نتنياهو يقترح قانوناً لتدريس “العربية” في مدارس إسرائيل.. فلماذا صوَّت العرب ضده في الكنيست؟
كان ائتلاف حكومي غريب وغير متجانس قد أطاح برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وانضمت القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس للحكومة الإسرائيلية لأول مرة على الإطلاق.
إذ تحرص الأحزاب العربية على عدم التعاطي مع أي حكومة إسرائيلية -إلا في حالات نادرة- كونها “صهيونية” ولا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وترفض إنهاء الاحتلال، لكنّ القائمة الموحدة التي يرأسها عباس كسرت القاعدة.
لماذا صوَّتت القائمة العربية ضد قانون “اللغة العربية”؟
ويضم الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل 8 أحزاب: “هناك مستقبل” (وسط – 17 مقعداً من أصل 120 بالكنيست) و”يمينا” (يمين – 7 مقاعد) و”العمل” (يسار – 7 مقاعد) و”أمل جديد” (يمين – 6 مقاعد)، و”أزرق – أبيض” (وسط – 8 مقاعد)، و”ميرتس” (يسار – 6 مقاعد) والقائمة العربية الموحدة (4 مقاعد)، و”إسرائيل بيتنا” (يمين – 7 مقاعد).
ويتولى نفتالي بينيت رئيس حزب “يمينا” رئاسة الوزارة، على أن يتبادل موقعه مع يائير لابيد رئيس حزب “هناك مستقبل”، الذي يشغل منصب وزير الخارجية، بعد عامين، فيما يعرف “بالحكومة ذات الرأسين“.
وقبل أيام قليلة، صوّتت “القائمة العربية الموحدة” المشارِكة ضد مشروع قانون تقدم به حزب “الليكود” المعارض، يتعلق بإلزامية تعليم اللغة العربية في المدارس اليهودية، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.
وانتشر بشكل واسع مقطع فيديو لعضو الكنيست من الليكود يريف ليفين، يؤنب فيه نواب القائمة العربية قائلاً: “ليس هناك حركة إسلامية في العالم تصوّت ضد اللغة العربية، لغة القرآن الكريم”. وتابع ليفين: “(هل) أنتم حركة إسلامية؟! يبدو أن الكرسي أهم من اللغة”.
وينتمي رئيس القائمة منصور عباس (47 عاماً) إلى الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، التي انشقت عام 1996 إلى تيارين، إثر قرار زعيمها عبد الله نمر درويش، المشاركة في انتخابات الكنيست.
وأثار المقطع الكثير من الجدل والتساؤلات عن دوافع هذا التصويت، مع أن في ظاهره “مصلحة للعرب” المقدر عددهم بنحو مليوني نسمة، ولم يتسنَّ لوكالة الأناضول الحصول على رد من قادة القائمة العربية الموحدة، حول القضية.
لكنّ القائمة، قالت في بيان توضيحي، اطلعت عليه الأناضول، إن طرح حزب الليكود (بزعامة نتنياهو) لقانون كان يعارضه “ليس حرصاً على اللغة العربية، بقدر ما هو محاولة لتفكيك الائتلاف الحكومي”، وأضافت أن الليكود يسعى إلى “تأليب الناخبين العرب ضد نوابهم”.
قطع الطريق على نتنياهو
وبررت القائمة عدم تصويتها لصالح القانون بالقول إنها “ملتزمة بالقرارات الائتلافية القاضية، بإسقاط اقتراحات قوانين المعارضة”، وأعلنت أن مشروع القانون يشبه اقتراحاً اتفقت بشأنه مع الائتلاف الحكومي حول إقرار قانونين، أحدهما ينص على إلزام تعليم اللغة العربية في المدارس الثانوية اليهودية.
ويُنسب مشروع القانون تاريخياً إلى حركة “ميرتس” اليسارية، وهي جزء من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي، والتي صوّتت ضده أيضاً.
وأضافت القائمة في بيانها: “معروف للجميع أن الائتلاف الحكومي يدعم جميع القوانين التي يقدمها الائتلاف، ويعارض القوانين التي تقدمها المعارضة (التي) تحاول دائماً تقديم اقتراحات قوانين تحرج بها الائتلاف الحكومي”.
وتابعت أن الأحزاب التي في المعارضة، والمنافِسة “تحاول إحراجنا عبر جلب اقتراحات قوانين، أحياناً تكون بالفعل لمصلحة مجتمعنا العربي، وأحياناً تكون فقط لمجرد الإحراج وإحداث البلبلة”.
وكان عباس قد وافق، مطلع يونيو/حزيران الماضي، على دعم الحكومة الحالية التي يترأسها بينيت، مقابل إيجاد حلول لمشاكل العرب الكبيرة، “القانونية والمعيشية”.
