هل تتجسس السعودية على الولايات المتحدة؟.. فورين بوليسي تكشف تفاصيل جديدة
تساءلت الكاتبة الصحفية في مجلة “فورين بوليسي”، آمي ماكينون، عن إمكانية تجسس السعودية على الولايات المتحدة الأمريكية، في إشارة منها إلى التقرير الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية وسلطت الضوء على تحركات السعودية بهذا الشأن.
وكشفت الصحيفة، عن استغلال السعودية مكامن الضعف في مجال الاتصالات للتجسس على مواطنيها، حيث أنه وعلى مدار أربعة أشهر بدءا من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أرسلت كبرى شركات الاتصالات السعودية طلبات إلى شركات الهواتف الأمريكية النقالة، ما معدله 2.3 مليون طلب كل شهر للحصول على بيانات عن مكان استخدام الهاتف في عدد من المدن التي يوجد فيها المستخدمون.
وتابعت الصحيفة: “تم إرسال الطلبات من خلال نظام إشارات يطلق عليه SS7، وهو نظام يسمح لمشغلي أنظمة الهواتف النقالة بتبادل المعلومات لأهداف شرعية مثل حساب رسوم التجوال الدولي”.
ونقلت الصحيفة، عن خبراء اتصالات قولهم، إن حجم الطلبات تشير إلى استغلال النظام؛ فحجم الطلبات التي كانت بمعدل 13 مرة في الساعة يمكّن من تحديد مكان مستخدم الهاتف في مساحة عدد من العمارات.
وعلقت الصحفية ماكينون بالقول: إن السعودية استخدمت الرقابة وبشكل متكرر لمراقبة الهواتف النقالة التي يحملها نقادها، وأن معارض للحكومة السعودية قريب من الصحافي جمال خاشقجي، قدم دعوى قضائية ضد شركة انتاج برمجيات التجسس الإسرائيلية “إن إس أو غروب” التي طورت نظام “بيغاسوس” واستخدمته المخابرات السعودية لملاحقة المعارضين لها والتنصت على الرسائل المتبادلة بين المعارض وصحافي “واشنطن بوست” خاشقجي.
وقال أندرو ميلر، العضو في مجلس الأمن القومي أثناء إدارة باراك أوباما لصحيفة “الغارديان” إن التسريبات تكشف عن أن السعودية ربما ذهبت أبعد من ملاحقة المعارضين: “أعتقد أنهم لا يتجسسون على المعارضين بل على الذين يخافون من انحرافهم عن دعم القيادة السعودية”.
وأضاف: “إنهم خائفون بالتحديد مما سيفعله المواطنون السعوديون عندما يكونون في الدول الغربية”.
وتساءلت ماكينون عن التحرك لإنهاء مكامن الضعف في نظام الإشارات SS7 ولن يحدث هذا قريبا نظرا لأن المشرعين والباحثين يقرعون الجرس منذ وقت طويل، ولم يحدث أي تقدم على هذا المسار كما ورد في تقارير لـ”تيك كرانتش”.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية، تفاصيل أكبر حملة تجسس أقدمت عليها السلطات السعودية بحق مواطنيها في الخارج، والتي قد تكون جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 جزءاً منها.
وقالت الصحيفة، إنه استناداً إلى كاشفي فساد يسعون لكشف نقاط الضعف في نظام التراسل العالمي “إس إس 7″، فإن السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، ونجله ولي العهد محمد بن سلمان، تعمل على استغلال نقاط الضعف في شبكة اتصالات الهاتف المحمول العالمية لتعقب مواطنيها أثناء سفرهم إلى الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة، أن البيانات التي سلمها كاشفوا الفساد الذين لم تسمهم، تشير إلى أن السعودية تشن حملة تجسس منهجية ضد مواطنيها، وفقا لخبراء معلومات، إذ تُظهر أن الشركات السعودية قدمت ملايين طلبات التتبع السرية على مدار أربعة أشهر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لهواتف مواطنين.
