هدية “تاريخية” من ترامب لمزارعي أمريكا
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، اتفاقه التجاري الذي لم يُوقّع بعد مع الصين بالإنجاز، وبأنه “الأعظم” الذي حصل عليه المزارعون الأمريكيون في تاريخهم.
والجمعة، أعلن ترامب عن اتفاق تجاري جزئي “مهم جداً” مع الصين، في نجاح نادر جداً كان الرئيس الأمريكي بحاجة ماسة إليه وسط قضايا وانتقادات تحاصره.
وقال السبت عبر تويتر: “يا للهول، حقق المزارعون مكسباً قيماً للغاية”.
وينص الاتفاق المبدئي، الذي يأذن بانتهاء الحرب التجارية التي استمرت 18 شهراً بين القوتين الاقتصاديتين، على رفع الصين بشكل كبير حجم مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية.
وقال ترامب، الجمعة، للصحفيين، في البيت الأبيض، بعد لقاء مع كبير المفاوضين الصينيين ليو هي، حضره وزير الخزانة ستيفن منوتشين وممثل التجارة الأمريكي روبرت لايتهايز: “توصلنا إلى اتفاق مرحلة أولى مهم”.
ووسط حملة انتخابية يخوضها للفوز بولاية رئاسية ثانية، علق ترامب مطولاً على المواد الزراعية التي وافقت بكين على شرائها بكميات كبيرة من الولايات المتحدة، التي سيستفيد منها قسم من ناخبيه.
وأشاد بالنصر الذي حققه في سلسلة تغريدات، السبت، قال فيها: “الاتفاق الذي توصلت إليه مع الصين هو حتى الآن الأعظم والأكبر الذي تم من أجل مزارعينا الوطنيين العظماء في تاريخ بلدنا”.
وأوضح أن الاتفاق ينص على زيادة عمليات الشراء الصينية للمنتجات الزراعية الأمريكية كحبوب الصويا، لدرجة تثير نقاشات بشأن مدى قدرة المزارعين الأمريكيين على إنتاج كميات كافية. وقال ترامب: “سيجد مزارعونا حلاً لذلك. شكراً للصين”.
وفي المقابل، وافق ترامب على التخلي عن زيادة في الرسوم الجمركية من 25 إلى 30% كان يعتزم فرضها اعتباراً من الثلاثاء على 250 مليار دولار من الواردات الصينية من الولايات المتحدة. غير أنه ما زال يتعين صوغ بنود الاتفاق خطياً، وهي عملية قد تستغرق بحسب ترامب أربعة إلى خمسة أسابيع.
ولم يستبعد ترامب أن يوقّع وثيقة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في تشيلي، على هامش قمة رابطة الدول المطلة على المحيط الهادئ، في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد تعقب ذلك مرحلتان لاحقتان لا تزال معالمهما غامضة جداً، استكمالاً لاتفاق المرحلة الأولى.
من جهته، لزم منونشين الحذر في تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي. وقال: “لدينا تفاهم أساسي على النقاط الرئيسية، أحرزنا تقدماً كبيراً، لكن ما زال أمامنا الكثير من العمل الواجب إنجازه” مضيفاً: “لن نوقع اتفاقاً طالما أنه لا يمكننا أن نقول للرئيس إن كل شيء وضع خطياً”.
وشدد على أن نائب رئيس الوزراء الصيني “سيعود إلى العمل مع فريقه”، موحياً بأنه يتحتم عليه الحصول على موافقة القيادة الصينية.
اشتروا جرارات
بموجب اتفاق المرحلة الأولى، تشتري الصين، بحسب ترامب، منتجات زراعية أمريكية بقيمة 40 إلى 50 مليار دولار في السنة، وهي كمية تزيد مرتين ونصف مرة على الحد الأعلى للمشتريات الصينية السنوية، الذي سجل عام 2017 حين استوردت بكين ما يساوي 19,5 مليار دولار من هذه المنتجات، قبل أن يتراجع هذا الحجم إلى ما يزيد على 9 مليارات دولار عام 2018 تحت تأثير الحرب التجارية.
وأعلن ترامب ممازحاً: “أقترح على المزارعين أن يذهبوا فوراً ويشتروا المزيد من الأراضي وجرارات أكبر لتلبية الزيادة في الطلب”.
وانعكس رد الصين على التدابير التجارية الأمريكية ضدها بصورة خاصة على المزارعين الأمريكيين، واضطرت إدارة ترامب إلى تخصيص مساعدات فيدرالية بقيمة 28 مليار دولار، للتخفيف من خسائرهم.
كذلك ينص التفاهم مع الصين على حماية الملكية الفكرية وسط اتهامات للصين بارتكاب الكثير من الانتهاكات بهذا الصدد، وعلى فتح السوق الصينية أكثر أمام الشركات الأمريكية المتخصصة في الخدمات المالية.
كما أفاد منوتشين عن إجراء “محادثات جيدة مع حاكم البنك المركزي الصيني”، مشيراً إلى اتفاق يضمن الشفافية حول أسعار الصرف.
من جهته، أفاد المفاوض الصيني بـ”تقدم جوهري في العديد من المجالات”، وأضاف أننا مسرورون، ملمحاً إلى أن المفاوضات ستتواصل.
في المقابل، لم يتم اتخاذ أي قرار حول الرسوم الجمركية بنسبة 15% التي ستدخل حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول حول سلع شائعة الاستهلاك.
ولا يعالج الاتفاق مصير مجموعة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات صارمة للغاية، لاتهامها بالتعامل مع أجهزة الاستخبارات الصينية.
وتنعكس تبعات الحرب التجارية بين واشنطن وبكين على الاقتصاد العالمي بمجمله.
وحذر صندوق النقد الدولي مؤخراً من أن التوتر التجاري ومفاعيله الجانبية مثل تجميد الاستثمارات والبلبلة في سلاسل التموين الدولية، ستقتطع 700 مليار دولار من إجمالي الناتج الداخلي العالمي بحلول 2020، ما يوازي حجم الاقتصاد السويسري.