مي التلمسانى لـ جائزة البوكر: منذ هجرتى والكتابة عن المهاجرين تخايلنى
كشفت الكاتبة مى التلمسانى أنها بدأت كتابة رواية “الكل يقول أحبّك” في سبتمبر من عام 2019، بضعة أشهر قبل جائحة الكوفيد، وأتممت كتابتها في نهاية عام 2020 لتصدر في يوليو 2021.
وقالت مى التلمسانى، فى حوار أجرته معها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، بعد وصول روايتها “الكل يقول أحبك” إلى القائمة الطويلة فى دورتها لعام 2023، منذ هجرتي إلى كندا قبل نحو خمسة وعشرين عاما، تخايلني فكرة الكتابة عن عالم المهاجرين في شمال أمريكا، حتى نشأت فكرة لقاء اثنين من المهاجرين المصريين في قطار، أحدهما يكبر الآخر بنحو عشرين عاما، ويبدو أن كليهما مرآة للآخر من حيث الملامح النفسية، وسياق العمل الجامعي، ونمط الحياة الأسرية. من هنا نشأت فكرة الكتابة عن المشترك بين المهاجرين العرب في شمال أمريكا وعن نماذج مختلفة من أقطار عربية متنوعة تعاني بشكل أو بآخر من جدلية الحب عن بعد، في العلاقة الزوجية وكذا في العلاقة بالأوطان الأم حيث نحيا اليوم في عالم تحكمه الحركة والترحل سعيا لتحسين طرق العيش، وتتحكم فيه سياسات الداخل وقوانين الهجرة للخارج.
مى
وأوضحت مى التلمسانى أنه لا توجد لديها طقوس معنية ملزمة من أجل الكتابة، حيث قالت “أكتب فقط حين تلح على ذهني فكرة للكتابة”، ففي روايتي الأولى “دنيا زاد” التي حظيت باستقبال كبير محليا وإقليميا ودوليا، كانت الأفكار الملحة تتعلق بمشاعر الأمومة والفقد، أما في “هليوبوليس” فقد حاولت استعادة زمن السبعينيات من القرن العشرين في مصر وأثره على حياة أسرة مصرية متوسطة تقطن الحي الكوزموبوليتاني الذي ولدت ونشأت فيه، حي مصر الجديدة. بعد عدة سنوات، كتبت عن الصداقة بين امرأتين وعن احباطات الحب والفن في رواية “أكابيللا”، ثم شرعت في كتابة رواية “الكل يقول أحبك” حين شعرت بإلحاح الكتابة عن الغربة والاغتراب، عن الثورات العربية وأثرها على المهاجرين، عن كفاح النساء والرجال في شمال أمريكا في مجالات العمل وأثر هذا على تكوين أسرة، عن الخيط الرفيع الذي يربطهم بأوطانهم الأم حتى وإن اختار البعض عدم العودة لموطن ميلاده.
وأضافت مى التلمسانى: في نهاية الأمر، طقس الكتابة الرئيسي بالنسبة لي هو طقس مقدس، لكنه لا يخضع لشروط ومحددات الزمان والمكان، أكتب حيثما نضجت الفكرة، وحينما تلح لعدة أسابيع على ذهني. أكتب ليلا، وأنتهي من جلسة العمل قبيل الفجر، وقد تستمر الجلسة نحو خمس عشرة ساعة متصلة، كما حدث حين كتبت الفصل الأول من رواية “الكل يقول أحبك”.
أما عن مشروعها الأدبي القادم، فقالت مى التلمسانى: لدي روايتان في طريقهما للنشر، يصنعان مع رواية “الكل يقول أحبك” ما يشبه الثلاثية. لن تتكرر الشخصيات، لكن بلدان كندا الشهيرة مثل مونتريال وتورونتو وفانكوفر ستكون حاضرة بقوة في الروايتين القادمتين، وكذا حياة المهاجرين العرب واختلاطهم بشخصيات كندية من أصول أخرى.
الكل يقول
وتابعت مى التلمسانى: في النهاية أسعى في هذه الثلاثية الحداثية لأن أقول إن الإنسان العربي المعاصر بلغته وثقافته وطموحاته الفنية والأدبية لا ينفصل بحال من الأحوال عن العالم، هو أو هي جزء لا يتجزأ من هذا العالم، حيث تذوب الحدود وتنفتح الرؤى على أشواق وطموحات إنسانية كبرى، قد يكون لها نكهة ثقافية خاصة، لكنها ليست بعزلة عما يحدث عالميا، بل هي فاعلة في هذا العالم وقادرة على ترك بصمة واضحة وملهمة في محيط الثقافة الإنسانية على اتساعه.
مي التلمساني كاتبة وروائية مصرية من مواليد القاهرة، مصر، عام 1965. تعمل أستاذاً للدراسات العربية والسينمائية في جامعة أوتاوا بكندا. نشرت لها أربع روايات هي “دنيا زاد” (1997)، “هليوبوليس” (2000)، “أكابيللا” (2012) و”الكل يقول أحبك” (2021)، وثلاث مجموعات قصصية.
ترجمت روايتها “دنيا زاد” إلى ثماني لغات وحازت على جوائز في مصر وفرنسا. كما صدر لها كتاب يوميات بعنوان “للجنة سور” (2009) تتناول فيه تجربة السفر والهجرة بين مصر وكندا وصدرت ترجمته للفرنسية في مونتريال. نشرت أبحاثها الأكاديمية في مجالات السينما والفنون والثقافات الشعبية ودراسات ما بعد الكولونيالية في العديد من الدوريات العالمية. في عام 2021 حصلت على وسام الآداب والفنون من الحكومة الفرنسية برتبة فارس، اعترافاً بجهودها بمجالات الثقافة والفنون والآداب.