من جهته، يقول محمد محسن وتد، الصحفي الفلسطيني المختص بالشأن الإسرائيلي، إن القوانين التي يقدمها حزب الليكود “تأتي قبيل المصادقة على ميزانية الدولة لعامين في الشهر المقبل”.
ويوضح وتد في حديثه لوكالة الأناضول أن هذه القوانين “محاولة لإرباك الائتلاف الحكومي، الهش أصلاً، وإسقاطه”.
وواقع الأمر يقول إن هذه القوانين -وإن تمت المصادقة عليها- فهي لا تؤدي إلى إسقاط الحكومة، وإنما تتسبب في تفكيك الإجماع فيها بكل ما يتعلق بعدم عودة نتنياهو للمشهد السياسي، في حال جرت انتخابات جديدة”.
وأضاف وتد للأناضول: “لو افترضنا -جدلاً- أن هذا القانون سيقدَّم بعد ستة أشهر، من الائتلاف الحكومي، فإن المعارضة ستصوّت ضد نفس القانون”، متابعاً أنه “لو كان حزب الليكود معنياً بتعليم اللغة العربية لليهود، لصادق عليه وشرّعه عندما قُدم في السابق عندما كان يحظى بالأغلبية”.
ويرى الصحفي الفلسطيني أن “عدم تمرير قانون المعارضة يعني أن الائتلاف الحكومي الهش ما زال متماسكاً، وأنه أفشل عودة نتنياهو”.
مناكفات سياسية ليس إلا
ومن جهته، يتفق المحلل السياسي عادل شديد، المختص بالشأن الإسرائيلي والمحاضر بالجامعة العبرية في القدس، مع الصحفي الفلسطيني في أن حزب الليكود برئاسة نتنياهو، يسعى من طرح هذا المشروع إلى إسقاط الحكومة.
ويضيف في حوار مع وكالة الأناضول أن معظم سياسات حزب الليكود “مرتبطة بالمناكفات السياسية لإسقاط الحكومة، وليس بالضرورة إحراج رئيس القائمة منصور عباس”.
ويقول شديد إن الصراع اليوم بين الأحزاب المشاركة في الحكومة والمعارِضة لها هو على “أصوات اليمين الإسرائيلي المتطرف”، مضيفاً: “هناك مؤشرات على تراجع الثقة ببينيت داخل معسكر اليمين المتطرف”.
وفي سياق آخر، ينتقد شديد مشاركة حزب القائمة الموحدة، في الحكومة الإسرائيلية، معتبرا إياه “خدمة للحركة الصهيونية”، ويحوّل القضية الفلسطينية من “وطنية سياسية”، إلى مجرد “قضايا حياتية ومعيشية للسكان العرب”.
ويشير شديد في حديثه إلى اتفاق القائمة العربية، مع الأحزاب الإسرائيلية المُشكّلة للحكومة، على حلّ بعض المشاكل الحياتية والمعيشية التي يعاني منها العرب في إسرائيل، مقابل دعمها لنيل الثقة في البرلمان.
ويقول شديد إن تصويت القائمة العربية ضد قانون اللغة العربية “منسجم مع البرنامج المتفق عليه عند تشكيل الحكومة، والذي يقول: القضايا السياسية تترك لرئاسة الحكومة، وما يقدمه بينيت مقبول بالنسبة لهم”.
ويرى شديد أن للقائمة العربية الموحدة مؤيدين يتطلعون لتحقيق إنجازات في ثلاث قضايا رئيسية: تقليص الجريمة في الوسط العربي، ووقف هدم البيوت من قبل السلطات، وقضايا لمّ شمل الأسر، والمواطَنة”.
ويضيف: “هكذا جرى الاعتراف بعد 73 عاماً بالرواية الصهيونية، وأنه لا حقوق سياسية للعرب، ولا علاقة لهم بما يجري في القدس والضفة وغزة، إنما يبحثون فقط عن قضايا حياتية وخدماتية”.
والمعروف أن بينيت يرفض تماماً إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو في هذا يتفق تماماً مع أستاذه نتنياهو، بل وتمادى بينيت قبل أيام قليلة وساوى بين إقامة دولة فلسطينية و”قيام كيان إرهابي”، متوعداً بالحيلولة دون ذلك، خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في القدس.
وإضافة إلى القائمة الموحدة، في الكنيست، هناك 3 أحزاب عربية خارج الحكومة، هي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي والقائمة العربية للتغيير، ولديها مجتمعة 6 مقاعد، ودخلت الانتخابات تحت كتلة واحدة، اسمها “القائمة المشتركة”.