مهام الجيش وأزمة ليبيا.. تبون يكشف السيناريوهات المقبلة

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الجمعة، عن رؤيته للنقاشات الدائرة مؤخراً حول مسودة التعديل الدستوري وكثير من النصوص القانونية التي أثارت الكثير من الجدل، بينها المهام الخارجية للجيش التي أكد بأن الهدف منها “خروج الجزائر من تقوقعها العسكري والاستراتيجي لحماية أمنها القومي”.

وفي خامس مقابلة تلفزيونية له مع وسائل الإعلام المحلية منذ انتخابه رئيساً للبلاد نهاية العام الماضي، تحدث الرئيس الجزائري أيضا عن الأزمة الليبية وأطرافها التي تستغل الفوضى وتحاول تحويل ليبيا إلي السيناريو السوري.

الخروج من “التقوقع العسكري”

وفيما يتعلق بمسألة المهام الخارجية للجيش التي كانت من أكثر النقاط الجدلية في الشارع الجزائري، شدد الرئيس عبد المجيد تبون على أن الجيش الجزائري “مسالم وليس له أهداف عدائية أو عدوانية”، مشيراً إلى مشاركته في عدة مناسبات تحت راية الأمم المتحدة وتحت إجماع القومية العربية في إشارة إلى مشاركته في الحربين العربية الإسرائيلية (1967 – 1973).

كما فند أن يكون للجيش الجزائري “أهداف للتدخل في صراعات إقليمية” في إشارة إلى الأزمة الليبية.

ونوه بأن بلاده بحاجة إلى “الخروج من قوقعتها تحت مظلة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة”، وبأنها تسعى لأن تكون المهام الخارجية للجيش “بشفافية من خلال دستور وسياسيات شفافة حتى يندمج الجيش مع القواعد الدولية وأن يكون خروجه بصفة ديمقراطية”.

وكما انفردت به “العين الإخبارية” في تقارير سابقة مع خبراء ومحللين جزائريين، فقد أشار الرئيس الجزائري إلى أن بلاده تبحث عن “ضمان الشرعية القانونية” قبل اتخاذ قرارات بإرسال قوات عسكرية في مهام خارجية.

وأشار تبون أيضا إلى مفهوم “العقيدة الاستباقية أو الدفاع المتقدم” وفق ما كشف عنه خبراء في وقت سابق لـ”العين الإخبارية”، وتحدث عن وجود عقيدة لدول أخرى تتمثل في أن “الهجوم أفضل وسيلة للدفاع”.

وأعطى أمثلة عن ما يسميه الخبراء “عراقيل قانونية كبلت الجيش الجزائري” بينها الهجوم الإرهابي على منشأة تيغنتورين الغازية جنوب البلاد في 2013، حيث قال إن “فلسفة الجزائر العسكرية منعتها من تتبع الإرهابيين”.

وشدد الرئيس الجزائري على أن “أي عمليات عسكرية لحماية الأمن القومي للبلاد ومحاربة الإرهاب” تكون “بالاتفاق مع دول الجوار وبموافقة برلماناتها”، وهو أشار له خبراء أمنيون في تصريحات لـ”العين الإخبارية”.

ووصف الضوابط التي حددتها مسودة الدستور بـ”الخطوة العظمى نحو الديمقراطية كون الجيش يخرج بإرادة الشعب وليس بقرار الرئيس” من خلال اشتراط تصويت ثلثي أعضاء البرلمان.

مناورات عسكرية برية وجوية للجيش الجزائري

نقل السيناريو السوري إلى ليبيا

انتقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عدم التزام أطراف إقليمية متورطة في الأزمة الليبية بمخرجات مؤتمر برلين، واتهمها بـ”إغراق ليبيا بكميات كبيرة من الأسلحة”.

وكشف تبون بأن “دولة لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين يمنع تدفق الأسلحة والمرتزقة، لكن هناك دولة أرسلت بعد شهر 3400 طن من الأسلحة إلى ليبيا” في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وللمرة الأولى، وجه الرئيس الجزائري اتهامات ضمنية لتركيا بـ”نقل السيناريو السوري إلى ليبيا”، وكشف بأنه أبلغ “المشاركين في مؤتمر برلين بأن السيناريو السوري بدأ في ليبيا”.

وأضاف الرئيس الجزائري بأن “نفس الأطراف المتصارعة في سوريا موجودة في ليبيا”، ودعا تبون الأطراف الخارجية المتصارعة في ليبيا إلى “ترك حل الأزمة الليبية لجيرانها”.

واتهم أطرافاً لم يسمها بمحاولة “الزج بالجزائر في المستنقع الليبي وتحاول جرها للدخول عسكرياً إلى ليبيا”.

ودعا تبون الأطراف الليبية إلى وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وشدد على رفضه بلاده “الحل العسكري للأزمة الليبية”، وأشار إلى أن بلاده تقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف.

كما وصف تدخل الجزائر في الأزمة الليبية بـ”التدخل السليم وليس لها أطماع توسعية أو اقتصادية ونهدف لحقن الدم الليبي وحماية حدودنا”.

مشيراً في السياق إلى أن بلاده عاشت تجربة الاقتتال الداخلي سنوات التسعينيات خلال حربها مع الإرهاب، ودعا إلى حل أزمة ليبيا بالمفاوضات بين جميع الأطراف.

