هل تنتهي مسيرة السياسية الفرنسية المتطرفة ماريان لوبان؟ الطعنات تأتيها من معسكرها وأسرتها
فبعد مبارزة واعدة مع الرئيس ماكرون من أجل الوصول إلى الإليزيه خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، صارت ماريان لوبان تناضل من أجل بقائها السياسي، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
وأشير إلى واقع لوبان الجديد بطريقة قبيحة في وقت سابق عشية عيد الميلاد عندما وجدت إهانات مكتوبة على جدار منزل ماريان لوبان في سيل سانت كلاود، بالقرب من فرساي، ودعوة للتصويت لصالح إيريك زمور.
لماذا يتضاءل احتمال وصولها للجولة الثانية من الانتخابات؟
من السابق لأوانه اعتبار ماريان لوبان (53 عاماً) خاسرة، في حين أنها لا تزال تعمل على إحياء حملتها الثالثة للرئاسة. بيد أنَّ ترشيح زمور، الشخصية المثيرة للجدل والمناهضة للإسلام، قد سرق منها الزخم، كما فتح الطريق أمام قفزة محتملة من فاليري بيكريس، المرشحة التي اختارها حزب الجمهوريين المحافظ، في خطوة غير متوقعة، هذا الشهر.
وتظهر استطلاعات الرأي أنَّ لوبان تتنافس مع بيكريس، زعيمة مجلس منطقة باريس، أو خلفها مباشرة، بينما يأتي زمور في المركز الرابع. ولا يزال ماكرون المرشح الأوفر حظاً للفوز في جولة الإعادة في 24 أبريل/نيسان، سواء ضد بيكريس أو لوبان، باستثناء استطلاع رأي واحد أعطى بيكريس الأفضلية.
وأعطت المرشحة فاليري بيكريس زخماً لحزب”الجمهوريين” الذي يمثل اليمين التقليدي في فرنسا، وكان يلعب الدور الأساسي في تشكيل الحكومات عادة لكنه خسر الرئاسة عام 2012.
وبالتالي أصبحت لوبان تواجه تحدي تحول الناخبين الأكثر تطرفاً لزامور والأقل تطرفاً لفاليري.
ومن المحتمل أن يؤدي فشل لوبان في الوصول إلى المواجهة الثنائية الأخيرة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 10 أبريل/نيسان إلى نهاية عهدها بطلةً لليمين القومي والأسرة السياسية التي أسسها والدها قبل 50 عاماً جان ماري لوبان، تحت اسم الجبهة الوطنية.
“انقسام عائلي”.. والدها يفكر في تأييد منافسها لأن حملتها ناقصة الرجولة
وتتمسك مارين، الصغرى بين بنات لوبان الثلاث، بإصرارها، وتقدم علامتها التجارية من القيادة الشعبوية الحمائية وترفض الانغماس في المنطقة السامة الكاملة التي يحتلها زمور.
ولا تنقصها النصائح المتضاربة من العائلة. إذ يعتقد والدها البطريرك البالغ من العمر 93 عاماً، الذي طردته من الحزب في عام 2015 قبل تغيير اسمه إلى التجمع الوطني، أنَّ ابنته أصبحت ضعيفة. وقال جان ماري لوبان إنَّ حملة ماريان تحتاج إلى “جرعة من الرجولة” لتنشيطها من جديد ضد زمور. وأضاف أنه لن يتردد في التصويت لصالح زمور إذا “ظهر في موقع أفضل في المعسكر الوطني”.
إضافة إلى ذلك، أبدت ماريون ماريشال (32 عاماً)، ابنة أخت مارين التي لديها أتباعها من الجناح الكاثوليكي لليمين المتطرف، دعمها لزمور، قائلة إنه سيحين وقت “يتوجب فيه السؤال عمّن هو الأفضل للفوز”.
في حين لا تزال شقيقة مارين الكبرى، ماري كارولين (61 عاماً)، التي تدير جولات حملتها الانتخابية، في معسكر مارين. وقالت ماري كارولين مؤخراً: “تتمتع مارين بكل الصفات الضرورية لتشغل منصب رئيس الدولة. فهي عاملة مجتهدة وذكية وهادئة”. بدوره، أعرب فيليب أوليفييه، زوج ماري كارولين، وكبير المحللين الاستراتيجيين لمارين، عن يقينه بأنها يمكن أن تفوز بتجاهل استفزازات زمور.
قال أوليفييه لموقع Challenges الإخباري هذا الشهر: “نحن لا نهتم بإريك زمور. وهذا يساعدنا على التركيز وبناء احتياطي من الأصوات لنا”.
ويقول جوردان بارديلا، الذي يتولى قيادة الحزب مؤقتاً خلال الحملة، إنَّ زمور يعيد تدوير “العصور القديمة الذهبية” لعهد جان ماري لوبان [والد ماريان]، وهو ما تتفق معه مارين.
وقالت مارين: “لقد تخلينا عن موقفنا المعارض لوالدي، على الرغم من الضجة التي كان سيثيرها”. وقالت لموقع Valeurs Actuelles الإخباري: “تعافت عائلتي السياسية من موقفها الخلافي على الهامش ونفذت العمل اللازم للتحول إلى حزب حكومي موثوق به”. وأشارت إلى أنَّ زمور كان يتمتع بموهبة “إثارة ضجة” بخطابه الراديكالي الحدودي. وأضافت: “إيريك يفعل ذلك ببراعة. إنه رجل الإعلام والعالم السياسي”. إلا أنها أعربت عن شكوكها في قدرته على الاستمرار حتى أبريل/نيسان.
عنصرية زمور تجعل ماريان تبدو عقلانية
وعلى الجانب الآخر، تجادل شخصيات بارزة في حزب لوبان بأنَّ عنصرية زمور الصريحة، ساعدته في جعل مارين تبدو معقولة وقابلة للانتخاب مقارنةً به. إضافة إلى أنه يستقطب أصواتاً “قومية” محتملة لصالحها عندما تصل إلى الجولة الثانية، على الأرجح ضد ماكرون. في عام 2017، هُزمت لوبان بنسبة 34% مقابل 66% لماكرون. وتُظهِر استطلاعات الرأي أنها لا تزال من المحتمل أن تخسر، لكن بفارق بضع نقاط قليلة خلف ماكرون.
وفي هذا الصدد، علَّق الدكتور جان إيف كامو، الخبير الأكاديمي في اليمين المتطرف، قائلاً إنه من المستحيل التنبؤ بمصير مارين لوبان. وهناك نوع من التراخي في جمهور الناخبين في التجمع الوطني. وأضاف كامو لموقع Challenges: “يبدو أنَّ اسم لوبان مرادف للفشل في الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، لم يُظهر زمور بعد أن لديه أي شيء يقدمه بخلاف الخطاب الرجعي حول الانحدار الفرنسي، مع إيحاءات معادية للأجانب”.