بعد إعلان بينيت إنشاء 7 محميات… كيف ستتعامل فلسطين مع التصعيد الإسرائيلي في الضفة؟

في سابقة هي الأولى من نوعها منذ توقيع اتفاق أوسلو، عام 1993، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت إنشاء 7 محميات طبيعية جديدة في منطقة الضفة الغربية، وتوسيع 12 محمية أخرى.

الإعلان الإسرائيلي قابله غضب فلسطيني عارم، حيث أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية أنها بصدد التحرك باتجاه الجنائية الدولية، لإفادتها بالمخاطر القانونية المترتبة على إعلان بينيت، كجزء لا يتجزأ من ملف الاستيطان الذي سيحاكم عليه.

وبموجب اتفاق أوسلو تقسم الضفة الغربية إلى مناطق (أ، ب، ج) وتبلغ مساحة منطقتي “أ، ب” 38% من مساحة الضفة، في حين تبلغ مساحة منطقة “ج” التي تضم الأغوار وشمال البحر الميت 60- 62% تقريبا من مساحة الضفة.

قرار إسرائيلي

ذكرت القناة العبرية الـ”السابعة”، أمس الأربعاء، أن وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قد أعلن إنشاء 7 محميات طبيعية جديدة في منطقة الضفة الغربية، وتوسيع 12 محمية أخرى، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اتفاق أوسلو، الموقع في العام 1993.

وأفادت القناة بأن قرار نفتالي بينيت اتخذ دون موافقة الجانب السياسي على الخطوة الجديدة، مؤكدة أن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي هو الأول من نوعه منذ 25 عاما.

وأوردت القناة العبرية أن المحميات الطبيعية الجديدة تحمل أسماء، آريئيل ونحال أوغ وأودي ملحا وغور الأردن الجنوبي ونحال ترتسا وعرفوت الأردن.

وأشارت القناة العبرية على موقعها الإلكتروني إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستقوم بتوسيع 12 محمية طبيعية أخرى في الضفة الغربية.

ونقلت القناة على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي أن تلك الخطوة تقوي وتعزز من أرض إسرائيل، وتزيد من رقعة المستوطنات في الضفة الغربية، خاصة في المنطقة “ج”، حيث وجه الدعوة إلى مواطني إسرائيل إلى الاستيطان في تلك المستوطنات والإقامة فيها.

تجاوز للخطوط الحمراء

أسامة القواسمي، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم حركة فتح، قال إن “إسرائيل بإعلانها إقامة محميات طبيعية في أراض استيطانية بالمنطقة (ج) تخطت جميع الخطوط الحمراء”.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن “الرئيس محمود عباس أبومازن أرسل منذ 10 أيام، رسالة واضحة المعالم للجانب الإسرائيلي تضع النقاط على الحروف في كافة الأمور ومناحي الحياة، والتأكيد على أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر في المطلق”.

وتابع: “ما قامت به إسرائيل مخالف لكل القوانين والشرعية الدولية، مثل الاستيطان ومصادرة الأراضي، وغيرها من الإجراءات، وسيتم إضافة هذا الملف من جانب فلسطين إلى الجنائية الدولية، والتي أعلنت التحقيق في جرائم الاحتلال”.

وأنهى حديثه قائلًا: “نحن أمام مرحلة حاسمة ومصيرية، ويستوجب معها تفعيل المقاومة الشعبية بكافة الوسائل الممكنة، فنحن نرفض هذه الإجراءات ولا يمكن لنا التعايش مع الاستيطان والاحتلال”.

سابقة لم تحدث

من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القدس والأقصى والقيادي في حركة فتح إن “إعلان إنشاء سبع محميات طبيعية في المناطق (ج) والتي تقع تحت السيادة الأمنية والإدارية للاحتلال بناء على اتفاق أوسلو قبل سبعة وعشرون عاما هو سابقة لم تحدث منذ الاتفاق”.

وأضاف في تصريحات صحفية أن “القرار سيتبعه إعلان محميات ومناطق بناء استيطاني وعددها اثني عشر، وهذه خطوة تصعيد من قبل الاحتلال ورؤية تتسع لضم مناطق (ج) والتي تمثل مساحة 60% من مساحة الضفة مستغلين ضعف السلطة والانقسام الفلسطيني وانشغال العالم في مناطق صراع مختلفة ومدعومين من إدارة أمريكية لا تقل عن حكومة نتياهو تطرفًا”.

وتابع: “يسعى اليمين الإسرائيلي على إقناع الناخب الإسرائيلي والمستوطنين تحديدًا بالتصويت المطلق للكتلة اليمينية وألا يتكرر سيناريو انتخابات أبريل/نيسان وسبتمبر العام الماضي حيث حصل اليمين على 65% من أصوات المستوطنين، وكلما اقتربنا من الانتخابات سنجد مزيدًا من الهجوم على الشعب الفلسطيني ومصادرة أرضه”.

خطة أمريكية

ومضى قائلًا: “من يستمع لتصريحات عناوين الدبلوماسية الأمريكية وعلى رأسها سفيرها في تل آبيب ديفيد فريدمان يدرك حجم المخطط، الجميع عينه على الضفة الغربية واعتبارها جزء من مملكة اليهود القديمة حيث ذهب فريدمان لأبعد من ذلك بإعتبار أن قضية الفلسطينيين في الضفة هي قضية إنسانية ويجب أن تحل داخل الدولة اليهودية وأن وجود الأردن في القدس هو شكل من احتلال المدينة من قبل الأردنيين ويجب أن ينتهي والأنكى هو الحديث عن ضرورة بناء الهيكل اليهودي داخل حرم المسجد الأقصى”.

