“واشنطن بوست” تكشف معلومات “مرعبة” عما حدث في طريق خاشقجي إلى الثواني الرهيبة والأخيرة من حياته
تساءل المعلق المعروف في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس، عما وصفه بما حدث للصحافي السعودي المغدور جمال خاشقجي في الثواني الرهيبة والأخيرة من حياته.
ويقول “إغناطيوس”: “في الساعة 1:14 من ظهيرة 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، تلقى فريق عمليات خاصة ينتظر جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية في اسطنبول خبرا وصوله. وبعد 25 دقيقة كان كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست ميتا. وسمع صوت وصفته السلطات التركية لاحقا قالت إنه صوت منشار”.
وتابع: “بعد عام لم تقدم السعودية أي تفسير واضح لما حدث لجمال. ولكن مصادر سعودية وأمريكية وأوروبية، وما أسهبت في تقديمه المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون القتل خارج القانون أغنيس كالامار في تقريرها الذي نشر في حزيران/ يونيو، تساعد في إعادة تركيب الأحداث التي قادت إلى جريمة قتل جمال، زميلي وصديقي”.
ونقل عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن التحقيق السعودي في هذه الجريمة لا يزال “عرضيا وغير منظم وارتجاليا” مع أن الحقائق مختبئة أمام العين الناظرة. و”هذه جريمة قتل لم تمت لسبب بسيط: فهي تصف مكيدة رهيبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وسعود القحطاني، مستشاره الإعلامي وللعمليات السرية في الديوان الملكي لإسكات ناقد شجاع”.
ويقول إن “م ب س” كما يعرف لم يقدم إلا تصريحا عاما عن المسؤولية “فقد حدثت تحت ناظري، وأتحمل المسؤولية لأنها حدثت تحت سمعي وبصري” قال لمارتن سميث في مقابلة أجراها معه في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي. وقال نفس الشيء في مقابلة مع برنامج “ستون دقيقة” في شبكة “سي بي إس” الذي تم بثه يوم الأحد.
ولكن ماذا حدث في طريق خاشقجي إلى الثواني الرهيبة والأخيرة من حياته؟ فقد أغضب نقد الصحافي “م ب س” والقحطاني على مدى عام كامل.
وتقول المصادر الأمريكية والسعودية إن الإثنين بدءا بالحديث في عام 2017 حول الطريقة التي يجب بها تكميمه، إلا أن العملية التي قادت لمقتله في اسطنبول بدأت في 28 أيلول/ سبتمبر 2018، عندما زار خاشقجي القنصلية لأول مرة للسؤال حول الترتيبات القانونية لزواجه من خطيبته التركية وعندها تحرك فريق محمد بن سلمان.
ففي مساء 28 أيلول/ سبتمبر، وحسب تقرير كالامار، اتصل مسؤول أمني في قنصلية السعودية في اسطنبول بماهر المطرب، ضابط الاستخبارات الذي عمل لولي العهد والقحطاني، وقال الضابط الأمني إن خاشقجي سيحضر مرة ثانية إلى القنصلية في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، لاستكمال أوراقه مما يقدم فرصة ذهبية لمواجهة “واحد من الأشخاص” الذين تلاحقهم حملة القحطاني ضد المعارضين.
وفي وقت لاحق منذ ذلك المساء اتصل القنصل العام مع زميل له في الرياض الذي أخبره أن “عملية سرية” في الطريق، وهو ما أثبتته كالامار في تقريرها بناء على تسجيل للمكالمة، وجاء الأمر الرسمي لعملية اسطنبول من أحمد عسيري، نائب مدير المخابرات.
وأخبر عسيري محكمة سعودية في 31 يناير، أنه “أمر الفريق لإقناع خاشقجي بالعودة إلى السعودية ولم يطلب منه استخدام القوة”، ومن أعطي الصلاحية للعملية، لو كان ذلك ضروريا، جاء في المرتبة الثانية بعد القحطاني، حسبما أخبر مصدر سعودي على علاقة مع قصر محمد بن سلمان.
وزعم النائب العام السعودي نفسه أن القحطاني التقى مع فريق “المفاوضات” من أجل تبرير العملية التي حاولت القبض على خاشقجي وإعادته باعتباره “تهديدا للأمن القومي”، وقال مصدر سعودي إن القحطاني تجاهل دعوة النائب السعودي لتقديم شهادة.
ووصل ماهر المطرب وفريقه إلى اسطنبول على متن طائرة سعودية خاصة في الساعة 3.30 صباح يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر، وتم تجنيد الدكتور صلاح الطبيقي في اللحظة الأخيرة، وذلك لخبرته في تشريح وتقطيع الجثث، وبعدما وضعوا أمتعتهم في الفندق ذهبوا إلى القنصلية للانتظار، وفي الساعة التي سبقت حضور خاشقجي تحدث المطرب والطبيقي حول ما يجب عليهم عمله.
ففي كتاب لصحافيين تركيين اطلعا على أشرطة القنصلية المسجلة، قال المطرب: “سنقول له أولا بأننا سنأخذه إلى الرياض، ولو رفض فسنقتله هنا ونتخلص من الجثة”. وتبع ذلك حديث بشع وصف فيه الطبيقي أسلوب تقطيع الجثة والتخلص منها “سيتم فصل الأطراف، ولو أحضرنا الأكياس البلاستيكية وقطعناها إلى قطع فستنتهي”، وهو ما ورد في تقرير كالامار.
وقال المطرب عندما وصل خاشقجي “سنأخذك معنا”. وأمر خاشقجي بإرسال رسالة نصية لابنه في المملكة يخبره أنه سيختفي لمدة، لكن خاشقجي رفض، فرد المطرب: “لو لم تساعدنا فأنت تعرف ماذا سيحصل في النهاية”. ورفض خاشقجي السكوت حيث قال: “هل ستقومون بتخديري”، وعندها سمع في التسجيل صوت مقاومة حيث تم تخديره. ثم سمع صوت أحدهم، “هل نام؟” ثم قال آخر: “واصل حقنه”، وكان هناك لهاث مع وضع كيس على رأسه كما يبدو ثم صمت. وبعدها سمع صوت المنشار وهو يقطع الجثة.
وماذا كان سيقول القحطاني عن دور ولي العهد وإن كان قد أمر بالعملية؟ لا ندري لأنه رفض تقديم شهادة في المحكمة السعودية.
وعزل القحطاني من وظيفته في الديوان الملكي، ولكن مسؤولين أمريكيين يقولون إنه يواصل تقديم النصح لزملائه السابقين.
ويواصل محمد بن سلمان الذي تبناه دونالد ترامب التجول في العالم وكأن الجريمة لم تحدث، وربما عدنا إلى رسالة على تويتر أرسلها القحطاني في آب/ أغسطس، عندما سئل عن نشاطاته، حيث قال: “أنا لا أقدح من رأسي وإنما أنفذ أوامر سيدي”.