مكاسب الوباء… كم ستجني شركات الأدوية من بيع لقاح كورونا؟
لكن الآن، بدأ توزيع لقاحات عديدة في أماكن مختلفة من العالم، بما في ذلك أمريكا والصين وروسيا وأوروبا ودول عربية وغيرها، بعد إخضاع هذه اللقاحات لدراسات وتجارب موسعة لقياس مدى نجاحها ودرجة أمانها.
بالعودة إلى الأيام الأولى للخوف المصاحب للجائحة، سيطر الحديث عن نظرية المؤامرة على الكثيرين، بين مشكك ومتهم. الآن وبعد أن أصبح الوباء أمرا واقعا لا بد من مواجهته بغض النظر عن أسبابه، تتجه الأنظار والتساؤلات إلى شركات الأدوية المطورة للقاح الذي يمثل أمل البشرية في تفادي “كوفيد 19”.
نتيجة لذلك، يتوقع محللو الاستثمار أن اثنين من هذه اللقاحات على الأقل، طورت أحدهما شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية “مودرنا” والآخر من ابتكار “فايزر” الأمريكية وشريكتها “بيو إن تك” الألمانية، من المرجح أن يدروا مليارات الدولارات في العام المقبل.
مع ذلك، ليس من الواضح مقدار ما يستعد صانعو اللقاحات حقا للاستفادة منه بعد ذلك، وبفضل الطريقة التي تم بها تمويل هذه اللقاحات وعدد الشركات التي انضمت إلى السباق لصنعها، فإن أي فرصة لتحقيق أرباح كبيرة قد تكون قصيرة الأجل.
مخاوف الاستغلال
في حين أن تطوير لقاح “كوفيد- 19” يمكن أن يدر مليارات الدولارات لبعض شركات الأدوية مثل “فايزر”، فإن المخاوف بشأن الاتهامات باستغلال الوباء من المرجح أن تخفف من الأرباح، وفقا لتقرير لشبكة “سي بي سي” الكندية.
قال تينجلونغ داي، الأستاذ المساعد لإدارة العمليات وتحليلات الأعمال في كلية كاري للأعمال بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور: “ليس من المنطقي حقا الاستفادة من هذا الوباء”.
وتابع: “هذا هو الوقت المثالي لشركات الأدوية لتطوير أسهم علامتها التجارية، مما يخدمها جيدا لتحقيق أرباح على المدى الطويل. على المدى البعيد، المهم حقا لمصنعي الأدوية هو قيمة العلامة التجارية. لذلك يثق الناس بشركة فايزر على سبيل المثال”.
فيما قال فاميل ديفان، كبير محللي أبحاث المستحضرات الصيدلانية الحيوية في شركة “ميزوهو سيكيورتيز”، إنه يعتقد أن هذه الشركات تدرك تماما الحاجة إلى أن تكون مسؤولة عن التسعير وعدم زيادة الأسعار.
وأردف:
أعتقد أنهم يعتقدون أنه من المناسب استعادة الاستثمار الذي قاموا به. لكني أتصور أنهم سيكونون منطقيون بشأن ذلك.
أشارت “فايزر” و”مودرنا”، اللتان أعلنتا نتائج الاختبارات التي تظهر أن لقاح فيروس كورونا الخاص بهما فعال بنسبة 95%، إلى أنهما ستحققان (بعض) الأرباح من مشاريعهما.
ومع ذلك، تعهدت بعض الشركات الأخرى، بما في ذلك “جونسون أند جونسون” و”أسترازينيكا” بعدم الاستفادة من لقاحيهما، على الرغم من أنهما اقترحتا أن يقتصر ذلك على فترة الجائحة فقط.
قالت ستاسي دوسيتزينا، الأستاذة المساعدة في السياسة الصحية في جامعة فاندربيلت، إنه بالنسبة لصناعة لم تكن تحظى بشعبية لدى الجمهور، فهذه فرصة لشركات الأدوية لاستعادة سمعتها الطبية، على الأقل إلى حد ما.
وتابعت: “أعتقد هناك الكثير من أجلهم إذا لم يفسدوا الأمر”. ومع ذلك قالت إنها “متأكدة من أن الجميع سيكسب الكثير من المال”.
المكاسب المتوقعة
نائب رئيس “موديز إنفستورز سرفيس”، مايكل ليفيسك، يرى أنه من الصعب تقدر المكاسب المحققة، قائلا إن هناك بيانات محدودة للغاية من شأنها أن تسمح بتقدير دقيق، مضيفا: “نعتقد أن لقاح فايزر سيحقق أرباحا في عام 2021، لكننا لم نقم بتقدير صريح لهذه الأرباح”.
ما هو معروف أن “فايزر” و”بيو إن تك”، ستبيعان اللقاح بسعر 19.50 دولار، وأن هناك حاجة إلى جرعتين، وستكونان قادرتين على توفير 1.3 مليار حقنة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2021.
وفقا لهذه البيانات، قالت محللة أبحاث الأسهم في “بلومبيرغ إنتلجينس”، سيني تشانغ، إنه خلال عام 2021، قد تحقق الشركتان 24 مليار دولار من الإيرادات، تضمن لها أرباحا بمقدار 7 مليارات دولار لكل شركة، وهو مكسب غير متوقع لهما.
وفي الوقت نفسه، قد تحقق شركة “مودرنا”، التي قالت إنها ستبيع لقاحها بسعر بين 25 و37 دولارا للجرعة، ما يقرب من 30 مليار دولار من الإيرادات، وفقا لتقديرات محلل السوق بيتر كوهان، في مجلة “فوربس”.
قال ديفان إنه بالتأكيد بالنسبة لشركة أصغر مثل “مودرنا”، يمكن أن يغير اللقاح قواعد اللعبة، في حين أن شركة “فايزر” لا تتوقع تغييرا رئيسيا.
وفقا لداميان كونوفر، مدير أبحاث الأسهم في مجال الرعاية الصحية واستراتيجية الأسهم لشركة الخدمات المالية “مورنينغ ستار”، فإن شركة “فايزر” تحقق عائدات تبلغ نحو 50 مليار دولار سنويا، مع أرباح تصل إلى نحو 16 مليار دولار.
العقود الأولية
تعهدت الحكومات والمنظمات متعددة الأطراف بالفعل بشراء مليارات الجرعات بالأسعار المحددة، ووفقا لتقرير لـ”بي بي سي” ستحقق الشركات التي تعاقدت مع الدول الغنية عائدا على استثماراتهم قريبا. لكن بعد الوفاء بهذه العقود الأولية، من الصعب التنبؤ بالشكل الذي سيبدو عليه المشهد الجديد للقاح.
يعتمد ذلك على العديد من الأشياء، مثل إلى متى تستمر المناعة لدى أولئك الذين تم تطعيمهم، وكم عدد اللقاحات الناجحة التي تظهر في المشهد وما إذا كان الإنتاج والتوزيع يسيران بسلاسة. يعتقد مصرف “باركليز” أن نافذة تحقيق الأرباح ستكون “مؤقتة للغاية”.
حتى لو لم تشارك الشركات حقوق الملكية الفكرية الخاصة بلقاحاتها، فهناك بالفعل أكثر من 50 لقاحا في التجارب السريرية حول العالم، وفي غضون عامين يمكن أن يكون هناك 20 لقاحا في السوق، وسيكون من الصعب فرض سعر أعلى.