واشنطن بوست: المطالبات الدولية بإقامة دولة فلسطينية تزداد ارتفاعا أكثر من أي وقت مضى
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الضجة المطالبة بإقامة دولة فلسطينية تزداد ارتفاعاً حيث ترى الولايات المتحدة وجيران إسرائيل العرب أن إحياء “حل الدولتين” عنصر أساسي في أي سلام كما يتجه عدد متزايد من الدول إلى تأكيد هذا السيناريو من حيث المبدأ، بغض النظر عن عدم وجوده على أرض الواقع.
وأفادت الصحيفة في تقرير اليوم الاثنين بأن واحدة من تلك الدول هي إسبانيا حيث من المتوقع أن تعترف الحكومة في مدريد، إلى جانب نظيراتها في أيرلندا ومالطا وسلوفينيا، في وقت لاحق من هذا الشهر رسميًا بالدولة الفلسطينية، لتنضم إلى أكثر من 140 دولة عضو أخرى في الأمم المتحدة تعترف بالفعل.
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن هذه اللفتة الرمزية، التي أرسلتها الحكومة الإسبانية، كانت جزءًا من إيمان بلاده بضرورة حل الدولتين لتسوية الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين ووضع حد لدوامة العنف في المنطقة.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وأضاف ألباريس أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو “الأداة الأفضل الآن لحماية حل الدولتين” في وقت يبدو فيه الأمل ضئيلاً في أن يؤتي هذا الحل ثماره، مشيرا إلى أن مثل هذا الإجراء، إلى جانب أشكال أخرى من الضغط الدبلوماسي على إسرائيل مثل العقوبات المفروضة على بعض الكيانات الاستيطانية في الضفة الغربية التي فرضتها الإدارة الأمريكية، يمكن أن يساعد في دفع الوضع الراهن الذي لا يمكن التغاضي عنه كما أن قرار إسبانيا بالاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية سيساعد في “توجيه المحادثات” في أوروبا.
وخلال المقابلة التي أجريت يوم الجمعة الماضية في واشنطن حيث كان ألباريس في رحلة ليوم واحد التقى خلالها بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قلل وزير الخارجية الإسباني من أهمية نقاط الخلاف مع الولايات المتحدة، مؤكدا رغبتهما المشتركة في تحقيق “سلام نهائي” في المنطقة.
امتيازات جديدة لدولة فلسطينية
وأشاد ألباريس بدبلوماسية بلينكن المكوكية المتواصلة في الشرق الأوسط لكن في ذلك اليوم بالذات، صوتت إسبانيا لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي حث على “حقوق وامتيازات” جديدة لدولة فلسطينية ، ودعا مجلس الأمن إلى إعادة النظر في طلب الفلسطينيين أن يصبحوا العضو رقم 194 في الأمم المتحدة بينما كانت الولايات المتحدة من بين مجموعة صغيرة مكونة من تسع دول صوتت ضد القرار.
ووفقا للصحيفة، فإن وجهة النظر الأمريكية هي أن العضوية الفلسطينية الكاملة في الأمم المتحدة يجب ألا تسبق المحادثات الناجحة مع إسرائيل، بل تأتي بعدها ، ونقلت عن روبرت وود، نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، قوله يوم الخميس الماضي: “لقد قلنا منذ البداية أن أفضل طريقة لضمان العضوية الكاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة هي القيام بذلك من خلال المفاوضات مع إسرائيل، ويظل هذا هو موقفنا.”
المفاوضات مع إسرائيل
لكن ألباريس جادل بالعكس ، وأكد أن الاعتراف الدولي في منتديات مثل الأمم المتحدة يشكل إحدى الطرق لتعزيز قضية الدولة الفلسطينية والتوسط في السلام، قائلا “قريبا، إذا لم نتحرك، سيكون الأمر مستحيلا تماما”.
وكانت الحكومة الإسبانية صريحة بشأن التجاوزات الملحوظة في الهجوم الإسرائيلي على غزة حيث دعت إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي كما حذرت من أن نهج نتنياهو الحالي يهدد بعزلة إسرائيل على المسرح العالمي.
مدينة رفح الفلسطينية
وأدان ألباريس التحرك الواضح تجاه مدينة رفح الفلسطينية التي تضم أكثر من مليون فلسطيني، العديد منهم نزحوا بسبب الحرب الجارية منذ أكتوبر الماضي، قائلا :” هناك بالفعل كارثة إنسانية تحدث في غزة، لكن هذا سوف يخرج عن نطاقه”.
ولم تُقابل الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الإسبانية بنفس الإجراءات القمعية التي شوهدت في أماكن أخرى في أوروبا والولايات المتحدة حيث أوضح ألباريس قائلاً إن” الصراع كان له صدى أكبر بالنسبة لبلاده ربما لأننا دولة متوسطية، نعرف العالم العربي جيدًا، لأنه جزء من تاريخنا”.
وأضاف أن وجهة نظر حكومته ترتكز على تبني مبادئ عالمية تمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط وتؤكد أيضًا نهجها في دعم مقاومة أوكرانيا للهحوم الروسي والإيمان بحماية المدنيين، والدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان والالتزام بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
واختتم ألباريس المقابلة قائلا: “نؤيد هذه الأشياء، سواء في أوكرانيا أو في غزة… عندما نقول دعونا نوقف هذه الحرب، فإننا نريد ذلك في أوكرانيا ونريده في غزة”.
دولة فلسطينية قابلة للحياة
ورأت الصحيفة أنه على الأرض، لا توجد مؤشرات تذكر على وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة حيث لا تزال أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية – والتي يُتصور أن تكون مقرًا لعاصمة فلسطينية مستقبلية – تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي بحكم الأمر الواقع، مقسمة حسب الضرورات الأمنية للدولة الإسرائيلية واتساع نطاق المستوطنين اليهود ، كما أن أراضي غزة هي منطقة حرب مدمرة ومليئة بالأنقاض، وهي مقبرة لأكثر من 34900 فلسطيني قتلوا في الهجوم الإسرائيلي المستمر ضد حركة حماس منذ أكتوبر الماضي.
وأضافت أنه في مختلف الفصائل الرئيسية في إسرائيل، من المعسكر اليميني بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى خصومه الأكثر اعتدالا، ليس هناك اهتمام حتى بالحديث عن تقرير المصير أو إقامة دولة فلسطينية سواء قبل هجمات 7 أكتوبر الماضي أو بعدها.