هذه البيئة المتطرفة من قبل الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو – والكلام لا يزال على لسان الرقب- يقابلها موقف كلامي من قبل السلطة الفلسطينية التي قطعت مخالبها بيدها من خلال تغييرها لعقيدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومزاج الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وفقدت أدوات الضغط على الأرض مما سهل على الاحتلال عمله وحركته في الضفة دون ثمن.

وأكمل: “الوضع الرسمي الفلسطيني القائم لم يعد يرضي الفلسطينيين، ويتمسك بهذا الوضع مجموعة من المتنفذين وأصحاب المصالح يحيطون برئيس السلطة أبو مازن و يجهزون أوراقهم وخططهم للسيطرة على السلطة بعد غيابه والذي بلغ من العمر ٨٦ عاما”.

وعن رد الفعل الفلسطيني الرسمي، قال: “رد فعل السلطة كالعادة الشجب والاستنكار واعتبار هذه الخطوات الإسرائيلية غير قانونية وأن السلطة ستتوجه للأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة ومن ضمنها الجنائية الدولية لمحاكمة الاحتلال ووقف عدوانه ضد شعبنا وهم يدركون أن القرارات الدولية في ظل الفيتو والموقف الأمريكي لا قيمة لها”.

حلول جذرية

وعن الحلول المطلوبة لمواجهة مثل هذه الإجراءات، قال: “أمام السلطة عدة حلول منها، العمل الجاد على تغيير مزاج الشارع الفلسطيني وشحنه ثوريا وتشجيعه للخروج في مقاومة شعبية في تخوم المستوطنات والإدارة المدنية الإسرائيلية والعمل على إعاقة عمل الاحتلال في المحميات الجديدة وذلك بمشاركة عشرات الآلاف من المتظاهرين وليس مئات كما جرى العادة في الأشهر الماضية”.

واستطرد: “وكذلك وقف التنسيق الأمني بكل أشكاله وإعطاء تعليمات للأجهزة الأمنية بعدم الانسحاب من مواقعهم عندما يدخل الاحتلال مناطق (أ) ومنعهم من دخولها مهما كان الثمن”، ودعوة الفصائل جميعا دون استثناء للاجتماع في القاهرة لوضع رؤية استراتيجية للكثير من الملفات وإعادة الهيبة للسلطة ولمنظمة التحرير الفلسطينية “.

وأنهى حديثه قائلًا: “هذه اقتراحات تصل لمستوى الحلم لأن السلطة لن تقدم عليها للأسف وستفضل العمل الدبلوماسي والمقاومة السلبية أو الذكية كما يطلق عليها بعض المتنفذين في السلطة وسنستيقظ ونجد الاحتلال قد ابتلع مناطق ( ج ) وبدأ في الحديث عن مناطق (ب) وسيلعن التاريخ صناع القرار الفلسطيني”.

الخارجية تستنكر

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إنها ستتابع مع الدول كافة والأمين العام للأمم المتحدة، والمنظمات الأممية المختصة قرار وزير جيش الاحتلال نفتالي لحشد أوسع رفض دولي لهذه المشاريع.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن بينيت يسابق الزمن لتنفيذ أكبر عدد ممكن من المخططات والمشاريع الاستيطانية التوسعية في الضفة الغربية المحتلة، لحسم مستقبل المناطق المصنفة “ج” من جانب واحد وبقوة الاحتلال.

وأوضحت الوزارة أن إعلان بنييت الجديد بشأن محميات طبيعية قائمة، يعني وضع اليد على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المصنفة “ج”، ونصب مظلة استعمارية جديدة لمحاربة الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، كجزء لا يتجزأ من ما يمكننا تسميته السياحة الاستيطانية، وترويج الاحتلال للمناطق الفلسطينية، باعتبارها امتداد لدولة الاحتلال، وهذا ينطبق على المحاولات الإسرائيلية لتهويد عديد المراكز الدينية والتراثية والتاريخية وينابيع المياه، ومحاولاته المتواصلة لتغيير هويتها الفلسطينية.

وأدانت الوزارة، قرارات بينيت الاستعمارية التوسعية، مؤكدة أن مسمى المحميات الطبيعية هو شكل من أشكال الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، كما هي ذرائع للتدريبات العسكرية والمناطق المغلقة مثلما يحدث بالأغوار الشمالية بشكل خاص، لافتة إلى أن الاستيلاء بأشكاله المختلفة يخصص في النهاية لصالح تعميق الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

وأشارت الوزارة إلى أن عدد من البؤر الاستيطانية العشوائية مقامة على أرض فلسطينية، تم الاستيلاء عليها بحجة “المحميات الطبيعية”.

وطالبت مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه جرائم الاستيطان المتواصلة والمتصاعدة، وسرعة اتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بتنفيذ القرار الأممي 2334 قبل فوات الأوان.

ودعت الوزارة الدول التي تدعي الحرص على تحقيق السلام وفقاً لمبدأ حل الدولتين، إلى التحرك لوقف تنفيذ إعلانات بينيت المشؤومة والمدعومة من إدارة ترامب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى