يخترقون المخابرات والجيش والشرطة.. الكشف عن مئات اليمينيين المتطرفين في أجهزة الأمن الألمانية
كشفت دراسة ألمانية حكومية نشرت، الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن هناك أكثر من 370 حالة تطرّف يميني مُتشدّد مشتبهاً بها في أجهزة الشرطة والأمن الألمانية، لكنّ الخبراء يقولون إنها لا تكشف العمق الحقيقي للمشكلة، حسب ما نشرته صحيفة Washington Post الأمريكية.
نتائج الدراسة تأتي بينما تشهد هجمات اليمين المتشدّد ارتفاعاً في ألمانيا، مع نمو القضايا الجنائية بنسبة 9.7% عام 2019 مقارنةً بالعام السابق وفقاً للتقرير، والتي خلصت أيضاً إلى أن اختراق اليمين المتطرف وصل إلى الجيش الألماني بما في ذلك الوحدات الخاصة.
مئات المنتسبين للشرطة من “المتطرفين”: إذ أجرى التقرير الصادر عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) مسحاً لقوات الشرطة في 16 ولاية اتحادية بحثاً عن حالات لضباط مشتبه في صلتهم باليمين المتشدّد على مدار السنوات الثلاث الماضية. إذ أبلغت الأجهزة الأمنية في الدولة عن 319 حالة مشتبه بها، بينما أبلغت الأجهزة الاتحادية عن 58 حالة.
يأتي هذا الكشف في أعقاب سلسلةٍ من فضائح اليمين المُتشدّد التي عصفت بقوات الأمن الألمانية.
ففي الأسبوع الماضي، قالت شرطة برلين إنها تُحقّق في أمر 25 ضابطاً لمشاركتهم في مجموعة دردشة تنشر نكات عنصرية ونقاشات يمينية مُتشدّدة، بينما قالت المخابرات الداخلية الألمانية إن ثلاثةً من موظفيها المسؤولين عن مراقبة مجموعات الدردشة اليمينية المتشددة يخضعون للتحقيق بسبب مشاركتهم فيها.
كما جاء ذلك في أعقاب إيقاف 29 ضابطاً عن العمل في ولاية شمال الراين-وستفاليا الشهر الماضي بسبب مشاركتهم صوراً متطرّفة، منها صور لأدولف هتلر.
وقبل أسبوعين، أُجبِرَ رئيس المخابرات العسكرية الألمانية على الاستقالة بعد حلّ وحدةٍ كاملة من القوات الخاصة في البلاد بسبب صلاتها اليمينية المتشدّدة.
“عنصرية هيكلية” في الشرطة: بسبب تواتر الوقائع، صار من الصعب على السلطات الألمانية الاستمرار في تجاهل المشكلة باعتبارها “حالات فردية”، بينما تزايدت الضغوط على وزارة الداخلية من أجل التطرّق للقضية.
إذ رفض وزير الداخلية هورست زيهوفر، أمس الثلاثاء، الاتهامات بوجود مشكلة “عنصرية هيكلية” في الشرطة. وقال إن التركيز لا يجب أن ينصبّ على الشرطة فقط، بل كافة المناصب العامة. وأردف أنه سيتقدّم باقتراحٍ لمجلس الوزراء من أجل دراسةٍ أكثر شمولاً للعنصرية في المجتمع.
في حين أشارت زعيمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط ساسكيا إسكن، في يونيو/حزيران، إلى احتمالية وجود “عنصريةٍ كامنة” وسط قوات الشرطة، تعرّضت لرد فعلٍ عنيف حتى من أعضاء حزبها. ووصف سيهوفر الفكرة حينها بأنها “غير مفهومة”.
في الشهر التالي، أوقف دراسةً أعلنت عنها وزارات العدل والداخلية للتحقيق في استخدام التنميط العنصري بواسطة الشرطة الألمانية، مستشهداً بحقيقة أن هذا النوع من التنميط محظورٌ بأمر القانون.
بينما انتقد وزير العدل الألماني قراره حينها، قائلاً إن البيانات والحقائق مطلوبة من أجل تحديد ما إذا كان التنميط العنصري يُمثّل مشكلة. بينما قال رئيس رابطة ضباط الشرطة الجنائية الألمان أيضاً إن الدراسة ستساعد على ترسيخ الثقة في الشرطة.
اختراق الوحدات الخاصة للجيش: فيما ركز التقرير على الشرطة، لكنه قال أيضاً إن هناك نحو 1064 حالة مشتبه بها في الجيش الألماني خلال السنوات الثلاث التي سبقت أبريل/نيسان 2020. ولا تزال التحقيقات في نحو 550 حالة جارية، بينما سقطت الاتهامات في نحو 400 حالة.
خلال شهر يوليو/تموز الماضي قررت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارينباور حل سَرية من القوات الخاصة الألمانية، قائلة إن ثقافة التطرف اليميني سُمح لها بالتطور خلف “جدار من السِّرية الذي يميز الوحدة”.
قالت أنيغريت كرامب كارينباور للصحفيين إنه تبين أن “القيادة السامة” في السَّرية عززت موقف اليمين المتطرف بين بعض أعضاء وحدة قيادة القوات الخاصة (KSK).
صرف بعض أعضاء الوحدة شديدة السِّرية وتقليص تدريبها، وسيتم توزيع نحو 70 جندياً على السرايا القتالية الثلاث الأخرى بالقوات الخاصة، في حين أن “أولئك الذين أوضحوا أنهم جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل، يجب أن يغادروا القوات الخاصة الألمانية”، حسب الوزيرة.
كما تم تقليص تدريب المؤسسة بالكامل وانتشارها مع استمرار التحقيق في التطرف وتنفيذ الإصلاحات.
تم تشكيل KSK كوحدة عسكرية في عام 1996، مع التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب وعمليات إنقاذ الرهائن من المناطق المعادية، وخدمت هذه الوحدة في أفغانستان والبلقان وعملياتها سرية.