آمال دائني لبنان تتحطم على “جبل خسائر” بيروت

تبددت آمال دائني لبنان في احتمالات تعافي الاقتصاد ووضع برنامج إصلاح مالي بعد انفجار بيروت المدمر، الذي عقد إطلاق عملية إعادة هيكلة الديون المتعثرة بالفعل.

وكانت آمال الدائنين ضعيفة بسبب التقدم البطيء الذي كانت تسير به محادثات لبنان للخروج من الأزمة المالية مع صندوق النقد قبل توقفها، وذلك بعد أن تعثر لبنان في سداد ديونه بالعملة الأجنبية في مارس/آذار الماضي.

ومما يسلط الضوء على قتامة التوقعات، هوت جميع سندات البلاد السيادية الدولارية البالغة قيمتها 31 مليار دولار، جميعها لأقل من 20 سنتا للدولار، وهي كانت متضررة أصلا بسبب قلة السيولة منذ التعثر في السداد، منذ مارس/آذار الماضي.

السندات اللبنانية

وزاد هذا من حدة انحسار احتمالات التعافي لدى الدائنين الذين يواجهون بالفعل خسائر أكبر في ديون الأرجنتين والإكوادور.

وبحسب بيانات من ماركت أكسس، زادت أحجام تداول السندات اللبنانية، الأربعاء الماضي، لتبلغ أعلى مستوياتها في 3 أسابيع، فيما تشير مصادر مالية إلى تسابق من جانب بعض الدائنين سعيا لبيع حيازتهم.

وقال ستيفن ريتشولد مدير المحفظة في ستون هاربور إنفستمنت التي تمتلك سندات دولية لبنانية “يعني ذلك تزايد احتمالات أن يحظى لبنان بتعاطف من المجتمع الدولي، لكننا لا نعلم ما ستتمخض عنه هذه الآلية وما تعنيه بالنسبة لبرنامج الإصلاح”.

وأضاف: “من حيث قيم التعافي، لن تكون إيجابية. إذا حدث أي شيء، فسيكون بالسلب”.

وأكد أن “المحدد الرئيسي هو حقائق الميزانية العمومية على أرض الواقع للمؤسسات المعنية المختلفة، أي الحكومة والمصرف المركزي والبنوك المحلية، وهذا هو ما سيقود التعافي”.

وفي الوقت الذي من المتوقع فيه أن يواجه لبنان تراجعا اقتصاديا أكثر حدة هذا العام في أعقاب الانفجار، يفكر المستثمرون في حجم التعديلات التي قد تحدث لمقاييس قدرة الحكومة على تحمل الديون، والتي تتضمنها خطة إنقاذ حالية.

ويتوقف حجم تعديلات خطة الإنقاذ، انخفاض سعر الصرف في السوق الموازية، وارتفاع التكاليف بالنسبة للحكومة.

القادم أسوأ

وقال دائن أجنبي رفض ذكر اسمه “الاحتمالات أكثر سوءا من ذي قبل.. تسلط الحلقة الضوء على مدى ضعف حالة الحكم في لبنان”.

وحتى قبل الانفجار، لم تكن عملية إعادة هيكلة الديون قد بدأت من الأساس، إذ لم يتواصل المستشار المالي للحكومة لازارد حتى الآن مع الدائنين بشكل كامل نظرا لتعليق محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن التمويل.

وأعربت البنوك التجارية بلبنان، والتي تمثل أكبر شريحة من حائزي السندات الدولية، عن مخاوف حيال الخطة الحكومية.

وقال مستشار لجمعية مصارف لبنان رفض ذكر اسمه إن انفجار الثلاثاء “نقطة فاصلة” يمكن أن تغير النظام السياسي للأفضل.

كما حذر المستشار من أنه إذا تمسكت الطبقة السياسية الحالية والحاكمة منذ فترة طويلة بالسلطة، فقد تؤدي التكاليف الاقتصادية للانفجار إلى انخفاض قيم التعافي.

صندوق النقد

وحضّ صندوق النقد الدولي، الخميس، لبنان على تخطي العقبات في النقاش حول إصلاحات أساسية، بعد الانفجار الضخم الذي دمر ميناء بيروت.

وقال الصندوق، إنه يستطلع جميع السبل الممكنة لدعم الشعب اللبناني عقب الانفجار المروع الذي هز العاصمة بيروت، وحث السلطات على المضي في إصلاحات.

وشدّد الصندوق على أنّه “من الضروري تخطي العقبات في المحادثات حول إصلاحات أساسية ووضع برنامج جديد لإنعاش الاقتصاد”.

وتعثرت المفاوضات بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي منذ أسابيع بسبب عدم تقديم الوفد اللبناني المفاوض رؤية موحدة حول تقديرات الخسائر المالية التي سيبنى على أساسها برنامج الدعم الذي تسعى إليه الحكومة اللبنانية في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

ويتزايد الدعم الدولي للبنان، وتشارك المؤسسات الأوروبية في مؤتمر للجهات المانحة تنظمه فرنسا “في الأيام المقبلة” لتأمين مساعدات إنسانية عاجلة لسكان مدينة بيروت التي هزها انفجار عنيف.

وقالت المفوضية الأوروبية، الجمعة، بعد محادثة مع الرئاسة الفرنسية إن موعد الاجتماع “سيُعلنه قصر الإليزيه”.

وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زار الخميس بيروت وأعلن أنه يعتزم تنظيم مؤتمر للمساعدات ودعا السلطات اللبنانية إلى تنفيذ “إصلاحات أساسية” لإخراج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من الطريق المسدود.

وجاء وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للفرنسيين بشأن تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان وإعادة إعمار بيروت بمثابة بارقة أمل لإنقاذ بلد يعاني الانهيار الاقتصادي.

وبعدما توقع وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة، في تصريحات له يوليو/تموز الماضي، أن لبنان قد يحصل على مساعدات من صندوق النقد تتراوح بين 5 و9 مليارات دولار وليس 10 مليارات دولار كما طلب في البداية.

وحسب وكالة بلومبرج، أصبح على الحكومة اللبنانية البحث عن مصادر تمويل إضافية لتوفير احتياجاتها المالية المقدرة بنحو 30 مليار دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى