم ألقوا باللوم على رودولف جولياني، المحامي الشخصي للرئيس، بسبب محاولاته المستميتة لإيجاد ما يدين آل بايدن في أوكرانيا، وإقحام نفسه في تعاملات رسمية مع مسؤول أوكراني من خلال وزارة الخارجية، وكذلك بسبب تصريحاته العامة حول محاولاته تلك.

وكان مستشار الأمن القومي المُقال حديثاً، جون بولتون، يشعر بقلق عميق إزاء تورط جولياني في مسائل الأمن القومي، وفقاً لشخص مطلع على أفكاره. ومن غير الواضح إن كان قد أثار هذا الموضوع مع ترامب أو جولياني أم لم يفعل.

كان قرار الإدارة بالبحث عن سبل لنزع فتيل التوتر حول المُبلغ عن المخالفة بمثابة تحول جذري، إذ بعث محامو أجهزة الاستخبارات برسالة إلى محامي المُبلغ عن المخالفة يوم الثلاثاء، مشيرين فيها إلى أن مكتب المفتش العام لأجهزة الاستخبارات يحاول العمل على بعض القضايا التي من شأنها السماح للمبلغ عن المخالفة بالتحدث مع الكونغرس.

وكان أندرو باكاج، أحد محاميّ المبلغ عن مخالفة ترامب، قد أرسل خطاباً إلى مدير الاستخبارات الوطنية في وقت سابق من يوم الثلاثاء، يقول فيه إن موكله أراد مقابلة أعضاء الكونغرس ولكنه كان يحتاج إلى موافقة المكتب.

وقال باكاج وتشارلز ماكولو الثالث، وهو محام آخر يمثل المبلغ عن المخالفة: «إننا نحيي قرار السماح بإصدار شكوى المُبلِغ لأنه يثبت أن إجراءات المبلغ القانونية للكشف عن المخالفات يمكن أن تنجح في نهاية المطاف».

وقد بحث جهاز الاستخبارات مع البيت الأبيض كيفية معالجة الأزمة 

وقد أجرى محامو أجهزة الاستخبارات مناقشات مع البيت الأبيض ومسؤولي وزارة العدل حول الطريقة التي يمكن بها للمبلغ عن المخالفة مشاركة شكواه دون التعدي على صلاحيات مثل الامتياز التنفيذي.

إن السماح للمبلغ عن المخالفة بمقابلة محققي الكونغرس من شأنه أن يوفر له فرصة للحديث عن بعض التفاصيل في الشكوى التي قدمها على الأقل، حتى لو لم يُسلَّم المستند الكامل إلى الكونغرس.

قال جوزيف ماغوير، القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية، يوم الثلاثاء، إنه سيتعاون مع الكونغرس والإدارة لإيجاد حل لأزمة إطلاع الكونغرس إلى الشكوى.

ورد ماغواير في تصريح شديد اللهجة على تأكيد نانسي بيلوسي بأنه تصرَّف بشكل غير قانوني بحجبه شكوى المبلغ عن المخالفة عن الكونغرس.

وقال ماغواير: «في ضوء التقارير الأخيرة عن شكوى المبلغ عن المخالفة، أود أن أوضح أنني أتمسك بمسؤوليتي في اتباع القانون في كل خطوة أتخذها».

وبدا أن ماغواير يدافع عن المبلغ عن المخالفة أيضاً، إذ قال إن جميع أعضاء وكالات الاستخبارات في البلاد «يتحملون مسؤولية فعل الصواب الجسيمة، التي تشمل الإبلاغ عن المخالفات».

خاصة أن البيت الأبيض حاول منع وصول المكالمة وتفاصيلها إلى الكونغرس

كانت الإدارة قد منعت في الأصل وصول شكوى المبلغ عن مخالفة ترامب إلى الكونغرس على أساس أنها لا تفي بالتعاريف القانونية لمسألة في إطار صلاحيات مكتب مدير الاستخبارات الوطنية.

لكن بحلول يوم الثلاثاء، كانت الإدارة تعمل على عدة جبهات للكشف عن العناصر الرئيسية للمحتوى الذي يطالب به الديمقراطيون في الكونغرس. وقال ترامب أثناء حضوره اجتماعات في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إنه سيصدر نسخة من نص المكالمة الهاتفية التي أجراها يوم 25 يوليو/تموز مع زيلينسكي.

وقال شخص مطلع إن قرار إصدار نسخة من نص المكالمة سهّل عملية البحث عن حل وسط بشأن المبلغ عن المخالفة. لكن المعلومات الواردة في الشكوى تتجاوز نص المكالمة، ما يعني أنه ما تزال ثمة مشكلات محتملة تتعلق بالامتياز التنفيذي للبيت الأبيض وتحتاج إلى حل، على حد قول هذا الشخص.

ورفضت متحدثة باسم مكتب مدير المخابرات الوطنية التعليق

قبل أن تصبح المواجهة حول شكوى المُبلِغ علنية، حاول ماغواير التوسط لإيجاد حل وسط يسمح للكونغرس بالاطلاع على بعض أو كل المعلومات لحل الأزمة.

وقال أصدقاء ماغواير إنه شعر بأنه عالق بين واجبه إبلاغ الكونغرس من جهة ومستشاريه القانونيين ووزارة العدل من جهة أخرى. إذ قالوا إنه من غير المسموح له قانوناً مشاركة المعلومات.

جاءت مداولات البيت الأبيض في الوقت الذي أعلن فيه الديمقراطيون أنهم يمضون قدماً في تحقيق رسمي لعزل ترامب.

ويعتقد الرئيس، وفقاً لأشخاص مقربين منه، أن الديمقراطيين يبالغون في تقدير قوتهم، وأنه فور إصدار نص المكالمة، سيَثبُت أنها لا تمثل مشكلة بالنسبة له.

ولكن يُقال إن شكوى المبلغ عن المخالفة تتعدى مكالمة هاتفية واحدة، فقد أجرى ترامب ما لا يقل عن مكالمة هاتفية أخرى مع زيلينسكي، في 21 أبريل/نيسان الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى