استقالة الحكومة الفرنسية.. “مسار جديد” لإنقاذ ولاية ماكرون

في خطوة متوقعة، قدم رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، الجمعة، استقالة حكومته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، ضمن “مسار جديد” لطالما تحدث عنه الأخير للجزء المتبقي من ولايته.

وبحسب الرئاسة الفرنسية، قبل ماكرون استقالة فيليب وحكومته، معلنا أنه “سيتمّ تعيين رئيس وزراء جديد في الساعات المقبلة” دون تفاصيل أكثر.

وتأتي استقالة فيليب قبيل تعديل وزاري من المرتقب أن يجريه ماكرون، وعادة، تقضي التعديلات بتقديم رئيس الوزراء استقالته لكن ذلك لا يمنع إعادة تعيينه.

فيليب.. الرجل الذي أزعج ماكرون

“مسار جديد”.. هكذا وصف ماكرون المرحلة السياسية المتبقية من ولايته التي تنتهي بعد أقل من عامين.

وقال ماكرون في مقابلة نشرها إعلام فرنسي: “سيتحتم علي اتخاذ خيارات لقيادة المسار الجديد. إنها أهداف جديدة للاستقلالية وإعادة البناء والمصالحة وطرق جديدة للتنفيذ”.

وأضاف: “في الخلف، سيكون هناك فريق جديد”، دون تحديد ما إن كان الفريق الجديد سيحتفظ برئيسه فيليب أم سيكون تحت قيادة شخصية جديدة، وهو ما يرجحه محللون بالنظر إلى العديد من الأسباب.

وبعيدا عن “المجاملات” التي يفرضها البروتوكول الفرنسي في التعامل بين الرئيس ورئيس وزرائه، تشير كواليس العلاقة المتوترة بين ماكرون وفيليب، على خلفية العديد من الملفات، إلى أن فيليب لن يكون على رأس الحكومة الفرنسية مجددا.

ويتقلد فيليب منصبه منذ 3 سنوات، أي بعد يوم واحد من تقلد ماكرون منصبه رئيسا للبلاد، وقادا معا إصلاحات مثيرة للجدل، على غرار التأمين ضد البطالة، كما واجها العديد من الأزمات في مقدمتها احتجاجات “السترات الصفراء” والأزمة الصحية المرتبطة بتفشي وباء كورونا.

ورغم ما يتراءى من تناغم بين الرجلين، إلا أن متابعين للشأن الفرنسي يتحدثون عن خلافات جوهرية بينهما، حتى أن فيليب غدا، في مرحلة معينة، الرجل الذي “يزعج” ماكرون، وفق تعبير المحلل السياسي الفرنسي جون بول مارتان.

من جانبه، يرى محمد أمين بن صالح، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة ليون الفرنسية، أن التغيير الحكومي مرتقب منذ فترة، ورحيل فيليب أيضا، في ضوء الانتكاسة التي شهدها حزب “الجمهورية إلى الأمام” الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة.

وقال بن صالح ، في تصريح صحفي إن تقدم البيئيين بالانتخابات المقامة في 28 يونيو/ حزيران الماضي، شكل ضربة قاصمة لحزب ماكرون، وقدم له استشرافا متشائما عن حظوظه بالاقتراع الرئاسي لعام 2022″.

وأوضح أن فيليب بات “عنصرا مزعجا بالنسبة لماكرون، خصوصا وسط الخلافات المستعرة بينهما في الكواليس، وذلك رغم محاولات التكتم وتركيز الجهود على التصدي للأزمات المتتالية التي واجهها الرئيس الفرنسي منذ توليه منصبه”.

شعبية فيليب

بدأ فيليب نشاطه الحزبي عندما كان طالبا مع الحزب الاشتراكي في التسعينيات، قبل أن ينضم في 2002 إلى الحزب اليميني الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي أصبح في 2015 حزب “الجمهوريون”.

مسار سياسي لا يختلف كثيرا عن ماكرون الذي بدأ أيضا بصفوف اليسار ضمن الحزب الاشتراكي قبل أن ينحو إلى المنطقة الوسطى بين اليمين واليسار، بحثا عن استقطاب الغاضبين من التيارات الكلاسيكية التي حكمت فرنسا لعقود.

في بداية توليه منصبه، اعتقد مراقبون أن فيليب يشكل ثنائيا رائعا مع ماكرون، لكن توالي الأزمات فجرت الخلافات بين الرجل، فكان أن تراجعت شعبية الرئيس مقابل رئيس وزرائه الذي لم ينتسب يوما إلى حزب ماكرون “الجمهورية إلى الأمام”.

وبحسب بن صالح، نالت شخصية فيليب إعجاب الفرنسيين من حيث جديته وولائه وتواضعه، وفاز مؤخرا برئاسة بلدية مدينة لوهافر شمالي البلاد.

ولفت بن صالح إلى أن ماكرون يلعب حاليا آخر أوراقه في الحكم، ويرى أن المرحلة الصعبة تتطلب شخصمية من اليسار، تكون قادرة على مواجهة التحديات، وتقديم محصلة مرضية للشعب الفرنسي قد تدفع نحو إعادة انتخاب ماكرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى