آخر الأخبارأخبار عربية

يعزل القطاع عن الحدود المصرية.. الجيش الإسرائيلي يستعد لضم خمس غزة للمنطقة العازلة

قالت صحيفة “هآرتس” العبرية إن الجيش الإسرائيلي يستعد لضم مدينة رفح (جنوب غزة) والأحياء المحيطة بها والتي تشكل خمس مساحة القطاع، إلى المنطقة العازلة التي ينشئها على طول الحدود.

وكانت المنطقة الواقعة بين طريق فيلادلفيا جنوبا وطريق موراغ شمالا، موطنا لنحو 200 ألف فلسطيني قبل الحرب، إلا أنها تركت شبه مهجورة في الأسابيع الأخيرة بعد الدمار الواسع الذي لحق بها جراء القصف الإسرائيلي.

وذكرت الصحيفة أنه وعقب انتهاء وقف إطلاق النار، دعا الجيش المدنيين المتبقين إلى الإخلاء والانتقال إلى المنطقة الإنسانية المخصصة على طول الساحل حول خان يونس ومنطقة المواصي.

وحتى الآن وفق المصدر ذاته، امتنع الجيش عن ضم مدن كبيرة مثل رفح إلى المنطقة العازلة.

ووفقا لمسؤولين دفاعيين، جاءت خطوة ضم رفح بعد قرار الحكومة استئناف الحرب وعلى خلفية تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ستستولي على مساحات واسعة من غزة.

وكتبت الصحيفة يبدو أن الجيش يسعى إلى تكرار الأساليب التي استخدمها في شمال غزة، في جنوب القطاع.

وتقول الصحيفة العبرية إن توسيع المنطقة العازلة إلى هذا الحد يحمل تداعيات كبيرة، فهي لا تغطي مساحة شاسعة فحسب (حوالي 75 كيلومترا مربعا) أو ما يقرب من خمس مساحة قطاع غزة، بل إن فصلها سيحول غزة فعليا إلى جيب داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، مما يعزلها عن الحدود المصرية.

ووفقا لمصادر دفاعية، لعب هذا الاعتبار دورا محوريا في قرار التركيز على رفح.

وأضافت المصادر أن هذه الخطوة تهدف أيضا إلى خلق أدوات ضغط جديدة على حماس.

ويسود داخل الجيش إدراك متزايد بأنه من غير المرجح أن تحصل إسرائيل على دعم دولي بما في ذلك من واشنطن، لحملة مطولة على غزة.

ونتيجة لذلك، يستعد الجيش لتركيز عملياته في المناطق التي يعتقد أنها قادرة على زيادة الضغط على قيادة حماس، وقد أصبحت رفح نظرا لحجمها وموقعها الاستراتيجي على الحدود المصرية، هدفا جذابا للغاية.

وفي إطار استعداداته، يعمل الجيش بالفعل على توسيع مسار موراغ، وهدم المباني على طوله، وفي بعض أجزاء المسار سيبلغ عرضه مئات الأمتار، وفي بعض المناطق، قد يتجاوز كيلومترا واحدا.

ووفقا لمصادر دفاعية، لم يحسم بعد ما إذا كانت المنطقة بأكملها ستعتبر ببساطة منطقة عازلة محظورة على المدنيين كما حدث في أجزاء أخرى من المنطقة الحدودية أو سيتم ضم المنطقة بالكامل وهدم جميع المباني مما سيؤدي فعليا إلى محو مدينة رفح من الوجود.

مخاطر غير ضرورية

مع اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي عن خطط لإنشاء منطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة، بهدف إبعاد التهديدات عن التجمعات السكانية الحدودية الإسرائيلية بمسافة تتراوح بين 800 متر و1.5 كيلومتر (ما يعادل 0.5 إلى 0.9 ميل تقريبا).

وتمتد المنطقة على مساحة 60 كيلومترا مربعا تقريبا أي أكثر من 16% من مساحة قطاع غزة بالكامل، وبحلول 7 أكتوبر، كانت تضم حوالي ربع مليون فلسطيني.

وقد أشار تقرير صادر عن مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة نشر في أبريل 2024، إلى أنه بحلول ذلك الوقت كان حوالي 90% من المباني داخل المنطقة العازلة قد دمر أو تضرر.

ومع ذلك، لا يقتصر نشاط الجيش الجديد في المنطقة على الامتداد بين طريق موراغ وطريق فيلادلفيا، ففي الأسابيع الأخيرة بدأ الجنود في اتخاذ مواقع على طول محيط المنطقة، فيما يبدو أنها خطوة تمهيدية.

وقال قائد قاتل لأكثر من 240 يوما في قطاع غزة وشارك في عمليات هدم المباني والتطهير على طول المنطقة العازلة وطريق نتساريم: “لم يبق شيء لم يدمر في المنطقة العازلة”.

وأضاف: “المنطقة بأكملها غير صالحة للسكن.. لا داعي لإرسال هذا العدد الكبير من الجنود إلى هذه الأماكن”.

وأعرب هو وجنود آخرون عن إحباطهم الشديد من خطة استئناف العمليات في هذه المناطق.

وقال قادة وجنود احتياط إن الجيش يكرر الرسائل نفسها التي استخدمها في بداية الحرب، دون مواجهة الواقع على الأرض، حيث صرح جندي من لواء احتياطي يخدم حاليا في قطاع غزة: “لا أصدق أنه بعد عام ونصف عدنا إلى نقطة البداية.. يرسلوننا لتدمير ما دمر بالفعل، دون أن يعرف أحد كم سيستغرق ذلك، أو الهدف الفعلي، أو مستوى النجاح العملياتي اللازم للقوات لإتمام المهمة”.

عندما يتحدث الجنود والقادة عن حوادث عملياتية، هناك أكثر من حادثة يُمكن الاستشهاد بها كمثال، وقع أعنفها في يناير 2024 عندما قتل 21 جنديا احتياطيا في انفجار أثناء هدم مبان في المنطقة العازلة قرب معبر كيسوفيم وسط غزة.

كما وقعت حوادث مميتة أخرى، ففي يناير 2025 قتل خمسة جنود من لواء ناحال في انفجار مبنى كانوا يحتلونه في بيت حانون، وفي ديسمبر 2023، قتل جنديان عندما انهار مبنى في رفح. وهذه ليست الأمثلة الوحيدة.

مع ذلك ومع استئناف الجيش عمليات التطهير والسيطرة على أجزاء من غزة، من المتوقع ظهور مخاوف إضافية، لا سيما فيما يتعلق بالضرر المحتمل الذي قد يلحق بالسكان المدنيين.

ووفقا لروايات القادة والجنود، أعدت فرقة غزة التابعة للجيش خريطة مُرمَزة بالألوان للمناطق داخل المنطقة العازلة، وكانت تحدث من حين لآخر.

وحددت المناطق بالأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر حيث يشير اللون الأخضر إلى أن أكثر من 80% من المباني في تلك المنطقة قد دمر، كما شملت الخريطة الملونة مباني سكنية، ودفيئات زراعية، وحظائر، ومصانع.

وعمليا، حولت الخريطة أيضا هدم المباني إلى منافسة بين الوحدات، حيث حرص كل قائد على إظهار أن قطاعه أكثر مراعاة للبيئة، وأفاد جندي من أحد ألوية الاحتياط التي شاركت في عمليات التطهير على طول المنطقة العازلة: “كان ذلك مصدر فخر كبير”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى