وثيقة مسربة تزيح الغموض عن طريقة اغتيال ياسر عرفات وتكشف عما دار في آخر اتصال له مع حسني مبارك
وتوفي ياسر عرفات في مشفى باريس العسكري في 11 نوفمبر 2004 بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة برام الله وسط الضفة الغربية، فيما تم تشكيل لجنة التحقيق بعد مرور ست سنوات على اغتياله.
وبحسب الوثيقة المسربة فإن آخر اتصال من زعيم عربي تلقاه عرفات كان من الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي قاله له: “أنصحك أن تسّلم السلطة وأنا أعرف عن ماذا أتكلم”.
وكانت مجموعة على تطبيق “تيلغرام” تحمل اسم “أيقونة الثورة” نشرت وثائق تعرض لأول مرة، تشمل إفادات مسؤولين حاليين وسابقين في السلطة الفلسطينية بخصوص اغتيال الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات.
وتكشف الوثيقة الجديدة شهادة مستشار الرئيس عرفات، الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، التي أدلى بها أمام لجنة التحقيق في الثامن والعشرين من يوليو 2012، حيث تحدث عن رفع الغطاء الدولي عن الرئيس عرفات بدلالة أنه لم يجرؤ أي رئيس عربي خلال الأشهر الأخيرة على الاتصال به.
ويقول أبو ردينة إن آخر زعيم عربي اتصل بعرفات قبل وفاته بأربعة أشهر كان الرئيس المصري (السابق) حسني مبارك، وأبلغه بالحرف الواحد أن “الاتصال قد يكون مسجلا.. وأنصحك أن تسلم السلطة وأنا أعرف عن ماذا أتكّلم”.
وبحسب أبو ردينة، فإن أي رئيس عربي بعد ذلك لم يجرؤ على التواصل مع عرفات، وتخلوا عنه بالكامل.
ويشير إلى طلب عرفات من بعض الرؤساء العرب تزويد السلطة بالمال لدفع الرواتب “وكانت ردودهم مخجلة”.
وبحسب الوثيقة فقد قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول، لعرفات: “نرجو ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة لك. لا بد من اتخاذ إجراءات”.
“لكنّ أبا عمار كرجل تاريخي لم يكن عنده أي استعداد منذ كامب ديفيد للاستسلام أو التنازل عن ثوابته الفلسطينية أو القدس، لذلك رفض الانتقال إلى غزة لأنه يعلم أنه في حال ترك رام الله فستضيع الضفة الغربية والقدس”، بحسب إفادة أبو ردينة.
وكشف أبو ردينة عن طلبات سياسية وأمنية لوزير الخارجية الأمريكي من عرفات تؤدي إلى وقف انتفاضة الأقصى وتسليم كل المطاردين، ثم اتخاذ إجراءات عسكرية وأمنية تجعل عرفات مسيطرًا على كل ما بين يديه.
وشدد على أن “عرفات لم يتنازل ولم يوقف الانتفاضة ولم يقدم أي تنازل، لذلك كانت هناك مؤامرة إسرائيلية أمريكية بأن عرفات يجب أن ينتهي عهده”.
ويسرد مستشار الرئيس تفاصيل واقعة قبل ثلاثة أشهر من اغتيال عرفات، عندما زاره صحفي إسرائيلي مقرب منه يدعى “آمنون كابليوك”، وقال له: “في إسرائيل يبحثون هل من المصلحة قتل عرفات أم لا، فجميعهم قالوا نعم.. لكن أحدهم قال: على ألا نترك أي بصمات”.
ويرجح أبو ردينة أنه تم تسميم الرئيس من خلال شخص يقدم له مشروب قهوة أو شايا بشكل منفرد، مستبعدا أن يكون تم تسميمه عبر الطعام أو مواد مشعة، لأنه اعتاد أن يأكل مع آخرين، ولو جرى ذلك لظهرت أعراض على آخرين.
وشدد على أن الطعام خلال حصار الرئيس كان يأتي في سيارة، والإسرائيليون كانوا يطلبون من السائق مغادرتها إلى مكان بعيد لحين تفتيشها”.
ويشير إلى أن “هناك مئات وربما آلاف أحضروا هدايا من حلويات وأدوية لمعالجة آثار الرشح والإنفلونزا، ولوحات معدنية تذكارية”.
وحين سؤاله عن معرفته بقضية أحد طباخي الرئيس الذي جنده الاحتلال، قال: “سمعت عن اعتقال بعض الطباخين ولم يطلق سراحهم، وأحيانًا يتم اعتقالهم ويعودون لعملهم”.
وكان أحد الأسئلة الموجهة من لجنة التحقيق لـ أبو ردينة: “هل تعلم أن هناك خزان مياه خاص بأبي عمار يتوضأ ويشرب منه وحده؟ وتم اكتشاف ذلك بعدما أصيب بحكة في جسده؟ وأن الخزان منفصل؟ ولمن تحمل مسؤولية عدم المعرفة وعدم الرقابة الأمنية أو الصحية على هذا الموضوع؟”.
وفي رده قال: “هناك شخص مسؤول اسمه يوسف العبد الله، ومجموعة أخرى كمدير مكتب الرئيس من المفترض أن يجيبوا عن هذه الأسئلة، ولماذا تم تغيير الخزان، ومن الذي أتى به، ومن الذي غطى التكلفة المالية”.
وختم أن “هذه مؤشرات خطيرة ومهمة جدا ممكن أن تؤدي إلى خيوط كثيرة”.