آخر الأخبارتحليلات و آراء

هل يمثل وعيد ترامب لحماس .. النار التي تنضج الصفقة

سليم الزريعي

دون النظر إلى ما يفعله الكيان الصهيوني في غزة على مدار الساعة من حرب إبادة، التي كان أخر فصولها يوم الاثنين 6 يناير 3 مجازر ضدّ العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 48 شهيداً و 75 إصابة خلال الـ24 ساعة الأخيرة “. فيما “لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، في حين بلغت حصيلة حرب الإبادة على غزة منذ 7 أكتوبر العام قبل الماضي 45,854 شهيداً و109,139 إصابة ، توعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قادة حركة حماس، في مقابلة إذاعية مع برنامج هيو هيويت: أنه “إذا لم يتم إطلاق سراح المختطفين حتى أتولى منصبي، فسيكون هناك جحيم. قصدت كل كلمة قلتها”.

ولذلك فإن المنطق يقول إن الأيام القليلة المقبلة ربما تشهد ذهاب حركة حماس إلى  صفقة مع الكيان الصهيوني، تحت ضغط التهديد الترامبي حيث لم يعد للمناورة والتذاكي على الأقل بالنسبة لحماس بقادر على منحها فسحة من الوقت لتبديدها، في ظل إدارة ترامب المتماهية في الرؤية والقرار الإسرائيلي، وربما يؤشر ما أكده مسؤول في حركة حماس لوكالة “رويترز”، من أنّ الحركة وافقت على قائمة  تضمّ 34 من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، قدّمتها “إسرائيل”، لشملهم في اتفاق تبادل أسرى، ووقف لإطلاق النار، إلى أن حماس باتت على وعي بأهمية الوصول إلى اتفاق لسحب الذرائع من الرئيس الأمريكي المنتخب كي لا يستهدفها مباشرة.

لكن هل تكفي إرادة طرف واحد عقد صفقة تستلزم وجود طرفين، وإذا ما سلمنا أن حماس ستخطو خطوة إلى الأمام باتجاه تحقيق الاتفاق، فإنها تحتاج إلى طرف مقابل من الكيان الصهيوني، والسؤال هناـ هل رئيس وزراء الكيان الصهيوني المنتشي بما حققه في لبنان وسوريا وغزة على استعداد لعقد صفقة متوازنة؟ أم أنه يريد ما هو أكثر من ذلك، أي أنه يريد المغانم دون مغارم؟

ومؤشرات ذلك يكشفها الاختلاف حول تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإعادة الرهائن، ففي حين تقول حماس إنها وافقت على قائمة تضم 34 رهينة إسرائيلية سيعادون ضمن اتفاق قد يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف إطلاق النار.

فإن الكيان الصهيوني يقول إن القائمة لم تنقل إلى إسرائيل من قبل حماس، بل تم نقلها في الأصل من الكيان الصهيوني إلى وسطاء في وقت مبكر من يوليو 2024. وحتى الآن، لم تتلقَّ إسرائيل أي تأكيد أو إشارة من حماس حول وضع الرهائن الواردة أسماؤهم في القائمة».

وأوضح المصدر الإسرائيلي أن حماس لم تقدم أي معلومات عن المختطفين أو وضعهم الحالي. وأفاد موقع «واللا» الإخباري، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير لم يسمه، بأن حماس وافقت على القائمة مقابل «ثمن مناسب»، أي عدد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم بوصفهم جزءاً من الصفقة، لكنها رفضت أن تقول من منهم على قيد الحياة ومن منهم لم يعد كذلك، مما يجعل من المستحيل تحديد الثمن المناسب.

وبحسب موقع «واي نت» الإسرائيلي، طلبت حماس وقف إطلاق النار لمدة أسبوع كي تجيب عن حالة كل شخص منهم، لكن في إسرائيل لا يعتقدون أن حماس صادقة، ويطالبون بإطلاق سراح بعض المختطفين دفعة تثبت جدية حماس قبل بدء الهدنة، وبعد ذلك تستطيع حماس التحقق من حالة المختطفين الآخرين بموجب شروط وقف إطلاق النار.

وبسبب كل ذلك تقرر تأخير رحلة المفاوض الإسرائيلي برنياع لقطر إلى وقت غير محدد بانتظار إحراز تقدم، وذلك في إشارة إلى انتظار تفاصيل حول وضع كل شخص في القائمة التي نشرت الاثنين، في وسائل الإعلام عبر «حماس»، إذا كان حياً أو ميتاً مريضاً أو مصاباً.

لكن يبدو أن نتنياهو يحاول استثمار وجود ترامب إضافة إلى ما اعتبره إعادة الاعتبار لقدرة الكيان على الردع بعد واقعة 7 أكتوبر 2023 ، من خلال السعي إلى زيادة عدد الرهائن الأحياء. وطلب الكيان لبعض المختطفين الذين لا يندرجون في الفئة الإنسانية “الكلاسيكية” – كما تم الاتفاق عليه في المفاوضات السابقة ويشمل الرجال الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما، وهذا كما تقول حماس استثناء لكل ما تم الاتفاق عليه.

وأمام رفض حماس، يحاول الوفد الإسرائيلي، الذي يضم ممثلين عن الشاباك والجيش الإسرائيلي، تقليص الخلافات والمضي قدمًا حيثما أمكن ذلك. ورغم الجهود المبذولة وبسبب التفويض المحدود نسبيا، هناك نقاط لا يمكن حلها إلا بقرار سياسي – سواء من جانب إسرائيل أو من جانب حماس. وتزعم مصادر مطلعة على التفاصيل أن المفاوضات تتقدم ببطء وثبات، ولكن حتى في هذا الوقت لا يوجد انفراج أو نضج في الاتصالات.

والسؤال على ضوء كل ذلك هل يتعمد نتنياهو المماطلة، من أجل ترهيب حماس من الصدام المباشر مع ترامب الذي سيعتبر موقف حماس عدم الإفراج عن الرهائن بمثابة إهانة شخصية له، سعيا لابتزازها للحصول في هذه اللحظة على ما عجزت حرب استمرت أكثر من عام على تحقيقه؟ وهل ستبتلع حماس الطعم؟ الأيام القليلة المقبلة ستقدم لنا الإجابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى