مع الاجتياح التركي المرتقب شرق الفرات: نزوح كثيف… والحسكة مهددة بالموت عطشا
أكد مصدر صحفي في الحسكة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية والتنظيمات الكردية التابعة لها من القاعدة العسكرية التي تم إنشاؤها حديثاُ (ومن محيطها) في قرية تل الأرقم جنوب غربي مدينة رأس العين، وسط توجس من عدوان للقوات التركية ومسلحين “تركمان” تابعين لها في فصائل (السلاطين) ينضوون فيما يسمى تنظيم “الجيش الحر”.
قال المصدر إن قوات الاحتلال الأمريكي انسحبت من القاعدة العسكرية التي تم إنشاؤها حديثاُ في قرية تل الأرقم (9 كم جنوب غربي مدينة رأس العين)، والتي أنشأت كنقطة مراقبة أمريكية تطبيقا للاتفاقات مع تركيا حول ما يسمى مشروع “المنطقة الآمنة”، كما أكد انسحاب قوات أمريكية أخرى من عدد من النقاط العسكرية مع اختفاء كامل للوجود العسكري لقوات جيش الاحتلال الأمريكي وحلفائه فيما يسمى “التحالف الدولي” وتنظيم “قسد” الموالي له من شوارع مدينة رأس العين.
وأوضح المصدر أن طائرات أمريكية حامت لساعات طويلة ليل الأحد وفجر الإثنين في سماء مدينة رأس العين وضواحيها وذلك على ما يبدو لتأمين انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي إلى قواعدها داخل الأراضي السورية في بلدة “تل بيدر” ومنتجع “لايف ستون” وغيرها…
وأضاف المصدر أن مدينة رأس العين شمالي محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، تشهد منذ ساعات الصباح الأولى حركة نزوح كبيرة للسكان ضمن أرتال طويلة من السيارات والشاحنات، باتجاه مدينتي الحسكة والقامشلي والريف القريب منهما، وذلك بعد ساعات من إعلان تنظيم ” قسد” الموالي لجيش الاحتلال الأمريكي انسحاب كل القوات الأمريكية من نقاطها في محيط المدينة القريبة من الحدود السورية – التركية، وهو ما رأى فيه الأهالي ضوءا أمريكيا أخضر لاجتياح الجيش التركي والفصائل الإرهابية الموالية له للمدينة.
ونقل عن مصادر محلية داخل مدينة رأس العين تأكيدها رفض عدد من السكان النزوح من منازلهم خوفاً عليها من السرقة أو السيطرة عليها من قبل فصائل ما يسمى “الجيش الحر” التابع لتركيا، الذي بدأ بتجميع صفوفه داخل الأراضي التركية استعدادا لاقتحام المدينة.
الاجتياح التركي يهدد الحسكة بالموت عطشاً
ولفت المصدر إلى أن مدينة رأس العين الحدودية تحتوي على منابع مياه الشرب للحسكة وريفها ولبلدة تل تمر وضواحيها، حيث تضم المدينة ( مشروع أبار علوك) المكون من 34 بئراً ارتوازياً كبيراً، وهذا الأمر سيكون في حال وقوع اجتياح تركي بمثابة خطر يهدد حياة مئات الألوف من السكان إذا انقطعت مياه الشرب، حيث يصل إنتاج الآبار بالمياه من 75 ألف م3 إلى 90 ألف م3 من مياه الشرب، وهي حاجة مدينة الحسكة وضواحيها وبلدة تل تمر وقراها من مياه الشرب.
عشائر الحسكة: أي اجتياح تركي هو نتيجة لتآمر “قسد”
بدوره أدان رئيس مجلس شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل السورية في محافظة الحسكة الشيخ ميزر المسلط في تصريح صحفي كل أشكال الاتفاقات والتفاهمات بين الدول الغربية على حساب سيادة ووحدة سوريا، متهماً تنظيم “قسد” بالتخلي عن واجباته بالدفاع عن الأراضي السورية، وبإهمال النصائح التي قدمت لقيادته سابقاً بضرورة فك الارتباط مع قوات الاحتلال الأمريكي، وبضرورة اندماجه تحت قياد الجيش العربي السوري في المنطقة.
وأشار الشيخ المسلط إلى أن ما يتم الحديث عنه من اجتياح تركي وشيك لمدينتي رأس العين شمالي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة والتي هي مناطق عربية بامتياز هو أمر فيه الكثير من التآمر الذي بدأه تنظيم قسد على عروبة المناطق الحدودية واليوم يسلمها على طبق من ذهب للمحتل التركي.
بدوره، اعتبر الخبير في الشؤون الكردية والمقيم في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا الدكتور فريد سعدون في تصريح صحفي أن القرار الأمريكي الانسحاب من المناطق الحدودية مع تركيا ليس” مفاجئا ” وهو يندرج في جدول السياسات الأمريكية المعتادة والمعروفة بالتخلي عن حلفائها، فعندما وضهت الولايات المتحدة الأمريكية بموضع الاختيار بين تنظيم ” قسد” وبين تركيا اختارت الأخيرة وذلك لعمق المصلحة المشتركة بينهما.
وتابع الدكتور سعدون “إن مشروع ما يسمى “المنطقة الآمنة” هو عبارة عن منطقة نفوذ تركي لتنفيذ الأجندات التركية واحتلال مناطق سورية جديدة بمباركة أمريكية وبموافقة “كردية” كما حدث في عفرين بريف حلب، مؤكداً أن الجيش التركي سيحتل مناطق داخل الأراضي السورية بعمق لا يقل عن 30 كم، في حين سيتركز جهد قوات “قسد” في المناطق الجنوبية خاصة جنوب الحسكة وصولاً إلى حقل العمر النفطي في دير الزور.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أعلنت في بيان لها صباح اليوم إنه “رغم الجهود المبذولة من قبلنا لتجنب أي تصعيد عسكري مع تركيا، والمرونة التي أبديناها من أجل المضي قدما لإنشاء آلية أمن الحدود، وقيامنا بكل ما يقع على عاتقنا من التزامات في هذا الشأن، إلا أن القوات الأمريكية لم تف بالتزاماتها وسحبت وحداتها من المناطق الحدودية مع تركيا”، مشيرة إلى أن “تركيا تقوم الآن بالتحضير لعملية غزو لشمال وشرق سوريا”.
وأضاف البيان أن “هذه العملية العسكرية التركية في شمال وشرق سوريا “سيكون لها الأثر السلبي الكبير على حربنا ضد تنظيم “داعش”، وستدمر كل ما تم تحقيقه من حالة الاستقرار خلال السنوات الماضية”.