ويبدو أن طلبات التعقب، والتي سعت إلى تحديد أماكن تواجد هواتف مسجلة في السعودية، في الولايات المتحدة، صدرت عن أكبر ثلاث شركات للهواتف المحمولة في السعودية، وفق الصحيفة.
وحسب كاشفوا الفساد، فإنهم لم يتمكنوا من العثور على أي سبب تقني مشروع يدفع السعودية إلى زيادة طلبات الحصول على معلومات مرتبطة بمواقع هواتف المواطنين في الولايات المتحدة، لذا فقد رجحوا أن إجراء اتُخذ لأغراض التجسس على المواطنين السعوديين.
وقالت الصحيفة، إن خبراء الاتصالات والأمن راجعوا البيانات التي سربها كاشفوا الفساد وأكدوا أنهم يعتقدون أيضًا أنها مؤشر على حملة مراقبة من قبل السعودية.
وتبيّن البيانات، أن الطلبات قُدمت للعثور على بيانات حول مواقع تواجد الهواتف المحمولة التي تم تناقلها من خلال نظام المراسلة العالمي “إس إس 7″، والذي يسمح لمشغلي الهاتف المحمول بربط المستخدمين حول العالم.
ويُعد نظام “إس إس 7” مدعاة للقلق بين خبراء الأمن المعلوماتي والرقمي، إذ أنه يتيح تتبع الهواتف، حيث أنه عندما يتلقى حامل هاتف نقال محلي رسالة عبر شبكة “إس إس 7″، لتوفير معلومات المشترك، من مشغل هواتف خلوية أجنبي، فإن هذه الرسالة هي بمثابة طلب تتبع.
ويُعد استخدام مثل هذه الطلبات مشروعا في مساعدة المشغلين الأجانب على تسجيل رسوم التجوال؛ لكن الاستخدام المفرط لمثل هذه الرسائل معروف في صناعة الاتصالات المتنقلة بأنه مؤشر على تتبع الموقع.
وحذر الخبراء، وفق الصحيفة البريطانية، من طلبات تتبع البيانات الصادرة على مشغلين سعوديين، بسبب ترددها العالي، ما يشير إلى أن هذه الجهات تسعى لتحديد موقع المشتركين فيها (المواطنين) بمجرد دخولهم الولايات المتحدة، لكن الصحيفة تؤكد أن مدى ارتباط هذه الشركات بالسلطات السعودية لا يزال “مبهما”.
ومع ذلك، فقد لفتت إلى أن السعودية اتُهمت كثيرا على مدار الأعوام القليلة الماضية، باختراق هواتف معارضي ومنتقدي حكم بن سلمان، والذي يُعد بمثابة الحاكم الفعلي للمملكة.
وقال العضو السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أندرو ميللر، إن المراقبة جزء من طريقة عمل النظام السعودية، مضيفاً: “أعتقد أنهم يراقبون ليس فقط أولئك الذين يعرفون أنهم منشقون، ولكن أولئك الذين يخشون أن ينحرفوا عن تأييد القيادة السعودية. إنهم قلقون بشكل خاص بشأن ما سيفعله المواطنون السعوديون عندما يكونون في الدول الغربية”.
وقالت “ذي غارديان” إن البيانات التي حصلت عليها، تُشير إلى أن أكبر ثلاث شركات تشغيل للهواتف المحمولة في السعودية، “الاتصالات السعودية” و”موبايلي” و”زين”، أرسلت لمشغل الهاتف المحمول الأميركي في المتوسط 2.3 مليون طلب تتبع شهريًا من الأول من تشريان الثاني/ نوفمبر 2019، وحتى مطلع آذار/ مارس 2020.
ويبدو أن البيانات تشير إلى أنه تم تتبع الهواتف المحمولة التابعة لسعوديين، أثناء تنقلها عبر الولايات المتحدة بمعدل مرتين إلى 13 مرة في الساعة.