نظام جديد “وليد التجربة “

وأخذت مسودة التعديل الدستوري قسطاً كبيراً في مقابلة الرئيس الجزائري مع وسائل الإعلام المحلية، وهي المسودة التي أثارت نقاشاً سياسياً وشعبياً غير مسبوق في البلاد.

وجدد تبون الإفصاح عن هدفه من طرح المسودة للنقاش، وأشار بأن “الهدف الخروج بدستور توافقي”، وكشف عن تمديد فترة نقاشه إلى نهاية الشهر الحالي.

وشدد على أن “النظام الجديد للجزائر يجب أن يكون وليد الثقافة والتجربة والأحداث”، واعتبر بأن “أغلب الجزائريين والمثقفين يتجهون لنظام شبه رئاسي”.

ودافع تبون عن مقترح منصب نائب لرئيس البلاد، وأشار بأنه تم استخلاصه من ظروف عاشتها البلاد ومن حالات كادت تؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها، دلالة على استقالة الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة أبريل/نيسان الماضي.

وأوضح بأن اللجنة التي صاغت مسودة الدستور اعتمدت على تقاليد معمول بها في ديمقراطيات أخرى، بينها مدارس في العالم الثالث وفي الولايات المتحدة التي ينتخب فيها نائب الرئيس، مؤكداً بأن “الكلمة تعود للمواطن”.

وأبدى تبون رفضه للمطالب الداعية إلى تبني النظام البرلماني، مرجعاً إلى “فشل تجارب دول محيطة بالجزائر” بعد اعتمادها على هذا النظام السياسي، ووصفها بـ”التجربة الصعبة التي تتطلب ممارسة ديمقراطية لمئات السنين”.

ودعا اللجنة إلى توضيح البنود الدستورية التي تحدد “علاقة التعايش بين الحكومة والبرلمان”، خاصة بعد الانتقادات التي وجهت عن استبعاد المسودة تشكيل حزب الأغلبية البرلمانية الحكومة، وأن يبقى تعيين رئيس الحكومة من صلاحيات رئيس الجمهورية.

ونفى الرئيس الجزائري سعيه لتوسيع صلاحياته في الدستور القادم وكشف عن تسليمه عددا من صلاحياته لرئيس الوزراء، وأكد بأنه “يجب الخروج من النظام الرئاسي الصلب”.

كما أرجع أسباب تمديد مناقشة مسودة الدستور إلى تزايد الاهتمام لنقاش المسودة، وذكّر بالدوافع التي أدت إلى تأجيل الكشف ومناقشة الدستور نتيجة جائحة كورونا، وأشار إلى أن النقاش النهائي كان مبرمجاً أوائل يونيو، وتوقع أن ينتهي النقاش أواخر الشهر الحالي.

وجدد الرئيس الجزائري موقف رئيس لجنة صياغة وإعداد مسودة الدستور أحمد لعرابة، وشدد على أن “مسألة الثوابت غير قابلة للنقاش وقضية محسومة”، والمتعلقة بمسألة الدين واللغتين العربية والأمازيغية، بينما بلغ عدد الاقتراحات الواردة على المسودة نحو 1500 تعديل من المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية.

وعن الانتقادات الموجهة للمسودة، أشار تبون إلى إيجابية عرضها للنقاش الشعبي والسياسي للمرة الأولى، وقال إنه: “غالبا لا تُعطى للجماهير مسودة الدستور، لكن من المهم طرحها حتى يجد كل واحد ضالته فيها ولا يتغير الدستور في كل مرة، والنقاش الدائر يعبر عن مستوى الوعي الذي بلغه المجتمع وكلهم يشاركون في بناء الجزائر الجديدة”.

كما دافع عن رئيس لجنة صياغة مسودة الدستور أحمد لعرابة من الانتقادات الموجهة له مؤخراً، وأشار بأنه من الخبراء الدوليين الذين تعتمد عليهم الأمم المتحدة، بالإضافة إلى كونه ابن شهيد في الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي.

شرط “التحقيقات الوبائية”

وربط الرئيس الجزائري تخفيف الإجراءات الصارمة المتخذة لمحاربة ومنع تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد بـ”تكثيف التحقيقات الوبائية” في جميع مناطق البلاد.

وكشف عن اجتماع للجنة العلمية بمقر الرئاسة، السبت، لاتخاذ قرار جديد بشأن التدابير الاحترازية، غير أنه أشار إلى أن قرار رفع الحجر الصحي يجب أن يستند على تحقيقات وبائية.

وشدد على أن رفع قيود الحجر الصحي والمنزلي يجب أن “يستند إلى تحقيقات وبائية في كل محافظة جزائرية عن أسباب تفشي الفيروس فيها، وهي التحقيقات التي تتخذ من خلالها السلطات الرسمية قراراتها بناء على تقارير الجنة العلمية”.

وكشف عن سعي حكومته لمحاربة الوباء بطريقة علمية، نافياً في المقابل أن يكون قرار الجزائر برفع الحجر الصحي مرتبطاً بقرارات دول أخرى.

واستبعد إمكانية إعادة فتح الحدود وحركة الطيران في الوقت الحالي، مرجعاً ذلك إلى استمرار تفشي الوباء في بقية دول العالم.

ونوه أيضا بأن الجزائر هي الدولة المغاربية والأفريقية الوحيدة التي تجري تحاليل خاصة بفيروس كورونا على المتوفين، والتي أدت إلى رفع عدد الإصابات الإجمالي لكنها “ساهمت في تطويق الوباء” كما قال تبون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى