40 حالة إصابة بالسرطان يوميا في تونس والدولة عاجزة عن المواجهة
مع تفاقم العوامل المغذية لظهوره، تحول مرض السرطان إلى آفة تفتك بأرواح العشرات من التونسيين سنويا، وسط عجز لمؤسسات الصحة العمومية منها والخاصة عن احتواء الأعداد المتزايدة للمصابين بهذا المرض.
منظمات وجمعيات صحية تونسية دقت ناقوس الخطر في الآونة الأخيرة، بعد أن لفتت الجمعية التونسية لمكافحة السرطان النظر إلى أن عدد الإصابات بلغ يوميا 40 حالة جديدة في مختلف أنحاء البلاد، وهو ما يعني أن تونس تسجل سنويا ما يصل إلى 18 ألف حالة جديدة، فيما يتوقع الأطباء ارتفاع العدد إلى 24 ألف إصابة في غضون السنوات الأربع المقبلة.
أسباب متداخلة
وأرجع رئيس قسم الجراحة في معهد صالح عزيز المتخصص في مراقبة وتشخيص ومعالجة السرطانات، الدكتور خالد الرحال، هذا الارتفاع إلى عوامل عدة، ترتبط أساسا بتطور عدد السكان الذي سيفضي ضرورة إلى ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان، فضلا عن تغير تركيبة العمران البشري، مع تزايد معدل الأعمار فوق الستين سنة مقابل تراجع فئة الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة.
ومن الأسباب الأخرى التي ذكرها الرحال ، ارتفاع نسبة الأمل في الحياة لدى التونسيين، التي بلغت 80 سنة لدى النساء و75 سنة لدى الرجال، بعد أن كانت لا تتجاوز 50 سنة في فترة ما بعد الاستقلال.
تضاف إلى ذلك التغيرات التي طرأت في نمط الحياة والعادات الغذائية وارتفاع معدلات السمنة والتدخين واستخدام المواد الكيماوية، إلى جانب التغيرات البيئية والتلوث، وهي عوامل تمثل وفقا للرحال، أرضا خصبة لانتشار الأمراض السرطانية.
ويمثل سرطان الثدي، الصنف الأكثر انتشارا بين النساء بما نسبته 30% من حجم الإصابات، أي ما يعادل 2500 إصابة جديدة سنويا، فيما ينتشر سرطان الرئة عند الرجال بنسبة 22%، نتيجة ارتفاع عدد المدخنين إلى أكثر من نصف الذكور، وفقا لآخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية الذي صنف تونس في المرتبة الأولى عربيا من حيث نسبة المدخنين.
مستشفى عمومي وحيد للعلاج
وتعتبر عضو الجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي سيدة ساسي، أن هذه الأرقام مفزعة مقارنة بالتطور المسجل على مستوى العالم في كشف الأمراض السرطانية ومعالجتها وهو ما يستدعي تكثيف المجهودات في التحسيس بضرورة الوقاية من هذا المرض والكشف المبكر عن وجوده.
ونددت ساسي في تصريحها، بقلة الإمكانيات المعتمدة في العلاج من هذا المرض والتوقي منه، خاصة فيما يتعلق بالجراحة والعلاج الكيميائي والأشعة.
كما نبهت ساسي من مغبة وجود مستشفى عمومي وحيد متخصص في العلاج من الأمراض السرطانية، وهو مستشفى صالح عزيز، الذي يستقبل أكثر من 10 آلاف حالة جديدة سنويا ينتظرون العلاج الجراحي والكيميائي وتوفر الأدوية المفقودة بعضها على مدار السنة.
المصحات الخاصة.. حل مكلف
حنان المرايحي أصيلة مدينة الذهيبة من محافظة تطاوين في أقصى الجنوب التونسي، واحدة من المئات الذين اصطفوا في طوابير الانتظار لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، لجأت قسرا إلى المعالجة في أحد المصحات الخاصة بعد أن تعكرت حالتها الصحية، وأجبرت على دفع ضريبة باهظة ثمنا لشفائها من مرض سرطان الثدي الذي داهمها فجأة.
تقول حنان ، إن تعقد الإجراءات القانونية وطول المواعيد دفعها إلى إجراء عمليتها الجراحية في مستشفى خاص، رغم ارتفاع ثمنها المقدر بـ7000 آلاف دينار تونسي، أي ما يعادل 2500 دولارا أمريكيا، زيادة على مصاريف العلاج الكيميائي والأدوية التي تضطر أحيانا إلى جلبها من الخارج نظرا لفقدانها في تونس.
وأضافت أن عدم مداومتها على إجراء الفحوصات أخر في عملية شفائها في المراحل الأولى، قائلة “إن الكشف المبكر يمنح فرصة كبيرة للشفاء وأنا أشجع بقوة كل امرأة وحتى الرجال بإجراء الفحوصات بشكل مستمر ومنتظم خاصة في عمر الثلاثين فما فوق”.