هل بالفعل لقاح فايزر يؤدي إلى التهاب عضلة القلب؟ إسرائيل تقول ذلك، فماذا عن البقية؟
أثار تقرير وزارة الصحة الإسرائيلية الذي يربط بين لقاح فايزر وظهور حالات التهاب لعضلة القلب حالة من الجدل، تضاف إلى الأعراض الجانبية الخاصة بلقاحات كورونا.
وترجع التقارير المرتبطة بظهور حالات التهاب عضلة القلب لدى بعض من يتلقون لقاح شركة فايزر الأمريكية إلى شهر أبريل/نيسان الماضي عندما ظهرت لأول مرة وكان مصدرها أيضاً وزارة الصحة الإسرائيلية.
ففي أواخر أبريل/نيسان الماضي، قالت منسقة الاستجابة للوباء في إسرائيل إن دراسة مبدئية أظهرت وجود “عشرات الحالات” من التهاب عضلة القلب بعد حصول الشخص على لقاح فايزر، وبصفة خاصة بعد الجرعة الثانية، بحسب تقرير لرويترز.
هيئة اللقاح الأمريكية تطلب مزيداً من الدراسات
في ذلك الوقت أصدرت فايزر بياناً نفت فيه وجود دليل علمي على الصلة بين حدوث التهابات في عضلة القلب وتلقي اللقاح، مؤكدة أن مثل تلك الحالات إن وُجدت فعددها ضئيل للغاية ولا يوجد دليل قاطع على ارتباطها بتلقي اللقاح نفسه.
لكن في مايو/أيار الماضي، أصدرت مجموعة استشارية تابعة للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض المعدية دراسة أشارت إلى أن بعض من تلقوا جرعات لقاح فايزر المضاد لفيروس كورونا المستجد، وبصفة خاصة من المراهقين والشباب، قد ظهرت لديهم أعراض التهاب عضلة القلب، وطالبت المجموعة الاستشارية بإجراء مزيد من الدراسات والأبحاث لحسم الصلة بين لقاح فايزر والتهاب عضلة القلب.
تقرير المجموعة الاستشارية التابعة للمراكز الأمريكية أكد أنه في غالبية الحالات التي تعرضت لالتهاب عضلة القلب اختفت تلك الأعراض مع مرور الوقت دون الحاجة لعلاج، ودون حسم الصلة بين تلقي لقاح فايزر وبين الالتهاب، مما يعني أنه قد تكون هناك أسباب متعددة تستوجب مزيداً من الدراسات التجريبية على أعداد أكبر من المتلقين للقاح.
وعلى الرغم من أن لقاح فايزر/بايونتيك كان من أوائل لقاحات كورونا التي تم اعتمادها في الولايات المتحدة منذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، فهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها دراسات بشأن احتمال وجود ارتباط بين اللقاح وبين التهاب عضلة القلب لدى حالات قليلة، تتركز أساساً في الفئات العمرية الأصغر.
فالتقارير والدراسات الخاصة بالأعراض الجانبية للقاحات ركزت بشكل واضح على لقاح أسترازينيكا البريطاني، على سبيل المثال، لدرجة أن بعض دول العالم أوقفت استعماله بشكل كامل، بينما توقفت دول أخرى عن توفيره لكبار السن، وكانت الجلطات هي العرض الأخطر الذي ارتبط باللقاح، رغم أن نسبة ضئيلة للغاية هم من تعرضوا للجلطات.
إسرائيل تؤكد الصلة بين لقاح فايزر والتهاب عضلة القلب
وأمس الثلاثاء 1 يونيو/حزيران، أعادت وزارة الصحة الإسرائيلية الحديث مرة أخرى عن الصلة المحتملة بين التهاب عضلة القلب وتلقي لقاح فايزر، إذ قالت إنها وجدت أن العدد القليل من حالات التهاب عضلة القلب المسجلة في معظمها بين الشبان الذين تلقوا لقاح شركة فايزر المضاد لفيروس كورونا في إسرائيل يُحتمل أن يكون مرتبطاً بالتطعيم.
وذكرت الوزارة خلال الإعلان عن نتائج دراسة قامت بها لتحري الأمر إنه تم الإبلاغ عن 275 حالة إصابة بالتهاب عضلة القلب في اسرائيل بين ديسمبر/كانون الأول 2020 ومايو/أيار 2021 ضمن أكثر من خمسة ملايين تلقوا اللقاح، بحسب تقرير لرويترز.
ووفقاً للدراسة، التي قالت الوزارة إن ثلاثة فرق من الخبراء عكفت على إجرائها، فإن معظم المرضى الذين عانوا من التهاب عضلة القلب قضوا أربعة أيام على الأكثر في المستشفى وتم تصنيف 95% من الحالات على أنها خفيفة.
وأضافت الوزارة في بيان أن الدراسة وجدت أن “هناك صلة محتملة بين تلقي الجرعة الثانية (من لقاح فايزر) وظهور التهاب عضلة القلب بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و30 عاماً”، ووفقاً للنتائج، لوحظ هذا الارتباط ضمن فئة الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و19 عاماً أكثر من الفئات العمرية الأخرى.
شركة فايزر تنفي وجود تلك الصلة
وعلى الفور أصدرت شركة فايزر الأمريكية بياناً جاء فيه أنها “على علم بالملاحظات الإسرائيلية إزاء حالات التهاب عضلة القلب”، مشيرة إلى عدم وجود علاقة سببية بين هذه الحالة المرضية ولقاحها.
وأضافت الشركة أنها تراجع الآثار السلبية للقاحها بدقة، ويجتمع ممثلون عن شركة فايزر بانتظام مع ممثلين عن إدارة سلامة اللقاحات بوزارة الصحة الإسرائيلية لمراجعة البيانات.
وكانت أنظمة المتابعة الخاصة بالمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض قد قالت إنها لم تعثر على حالات تتجاوز ما كان متوقعاً بين السكان، بينما أصرت المجموعة الاستشارية التابعة للمراكز الأمريكية على ضرورة إبلاغ مقدمي الرعاية الصحية بالتقارير عن “الأثر السلبي المحتمل”.
كانت إسرائيل قد امتنعت عن جعل الفئة العمرية من 12 إلى 15 عاماً مؤهلة لتلقي اللقاح انتظاراً لتقرير وزارة الصحة، وقال مسؤول بارز لوكالة رويترز إنه بالتوازي مع نشر نتائج هذه الدراسة، أقرت لجنة تابعة للوزارة تطعيم المراهقين.
وقال ناتشمان آش منسق جهود مكافحة الوباء في إسرائيل لإذاعة 103 إف.إم: “أعطت اللجنة الضوء الأخضر لتطعيم الفئة العمرية من 12 إلى 15 عاماً، وسيتاح ذلك اعتباراً من الأسبوع المقبل”. وأضاف: “فاعلية التطعيم تفوق مخاطره”.
هل ظهرت تلك الأعراض في دول أخرى؟
حتى اليوم الأربعاء 2 يونيو/حزيران، لم تصدر تقارير تربط بين التهاب عضلة القلب ولقاح فايزر عن أي هيئة صحية بخلاف ما أصدرته وزارة الصحة الإسرائيلية، وهو ما يشير على الأرجح، بحسب أغلب خبراء الصحة حول العالم، إلى أن الحالات القليلة للغاية التي ظهرت لديها تلك الأعراض بعد تلقي جرعتي لقاح فايزر قد لا تكون مرتبطة باللقاح.
وبشكل عام تتركز الأعراض الجانبية الناتجة عن تلقي لقاح فايزر في احتمالات حدوث التهاب خفيف واحمرار مكان تلقي حقنة اللقاح، والشعور ببعض الإجهاد واحتمال ارتفاع درجة الحرارة بشكل مؤقت يعتبر أيضاً من الأعراض الجانبية التي لا يعاني منها جميع من يتلقون اللقاح.
وتبلغ نسبة الفعالية في لقاح فايزر أكثر من 95%، بحسب نتائج التجارب السريرية للقاح، لكنها تنخفض إلى 90% في العالم الفعلي نتيجة للاختلافات بين بيئة التجارب السريرية التي تكون مُحكمة ويتم فيها السيطرة على غالبية العناصر المرتبطة بالبيئة والفيروس والشخص الخاضع للتجربة، على عكس التلقيح في العالم الفعلي حيث توجد الكثير من المتغيرات التي يستحيل التحكم فيها جميعا.
وتتسابق دول العالم حالياً في توفير جرعات كافية من لقاحات كورونا لمواطنيها حتى تتمكن من السيطرة على الوباء الذي أصاب العالم بحالة غير مسبوقة من الإغلاق والتباعد الاجتماعي، ولا تختلف القصة هنا باختلاف اللقاحات في الصورة العامة لمكافحة الوباء.
فالأعراض الجانبية الصعبة مثل الجلطات في حالة أسترازينيكا، أو غيرها من الأعراض في جميع اللقاحات حتى الآن، نسبتها ضئيلة للغاية ولا تعتبر سبباً في وقف لقاح بعينه أو التشكيك في جدوى حملات التطعيم ضد كورونا من الأساس.
وعلى سبيل المثال، تلقى نحو 55% من سكان إسرائيل لقاحات كورونا بالفعل حتى الآن، أغلبهم حصل على لقاح فايزر، وأمس الثلاثاء ألغيت القيود المفروضة على التباعد الاجتماعي والحاجة إلى بطاقات تطعيم خاصة لدخول مطاعم وأماكن معينة.