وزيرة سورية سابقة: على الحكومة مصارحة الناس بدلا من الوعود التي لا تنفذ
دعت وزيرة الاقتصاد السورية السابقة لمياء عاصي، الحكومة إلى مصارحة الناس بالوضع الاقتصادي بدلاً من إلقاء الوعود التي لا تنفذ والبنك المركزي إلى اتخاذ إجراءات لتحسين الوضع، وذلك في ظل تدني سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات تاريخية.
وقالت عاصي في تصريحات “سوريا تخرج للتو من حرب استمرت لسنوات طويلة هاجرت فيها الأموال والخبرات وتوقفت القاعدة الإنتاجية، إضافة لفرض العقوبات الاقتصادية المختلفة التي كان آخرها قانون سيزر، وتحتاج هذه المرحلة أن تتمتع الحكومة بجرأة مصارحة الناس بالوضع الاقتصادي بدل الوعود التي لا تنفذ”.
وأشارت عاصي إلى المشكلة الأكبر وهي أن السوريين مع كل ارتفاع لسعر الدولار أمام الليرة يشعرون “بتآكل سريع لقدراتهم الشرائية بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية ويشعرون بعدم قدرتهم على تلبية متطلباتهم الأساسية والضرورية من غذاء ودواء”.
ورأت الوزيرة السابقة أنّه في ظل محيط مضطرب وغياب شبه كامل للاستقرار في البلد والمنطقة فإن “إدارة البلاد في هذا الوضع الاستثنائي يتطلب قدرات استثنائية وغير تقليدية”.
البنك المركزي والسياسات النقدية
واعتبرت الوزيرة السابقة “أن السياسات النقدية الحالية في سوريا، لم ترتق لمستوى التحديات الحالية ولا يمكن فهمها في ظل اقتصاد وطني يعاني الأمرين، من تداعيات حرب قذرة وتضخم وقلة موارد وظروف معيشية قاسية، إذ أن السعر الرسمي لصرف الدولار الذي أعلنه وثبته المصرف المركزي هو 435 ليرة للدولار بينما تجاوز سعره في السوق السوداء حاجز الـ1000 ليرة”.
ووصل سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء إلى مستوى تاريخي غير مسبوق تجاوز 1200 ليرة سورية مقابل الدولار.
وأضافت أنّ “هذا الفرق الكبير يعتبر طاردا للحوالات الخارجية التي يمكن أن يرسلها السوريين في بلاد الاغتراب. فكيف يمكن الاستغناء عن المصادر الدولار في وقت فيه شح للموارد العامة للدولة، وفي سياستنا النقدية غير المتسقة مع أبسط المبادئ الاقتصادية، يعتبر سعر الفائدة المعلن عنه غير متناسب مع معدل التضخم وسعر الصرف في البلد، ومع ذلك يصر المصرف المركزي على سياسة مالية بالرغم من عدم نجاعتها”.
وأشارت عاصي والتي خدمت أيضا سفيرة لبلادها في ماليزيا الدولة ذات التجربة الاقتصادية الناجحة، إلى أن عدم انتظام التغذية الكهربائية وشح الموارد النفطية “يؤثر سلبا على الإنتاج الصناعي والخدماتي والزراعي ويرفع كلفة إنتاج السلع فلا تعود منافسة سواء للتصدير أو الاستهلاك المحلي، وهذا يعني ضعف الإنتاج المحلي وبالتالي انخفاضه والدخول في دوامة انخفاض سعر صرف الليرة السورية والمستوى المعيشي نتيجة فقدان عدد كبير من السلع أو اللجوء إلى استيرادها وبالتالي ارتفاع أسعارها أكثر”.
الأزمة المالية في لبنان ساهمت في المزيد من الصعوبات
وشرحت الوزيرة السابقة عن تلازم الأزمات المالية في لبنان وسوريا وتأثيرهما المتبادل، وأوضحت “من الطبيعي أن تؤثر الأزمة المالية في لبنان على الاقتصاد السوري سلبا وتساهم في تفاقم الوضع المعيشي سوءا، لأن غالبية التجار والصناعيين من السوريين كانوا يودعون أموالهم في مصارف لبنانية بما يؤمن لهم سهولة في عمليات التحويل المصرفي من أجل الاستيراد وتحويل العملات، الأزمة السياسية والمالية في لبنان وإيقاف السحب جعل الاستيراد أكثر صعوبة على التاجر السوري”.
وأضافت “المفارقة أن الجميع يعلم أن لبنان كدولة مثقل بدين سيادي كبير جدا وخدمة هذا الدين أي الفوائد والأقساط المستحقة عليه تتجاوز إمكانياته على التسديد، ومع ذلك استقر النظام المصرفي اللبناني خلال السنوات الخمس وعشرون السابقة مما عزز الثقة به”.
الحلول المطروحة
وحول هوامش الحركة الاقتصادية التي تمكن الحكومة من الخروج من هذا المأزق الخطير، قالت عاصي “يمكننا البدء في هذا الإطار بتخفيف تداعيات المشكلات وليس حلها بشكل نهائي، على سبيل المثال، يمكن إعادة النظر بسياسة الدولة تجاه المستوردات”.
وأضافت “لا بد من تغيير ملموس في السياسة النقدية بما يضمن الحصول على العائدات الممكنة من الدولار وتعديل سعر الفائدة بما يتلاءم مع الوضع الحالي ويؤدي إلى زيادة الإيداعات أيضا، لأن الليرة السورية عندما تفقد جزءا من قيمتها تفقد الدولة أيضا جزءا هاما من قيمة موجوداتها النقدية في المصارف أو المؤسسات كما أن أقساط المدفوعات بالعملات الأجنبية تصبح أعلى بالنسبة لميزانيتها أو إيراداتها المقومة بالعملة المحلية”.
وتعاني سوريا حاليا من شح في الموارد النفطية المستخدمة في التدفئة والكهرباء في ظل ارتفاع كبير ومتزايد لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في السوق السوداء ترافق مع زيادة كبيرة للأسعار في الأسواق ما خلق حالة من التشنج في الشارع السوري تمثل بدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الوضع المعيشي نتج عنها خروج بعض التظاهرات في محافظة السويداء أول أمس حملت شعار “بدنا نعيش”.