وثائق سرية بمنزل ترامب.. الترشح للرئاسة مجددا في مهب الريح
مزق الرئيس السابق دونالد ترامب باستمرار أوراقا عندما كان لا يزال بمنصبه، ولدى مغادرته السلطة، أخذ صناديق من السجلات الرسمية معه.
الآن، وفي إطار تحقيق فيدرالي، أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تفتيشا وافقت عليه المحكمة لمحل إقامة ترامب في نادي مارالاجو بولاية فلوريدا، بسبب مخاوف من أن ترامب لم يضع جميع الوثائق في الأرشيف الوطني، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
وكشفت مذكرة التفتيش أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وجد معلومات سرية للغاية في محل إقامة ترامب، أثناء البحث عن أدلة على انتهاك ثلاث جرائم محتملة، من بينها جزء من قانون التجسس.
وفي وقت سابق من هذا العام، استعادت إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية 15 صندوقا من سجلات البيت الأبيض من مارالاجو، ورأت أن بعض المستندات كانت مصنفة “سرية”. وطلبت الوكالة من وزارة العدل التحقيق،
وفي أبريل/نيسان، أفادت “واشنطن بوست” بأن المدعي الفيدرالي يتحقق منها.
وبحلول مايو/آيار، بدأت وزارة العدل تسأل مساعدين سابقين في البيت الأبيض عن الصناديق، وشكلت هيئة محلفين كبرى، وهو تصعيد كبير في التحقيق، وأصدرت الهيئة مذكرة استدعاء لمعرفة المزيد.
وفي الربيع، فتش أعضاء فريق ترامب القانوني منطقة تخزين في مقر إقامة الرئيس السابق، وسلموا العديد من الأغراض التي اعتقدوا أنها قد تعتبر سجلات رئاسية، بحسب ما قالت محامية ترامب، كريستينا بوب.
وفي أغسطس/آب الجاري، فتش عملاء “إف بي آي” مارالاجو، إذ كانت سلطات الحكومة قلقة من أن ترامب لم يسلم جميع المواد السرية التي أخرجها من البيت الأبيض، وبعض المواد في مارالاجو مرتبطة بأسلحة نووية.
ولكي يفتش مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل شخص – ناهيك عن منزل رئيس سابق – يتطلب ذلك من الحكومة أن تظهر قدرا هائلا من الأدلة على أن لديها سبب للاعتقاد في احتمال ارتكاب جريمة.
وقال وزير العدل الأمريكي، ميريك جارلاند، إنه وافق على طلب إصدار مذكرة تفتيش والأدلة تم تقديمها إلى قاضي فيدرالي، الذي وقع على أمر محكمة يصدق على التفتيش.
هل ترامب متهم بارتكاب جريمة؟
ربما أثارت مذكرة التفتيش سؤالا حول ما إذا كان ترامب أو شخص مقرب منه انتهكوا القوانين الفيدرالية التي تحظر إخفاء أو الاحتفاظ بمعلومات مرتبطة بالدفاع، بما في ذلك قانون التجسس.
ويحظر القانون الاحتفاظ بمعلومات مرتبطة بالدفاع إذا لم يكن من المفترض أن يصل إليها الشخص.
وهناك عدة سبل لانتهاك هذا الجانب من قانون التجسس، بحسب خبراء قانون.
وقال جاك شارمان، الذي عمل مستشارا خاصا بالكونجرس خلال تحقيق “وايت ووتر”، عن جرائم التجسس، “من جانب هناك بيع الأسرار إلى حكومة أجنبية، ومن جانب آخر، اعترف مسؤولون حكوميون في وقت سابق بالذنب في جرائم أقل خطورة، مثل حيازة معلومات ليس من المفترض أن تتوفر لديهم”.
وهناك عنصر أساسي في انتهاك هذا القانون وهو النية، توضح باربرا ماكويد، مدعية أمريكية سابقة، في هذا الإطار، “أن يكون لدى المدعي عليه سببا للاعتقاد أنه يمكن استخدام المعلومات للإضرار بالولايات المتحدة أو لصالح دولة أجنبية.
كما جاءت مذكرة التفتيش على ذكر جريمة فيدرالية أخرى: المحاولة عن عمد لإخفاء أو إتلاف وثائق رسمية. ويعاقب عليها بالسجن ثلاثة أعوام، والتجريد من أهلية شغل منصب عام.
ويتطلب انتهاك هذا القانون نية متعمدة لأخذ أو إخفاء أو إتلاف الوثائق.
هل يحرم ترامب من المنصب؟
ويعتقد بعض خبراء القانون أن ترامب قد يحرم من الترشح للرئاسة مجددا إذا ثبت أنه مذنب في إخفاء أو إتلاف وثائق رسمية، وهذا لأن القانون المتعلق بالوثائق العامة يقول إن المنتهك “سيفقد منصبه ويجرد من أهليته لشغل أي منصب بالولايات المتحدة”.
قانون آخر قد يتهم ترامب بخرقه يسمى “قانون سجلات الرئاسة”، ويتطلب أن يحتفظ ترامب بسجلاته ومكالماته الهاتفية المتعلقة بمهامه الرسمية كرئيس.
وانتهك كل رئيس قانون السجلات الرئاسية بطريقة ما، مثل استخدام الهواتف الشخصية لإرسال الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكتروني. وبحسب مؤرخ الرئاسة روبرت ديفيد جونسون، قد يكون ترامب أكثر مرتكبي الانتهاكات فظاعة للقانون على مدار الـ44 عاما الماضية.
وقال جونسون: “منذ ريتشارد نيكسون، لا يوجد مثال على رئيس يتظاهر بعدم وجود القانون”، لكن كانت أفعال ترامب على مستوى مختلف تماما، وطبقًا لتقرير لـ”واشنطن بوست”، مزق ترامب مئات الوثائق – وربما أكثر – بشكل عشوائي.
لماذا الاحتفاظ بالوثائق مهم؟
في نهاية إدارة كل رئيس، يجب أن يسلم المسؤولون الوثائق الرسمية – التي عادة ما تصل إلى آلاف الصفحات – والشرائط إلى الحكومة الفيدرالية.
ويمكن أن يتضمن ذلك إحاطات تتعلق بالأمن القومي، وملاحظات مكتوبة بخط اليد، والسجلات والجداول الزمنية الرئاسية، ورسائل البريد الإلكتروني والفاكس، وسجلات الهاتف، ويقتضي القانون أيضًا أن يتخذ الرئيس وموظفيه “كل خطوة عملية” للحفاظ على كل هذا.
ويشرف أمناء المحفوظات بدار المحفوظات الوطنية على العملية بأكملها. وتختار الدار الوثائق وتقرر أي منها تحفظه، وما يمكن نشره، وما يجب أن يظل خاصا أو منقحا، استنادا إلى مخاوف الأمن القومي المحتملة أو الأسباب الأخرى.