مكتبة إلكترونية للمكفوفين في عدن اليمنية.. القراءة ممكنة
“لم يكن ممكنًا رؤية كفيفٍ أو أصم يتردد على مكتبةٍ، لكن قريبًا يمكن لهذه الفكرة أن تتحقق”.. بهذه الكلمات يثق الشاب اليمني الكفيف هاشم اللحجي بإمكانية أن يصبح حلم امتلاك أصحاب الهمم من فاقدي البصر، في مدينة عدن اليمنية، لمكتبةٍ تلائم احتياجاتهم، حقيقةً ملموسة.
ويضيف: “بسبب امتحانات الفصل الجامعي الثاني، تخلفت عن الالتحاق بركب نظرائي المكفوفين، ممن شاركوا في الورشة التدريبية لتعلم مهارات القراءة بطريقة “برايل” العالمية”.
كانت تلك الورشة تمهيدًا لافتتاح مكتبةٍ خاصة لذوي الهمم في محافظتي لحج وعدن (جنوب اليمن) حتى يستطيعوا الاستفادة من خدمات المكتبة والتردد عليها.
عبّر هاشم اللحجي عن أسفه لعدم استفادته من الورشة، لكنه لم يتحسر كثيرًا؛ كونه سبق أن شارك في تدريبٍ مماثل ذات مرة في محافظة تعز، وهو قادر الآن على القراءة بطريقة “برايل”، وبفضل ذلك التحق بقسم الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب، جامعة عدن.
ورغم أسفه إلا أن الشاب الكفيف ينتظر بلهفةٍ موعد افتتاح المكتبة، التي من المقرر أن تحوي كتبًا ومراجع، تُقرأ بالطريقة التي تدرب عليها؛ حينها فقط يمكنه الاستمتاع بالقراءة.
ومشروع المكتبة المزمع إقامته، تبناه مركز المرأة للبحوث والتدريب التابع لجامعة عدن، من خلال تنفيذ ورشتين تدريبيتين، الأولى لنحو 25 من شريحة الصم والبكم في مدينة عدن، والأخرى لما يقارب 25 آخرين من مكفوفي محافظة لحج.
وحظيَ المشروع بتمويلٍ من منظمة شركاء اليمن الدوليين، ومن المتوقع أن يكون هذا التمويل بالشراكة مع صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، التابع للحكومة اليمنية، وما الورشتين سوى مرحلة أولى لإنشاء المكتبة المرتقبة.
وتشير رئيسة مركز المرأة للبحوث والتدريب بجامعة عدن الدكتورة هدى علوي لـ”العين الإخبارية” إلى أن فكرة إنشاء مكتبة إلكترونية لذوي الهمم، نبعت من خلال إطلاع المركز على تجارب مماثلة في المملكة العربية السعودية وعدة دول أخرى.
وأكدت الدكتورة علوي أن المكتبة ستحتضنها كلية الآداب بجامعة عدن؛ بحكم تواجد نسبة كبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة ملتحقين بأقسامها العلمية والإنسانية والاجتماعية.
ولفتت رئيسة مركز المرأة للبحوث إلى أن المكتبة ستكون بمثابة هدية من جامعة عدن ومراكزها العلمية المتخصصة للطلاب من أصحاب الهمم المنتسبين والملتحقين بكلية الآداب.
من جانبها، أوضحت المدربة في مجال لغة الإشارة والمدير التنفيذي لمؤسسة رموز للصم، إيمان عمر هاشم، أن الهدف الذي تم اسقاطه على ورشة تدريب فئة الصم والبكم يتوافق مع مشروع فتح مكتبة لذوي الهمم.
وأضافت أنه سيتم تعليم الصم والبكم وتمكينهم من القراءة والكتابة على طريقة الإشارة الوصفية والأبجدية الإشارية.
كما أكدت أن هذا التدريب سيساعد على التحاق من يريد من الصم والبكم بالدراسة الجامعية، مشيرةً إلى صعوبة تدريب هذه الفئة على القراءة والكتابة؛ لأنهم يعتمدون على تحويل الإشارات إلى رموز وليس حروف أو كلمات، على عكس فئة المكفوفين الذين يقرأون عبر طريقة برايل.
ويقدر الاتحاد الوطني للمعاقين اليمنيين أعداد ذوي الإعاقة في اليمن بنحو 3.7 ملايين شخص، وفق آخر تقارير الاتحاد المعلنة.
وتضمنت تقارير اتحاد المعاقين اليمنيين الإشارة إلى أن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين في اليمن هي من أعلى النسب على مستوى العالم، حيث تصل إلى ما يتراوح بين 10% و13 % من عدد السكان.
كما أشارت المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في شئون المعاقين إلى أن ما بين 50 – 100 شخص ينضمون يوميًا إلى فئة ذوي الإعاقة في اليمن بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ 6 سنوات.
وتحدثت تقارير الاتحاد الوطني للمعاقين اليمنيين عن أن الحرب خلفت أكثر من 56 ألف معاق حركيًا وذهنيًا على الأقل.
وفي ظل هذه الأعداد الهائلة للمعاقين، تسعى المؤسسات والجمعيات الحاضنة لهم إلى تقديم ما تستطيع وفق إمكانياتها لرعايتهم وخدمتهم، بحسب المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، محمد الشاعري.
الشاعري قال إن الصندوق يقوم بتأهيل ذوي الهمم بمختلف شرائحهم في العديد من المهارات العلمية والحرفية، بالإضافة إلى التكفل بدفع رسوم دارستهم الجامعية، ومستلزمات الالتحاق بالتعليم الأساسي.