هل لقاح كورونا يسبب العقم؟ إليك ما يقوله العلم في هذه الحالة

نشرت صحيفة The Washington Post مقالاً للكاتبة لدى الصحيفة ليانا وين، الأستاذة الزائرة بمدرسة معهد ميلكن للصحة العامة في جامعة جورج واشنطن، تتعرض فيه لمعتقد منتشر على نطاق واسع حول تأثير لقاحات كورونا على الخصوبة.

وقالت ليانا في بداية المقال إن البيت الأبيض اعترف يوم الثلاثاء 22 يونيو/حزيران، بأن الولايات المتحدة لن تصل إلى مستهدف الرئيس الأمريكي جو بايدن بتطعيم 70% من البالغين بجرعة واحدة على الأقل قبل عيد الاستقلال المنتظر في 4 يوليو/تموز القادم. صحيحٌ أن معدل التطعيم للأمريكيين البالغة أعمارهم 30 عاماً أو أكثر وصلت إلى هذا المعدل، لكن النسبة لا تزال منخفضة للغاية بالنسبة للأمريكيين البالغين من الفئة العمرية 18 إلى 29 عاماً. ويُعزى سبب رئيسي لهذا إلى المعلومات المضللة المتعلقة بتأثير لقاحات فيروس كورونا.

هل اللقاح فعلاً يسبب العقم؟

بحسب المقال، نستطيع الرثاء على مدى قدرة المعلومات المضللة على التأثير على قرارات الرعاية الصحية لملايين الأشخاص، لكن ذلك لن يحل المشكلة. بل ما يمكننا فعله بدلاً من ذلك هو مجابهة المعلومات السيئة بالمعلومات الجيدة.

لننظر إلى الادعاء الذي لا يستند إلى أي أساس، والذي يقول إن لقاحات فيروس كورونا يمكن أن تسبب عقماً للإناث.

أوضحت ليانا أن إيف فاينبرغ، طبيبة النساء والتوليد والرئيسة السابقة لجمعية الغدد الصماء التناسلية والعقم، أخبرتها بأنه “من الجنون مدى انتشار وشيوع هذه الخرافة”. وذكرت إيف أن خرافة العقم يصعب فضح زيفها على وجه الخصوص لأنه من الصعب إثبات العكس. فالناس سوف يدللون على ذلك بالقول بأن مجرد عدم حدوث شيء يخيفك حتى الآن لا يعني أنه لن يحدث لاحقاً أبداً.

كورونا الصحة العالمية
istock – لقاح فيروس كورونا

يمكن لهذا الاعتقاد أن يصعب تغيير الآراء. تكمن إحدى الطرق في تفسير منشأ هذه الخرافات. وفي هذه الحالة أدلى عالم بريطاني، في ديسمبر/كانون الأول، بتعليقات مثيرة للجدل وغير مستندة لأي أساس تتعلق بالجائحة ولقاحات فيروس كورونا وتقدَّم بعريضة إلى الجهة المسؤولة عن تنظيم الأدوية في أوروبا، مدعياً أن غلاف فيروس كورونا (القسيم الفولفي) -وهو الجزء الذي يستهدفه اللقاح- يشبه على نحو مزعج بروتين سينسيتين-1، وهو بروتين يشكل أحد أجزاء المشيمة البشرية.

ونظراً إلى أن المشيمة ضرورية للحمل، زُعم أن اللقاح يتسبب في أن تنتج أجساد النساء مضادات حيوية لا تتصدى للفيروس وحسب، بل إنها تتسبب كذلك في الإجهاض والعقم.

أوضحت الكاتبة أن هذا الخلاف لا أساس له من ناحية العلم أو الواقع.  في مقال رأي نُشر بصحيفة The Hill لبول أوفيت، طبيب الأطفال ومدير مركز تعليم اللقاحات بمستشفى الأطفال بولاية بنسلفانيا،  أوضح أوفيت أنه مع أن القسيم الفولفي وبروتين  سينسيتين-1 يتشاركان نفس تسلسل الأحماض الأمينية، فإنهما مختلفان تماماً. وكتب في المقال: “أن نقول إن هذين البروتينين متماثلان على نحو مزعج، يشبه أن نقول إن شخصين لديهما نفس رقم الضمان الاجتماعي لأن كليهما يحتوي رقم ضمانه الاجتماعي على الرقم 6”.

