النقابات الفرنسية ترفض عرض الحكومة.. “شيك على بياض” بلا معنى
في وقتِ عرضت فيه الحكومة الفرنسية التسوية للخروج من الأزمة التي دخلت يومها الـ38 بالشلل العام الذي يضرب فرنسا والمظاهرات ضد تعديل قانون التقاعد، وذلك بسحب أحد بنود التعديل محل الخلاف، دعت النقابات إلى استمرار الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة، معتبرة أن ذلك العرض ليس “شيكاً على بياض” فيما رحب الإليزيه وحركة الشركات الفرنسية.
وشهدت فرنسا، أمس، مظاهرات حاشدة في أنحاء البلاد، احتجاجاً على قانون التقاعد، وحشدت المظاهرات نحو 500 ألف متظاهر، بينهم 150 ألفا في باريس، وفقاً للإحصائية التي أوردتها النقابات، بينما حصدتهم وزارة الداخلية الفرنسية بنحو 149 ألف متظاهر في أنحاء فرنسا و21 ألفا في باريس.
ورداً على عرض الحكومة الفرنسية، اعتبر الأمين العام للكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل، لوران بيرجييه، اقتراح الحكومة بإلغاء سن التقاعد المحوري 64 عاماً من تعديل القانون بأنه “انتصار” ولكن هناك جانباً من المخاطرة”.
وقال بيرجييه، خلال مقابلة مع صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” الفرنسية، الأحد: إن “سحب مادة الخلاف ليس شيكاً على بياض من الحكومة الفرنسية للتراجع عن الاحتجاجات”، مضيفاً “علينا الحل العملي لضمان التوازن المالي للنظام”.
في المقابل، دعت النقابات، في بيان مشترك، إلى مواصلة الاحتجاجات في مظاهرات جديدة خلال 14 و15 و16 يناير/كانون الثاني الجاري، حتى تتراجع الحكومة عن سن المعاش.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، قد أعلن في رسالة إلى قادة النقابات غداة لقاء جمع بينهما، لبحث إنهاء الإضراب: “أنا على استعداد لسحب الإجراء القصير الأمد الذي اقترحته من مشروع القانون، لتحديد ما يسمى العمر المحوري بـ64 عاما اعتبارا من عام 2027”.
ويقترح رئيس الحكومة الفرنسية عقد “مؤتمر حول ميزان وتمويل نظام المعاشات التقاعدية”، حيث تتم دعوة الشركاء الاجتماعيين (ممثلي النقابات) للمشاركة، وسيتعين عليهم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية شهر أبريل/نيسان حول آلية تمويل النظام، والذي بدونه ستستعيد السلطة التنفيذية سيطرتها.
بدوره، رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء السبت بـ”حل وسط ومسؤولية بناءة” حول سحب مادة الخلاف في تعديل مشروع نظام التقاعد، وفقًا لما ذكره قصر الإليزيه في بيان.
وقالت الرئاسة الفرنسية، “إن هذا الحل الوسط، يعتبره رئيس الجمهورية بناءً ومسؤولا”، في حين قال رئيس الوزراء الفرنسي إنه “على استعداد لإلغاء السن المحوري البالغ 64 عامًا لمشروع الإصلاح في المعاشات”، في رسالة إلى ممثلي النقابات.
من جانبها، رحبت “حركة المؤسسات التجارية في فرنسا” (ميديف) باقتراح الحكومة الفرنسية، قائلة: “إن الحركة راضية عن القرار، ومستعدة للمشاركة بالكامل في مؤتمر تمويل المعاشات التقاعدية لإيجاد تدابير السن المناسبة”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “ويست فرانس” الفرنسية، أنه بعد نحو 5 أسابيع من الحشد ضد تعديل قانون التقاعد في فرنسا ودعوة الحكومة الفرنسية للتسوية، فإن الحركة الاحتجاجية لم تهدأ، حيث شهدت احتجاجات مساء السبت موجة واسعة من الحشد، واستمرت الإضرابات في وسائل النقل وخطوط السكك الحديدية، والنفط وقطاع توزيع الكهرباء.
وفي نانت، أقام المتظاهرون حواجز على مفترق طرق الترام، وردت قوات إنفاذ القانون بعدة طلقات من الغاز المسيل للدموع، وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الشرطة، تجمع مئات المتظاهرين على مفترق طرق الترام في نانت، وأقيمت المتاريس.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن أحد المحتجين قوله: “إن تصريح الحكومة يعني التأجيل وليس التراجع لتمرير القانون”، معتبرة “أن تصريحات فيليب للتلاعب بالمحتجين”.
من جانبه، قال الأمين العام لاتحاد نقابات العمل الفرنسية، فيليب مارتينيز: “لم نتحدث مطلقًا عن التسوية، يجب أن نناقش مشروعًا حكوميًا”، موضحاً أنه “كلما تمر الأيام، ازداد الناس وعياً”، مشدداً على استمرار الاحتجاجات.
وتسعى الحكومة الفرنسية إلى دمج 42 برنامجا تقاعديا في نظام واحد قائم على النقاط، لكن النقابات تخشى أن يعمل الملايين جراء ذلك لفترة أطول ويحصلوا على تعويضات تقاعدية أقل.