مليارات العراق المهربة إلى الخارج.. بغداد تطارد السراب
رغم تأكيدات متتالية من أطراف حكومية مختلفة بضرورة استردادها، لا تزال الأموال العراقية المهربة والمجمدة في الخارج بعيدة المنال.
ولا يُعرف رقم حقيقي لحجم الأموال، إذ تتضارب الأرقام الحكومية والشعبية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وبينما قدرتها لجنة النزاهة البرلمانية بنحو 340 مليار دولار، قال آخرون في مواقع حكومية إنها تتجاوز 500 مليار دولار.
وتتوزع تلك الأموال ما بين عهدين ضمن حقب زمنية مختلفة، حيث يقع منها ما قبل 2003، خلال نظام صدام حسين، وهي مرصودة بأسماء شخصيات وعناوين مسؤولة في الدولة، فيما يمثل الجانب الأكبر منها ما بعد ذلك التاريخ والتي تقدر بنحو 360 مليار دولار.
كان مصطفى الكاظمي، الذي تسلم رئاسة الوزراء في مايو/أيار الماضي، قد تعهد بالسعي لاسترداد تلك الأموال، فيما رأت مصادر حكومية صعوبة ذلك في الفترة القريبة.
وهدفت بغداد من خلال تعديل قانون استرداد الأموال المهربة، في نهاية الشهر الماضي، إلى السعي بشكل آخر لعودة الأموال الهائلة خارج البلاد.
ويقضي التعديل الأخير للقانون، بحسب إسماعيل الحديدي، مستشار رئيس الجمهورية، بأن يتم تكليف شركات عالمية متخصصة في استرداد الأموال مقابل “أجر” ، والتأكيد على ضرورة الحصول على دعم دولي لتعزيز تلك الجهود.
وتذهب بعض الآراء إلى أن عملية استرداد تلك الأموال موضوع يتعلق بجوانب سياسية أكثر من كونها خطوات فنية، كما يقول عضو لجنة النزاهة النيابية عبد الأمير المياحي.
وقال المياحي:”ما يبذل في موضوع استرداد تللك الأموال لا يتناسب مع ضخامتها”.
وحول آخر تطورات هذا الملف الغامض، قال إن هيئة النزاهة قد فشلت في فتح قنوات تفاهم وحوار مع بعض الدول التي سجلت فيها بعض من هذه الأموال ”
ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، إن استرداد الأموال المهربة وتحرير المجمدة منها، ملف ليس بالسهل ولا اليسير ويحتاج إلى سنوات.
ويؤكد أن أغلب تلك الأموال تفتقد الأوراق الثبوتية التي تدل على أنه تم تهريبها من العراق كون أن ملابساتها جرت بحرفية عالية حتى يضيع أثرها.
النائب طلال الزوبعي، ورئيس لجنة النزاهة النيابية في الدورة السابقة، يؤكد أن هناك تحركات جارية لملاحقة الأموال عبر دوائر عدة.
ويبين الزوبعي أن “هناك العديد من اللجان المشتركة من ديوان الرقابة وهيئة النزاهة والخارجية ورئاسة الوزراء لمتابعة الأموال تم استرداد بعض من تلك الأموال خلال عامي 2015 و2016.
ويتوقع الزوبعي، أن يتم قريباً استرداد بما لا يقل من 30 مليار دولار من تلك الأموال، مضيفا: “هناك تحركات عاجلة وجهود متواصلة من قبل الفريق المكلف لمتابعة الملف”.
مافيا الفساد
ويشير الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد فهد الساري إلى أن قضية استرداد الأموال المهربة تمثل حالة صدام مباشر مع من وصفهم بـ” قوى اللادولة” التي تسللت إلى منصات القرار السياسي والسيادي في البلاد ما بعد 2003.
ويستبعد الساري أن تكون للحكومة الحالية قدرة على فتح جبهة مع تلك القوى في ظل التحديات التي يعشيها العراق.