من أين جاءت الخرافة؟

لكن النشطاء المناهضين للقاح استغلوا الادعاء الخاطئ، وبحلول شهر يناير/كانون الثاني وجد استبيان لمنظمة Kaiser Family Foundation غير الحكومية أن 13% من غير الحاصلين على اللقاح يعتقدون أن “لقاحات كوفيد-19 أظهرت أنها تسبب العقم”، أو أنهم غير متأكدين من صحة هذا الزعم. وبحلول أبريل/نيسان، كان 42% من البالغين من الفئة العمرية الواقعة بين 18 عاماً و 42 عاماً، قد سمعوا بهذا الأمر. وتتزايد التقارير التي تشير إلى أن حملات المعلومات المضللة تنشر هذا الادعاء.

لقاح كورونا الكويت مواطن كويتي
مواطن كويتي يقاضي سلطات بلاده بسبب لقاح كورونا/رويترز

إن هذا التأكيد ببساطة غير صحيح. ففي واقع الأمر، الإصابة بكوفيد هي التي تضر، وهي أضرار تتضمن الولادة المبكرة وولادة جنين ميت والمرض الشديد أثناء الحمل، بل ووفاة الأم في بعض الحالات، وذلك حسبما قالت الدكتورة دانجيلا بيتس، اختصاصية الولادة لدى منظمة Henry Ford Health System للرعاية الصحية. أضافت دانجيلا: “اللقاح يساعد في الحماية من ذلك”.

وأوضحت دانجيلا أنها تشرح لمريضاتها أن النساء صرن حبالى أثناء التجارب السريرية للقاح، وأن اللقاحات ثبت أنها آمنة في الحمل. تتبعت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة 35 ألف امرأة حبلى تلقين لقاحات فيروس كورونا، ولم يكن هناك أي زيادة في حالات الإجهاض أو أي نتائج سلبية بالنسبة لهؤلاء النساء أو أطفالهن.

ما الحل؟

كذلك تقدم دانجيلا، الاختصاصية في طب الأمومة والأجنّة، نصائح إلى مريضاتها اللواتي يرغبن في الحمل. إذ تشرح لهن أنها امرأة من جيل الألفية لم تنجب أطفالاً بعد، لكنها تريد أن تنجب في يوم ما. وتقول إن الحصول على اللقاح مهم للنساء اللواتي يخططن للحمل، “لأنكن ترغبن أن تفعلن كل شيء كي تكن صحيحات. سوف يبني اللقاح أنظمتكن الصحية لحمايتكن وحماية أطفالكن المستقبليين”. وبوصفها طبيبة أمريكية من أصول إفريقية، تخبر مريضاتها بأنها تستوعب انعدام الثقة الذي قد يكون لدى بعضهن من المؤسسات الطبية، وتوضح سبب عدم قلقها من حصولها هي نفسها على اللقاح.

تستخدم إيف فاينبرغ هذا النهج الشخصي هي الأخرى. إذ تخبر مريضاتها والآباء القلقين في مدرسة أطفالها أن ابنتها البالغة من العمر 15 عاماً وابنتها وابنها التوأمين البالغين من العمر 12 عاماً حصلوا جميعاً على اللقاح، وأنها “غير قلقة على الإطلاق” بشأن ادعاءات الخصوبة.

كورونا الإمارات
دراسة تحذر من السلالة الهندية لكورونا- رويترز

وفقاً لكاتبة المقال ليانا وين، تعد هذه النقطة مهمة. إذ تقول إنها وجميع الأطباء في حاجة إلى مقابلة المرضى في أماكن وجودهم، وأن يكون الجميع واضحين حول سبب قدرتنا على الحديث بكل ثقة بشأن اللقاحات. صحيحٌ أن الأطباء غير قادرين على القطع بأنه لن يكون هناك آثار طويلة المدى على الإطلاق للقاح فيروس كورونا، لكنهم قادرون على التأكيد على عدم وجود سبب علمي للخوف منه أيضاً، بالنظر إلى خبرتنا الممتدة لعقود مع عدد لا يُحصى من اللقاحات والتطعيمات الأخرى.

وبينما تعد المخاطر طويلة المدى للقاح مجرد فرضيات، فإن مخاطر كوفيد-19 حقيقية للغاية وحاضرة للغاية. ومع ظهور مزيد من السلالات المعدية، مثل دلتا، فإن غير الملقحين سوف يواجهون خيارين: إما التلقيح أو الإصابة بالمرض الذي تسبب في وفاة ما يقرب من 4 ملايين شخص حول العالم، وتسبب في آثار صحية مستمرة لدى عديد من المصابين الذين تعافوا من المرض.

وفي نهاية المطاف، تطغى الحجج على الجدال. وما علينا إلا أن نواصل تقديم هذه الحجج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى