يرفضون تسليم الجثة! أمن الدولة السعودي يضع شرطين لتسليم جثمان الحويطي
لم يتسلم أهل المواطن السعودي عبدالرحيم الحويطي جثمان نجلهم حتى الآن، الذي قتل على خلفية رفضه تسليم منزله من أجل مشروع “نيوم”، الذي بدأه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى إثره من المفترض أن يُهجّر أهل المنطقة من منازلهم.
ولا تزال قوات الأمن الخاصة ورئاسة أمن الدولة السعودية تحتجز جثته من دون إبداء أي أسباب واضحة حول رفضها تسليم الجثة لذويها، سوى التبرير بأنّ القضية تأخذ طابعاً جنائياً ويجب أن تأخذ مجراها.
آخر الوعود كان لشقيقه شادلي الحويطي بأن تسليم الجثمان كان مقرراً اليوم، 21 أبريل/نيسان 2020، لكن الأمر بدا وكأنه وعد لامتصاص الغضب الشعبي في “الخريبة”، التي وقعت فيها الحادثة، ولم يحدث.
شروط لتسلم الجثة
حسب ما ذكره شقيق الحويطي فقد وضعت شرطة تبوك شروطاً لتسليم الجثمان هي:
- ألا يتم دفنه في الخريبة، ويكون الدفن في مدينة تبوك.
- يقتصر حضور الجنازة على عدد محدود من أقاربه وأشقائه من الدرجة الأولى.
الأمر الذي لم يوافق عليه أشقاؤه، وذلك لرغبتهم ورغبة والدتهم بأن يدفن في مسقط رأسه، ويشير مصدر خاص لـ”عربي بوست” إلى أنّ شقيق عبدالرحيم توجه إلى السلطات الأمنية في تبوك لتقديم طلب جديد لتسليم الجثة، إلا أنَّ السلطات السعودية رفضت طلبه، وأخبرته أنّها لا تزال تنتظر أوامر أمن الدولة والديوان الملكي، باعتبارها قضية جنائية.
مساعٍ للتدخل
تؤكد مصادر خاصة لـ”عربي بوست” أن الشيخ عليان عايد الزمهري، وهو أحد مشايخ الحويطات، حاول أن يكون وسيطاً بين أسرة عبدالرحيم وبين السلطات السعودية، إذ تسعى الأخيرة من خلاله إلى إقناع أسرة الحويطي بتقديم تنازلات عن العقارات والمنازل التي يملكونها في المنطقة، في مقابل تسليم الجثة لأسرته، إلا أنّ أهله رفضوا وساطته.
وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ الشيخ عون بن عبدالله أبوطقيقة، والشيخ عليان بن رفيع أبوطقيقة، من أبرز رموز المنطقة الذين يلعبون دوراً أساسياً في حلّ مشكلات القبيلة في المنطقة.
وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ السبب الرئيسي في مماطلة السلطات السعودية في تسليم الجثة هو خشيتها من إظهار حقيقة مقتل عبدالرحيم، بعد أن قالت الرواية الرسمية إنه بادر بإطلاق النار تجاه قوات الأمن، فيما تبين لاحقاً أنه لم يُبدِ أي مقاومة أثناء حصار الأمن لمنزله لإجباره على مغادرته.
وكان “عربي بوست” قد نشر تفاصيل اغتيال الحويطي، التي أكدت فيها مصادر مطلعة على أنه قتل بهدم جدار منزله فوق رأسه، وليس بإطلاق النار حسب الرواية السعودية الرسمية.
مخاوف من التمثيل بالجثة
الناشطة السعودية علياء الحويطي صرَّحت لعربي بوست أنها تتخوف من أن تقوم السلطات السعودية بعملية تشويه متعمدة للجثة، إذا ما سلمتها لأسرتها، مشددةً على أنّها حتى لا تظهر بمظهر المتناقض أمام الرأي العام، وأنّ عبدالرحيم الحويطي قتل فعلياً بعد هدم الجدار عليه وليس أثناء اشتباك مسلح.
مشيرةً إلى أنّ عملية إخراج الجثة وتسليمها ستفضح الحقيقة بالكامل، وبالتالي فلا بد من فبركة القضية بشكل صحيح، وهذا يستلزم ضرورة تعرض جسد عبدالرحيم للرصاص الحي وهو لم يحصل.
وتشير علياء الحويطي إلى أنّ مباحث أمن الدولة تظهر حالة استنفار أمني داخل قرية الخريبة، حيث لا تزال عناصر أمنية منتشرة وفي حالة استنفار قصوى بالمنطقة، تحسباً لأي طارئ أو حالة غضب أو تحرك شعبي من قبل الأهالي في المنطقة.
ملابسات مقتل الحويطي
كانت لجان أمنية قد جابت قرية “الخريبة” في 12 أبريل/نيسان الجاري، لإجبار سكانها وأهاليها على التوقيع والتنازل عن ممتلكاتهم، لضم أراضيهم لمشروع نيوم السعودي، لكن عبدالرحيم الحويطي رفض تقييد اسمه ضمن قوائم الترحيل في المنطقة والتنازل بمحض إرادته عن منزله، ما دفع الأمن لهدم جدار بيته، ما أدى إلى مقتله.
وبدأت قصة التهجير في يناير/كانون الثاني 2020، حين علم أبناء قبيلة الحويطات في شمال غربي السعودية (وللقبيلة أفرع في مصر والأردن وفلسطين)، أنهم على مرمى حجر من تهجيرهم من نيوم.
لأن الحكومة قرّرت بناء مدينة “نيوم” السياحية، فهذا يتطلب الإجلاء مقابل التعويضات، لكن بعض السكان أصرّوا على رفض الإجلاء، ثم فوجئوا بأمن الدولة السعودي وقوات الطوارئ الخاصة يداهمون منازل الرافضين، ويعتقلون بعضاً منهم، واقتادوههم إلى جهة غير معلومة.
وتسعى الحكومة السعودية إلى نقل أكثر من 30 ألف شخص من قبيلة الحويطة لبناء المشروع، وهو ما يخشاه سكان المنطقة، مُعتبرين التهجير بمثابة «تقطيع لأوصال مجتمع كامل».