قراءة سورية في مذكرة التفاهم بين “مسد” و”الإرادة الشعبية”: نقاط مبهمة تهدد الاتفاق بالفشل
لم تلق مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين مكوّنين سوريين في موسكو اهتماما حكوميا أو إعلاميا في دمشق، فكيف تقرأ بعض القوى السياسية هناك تلك المذكرة؟
حول الاتفاقية التي وقعها اليوم كل من حزب الإرادة الشعبية ومجلس سوريا الديمقراطية (مسد) في موسكو، يقول رئيس حركة البناء الوطني أنس جودة إنه من الممكن الاستفادة من المذكرة مرحليا خاصة ما يتعلق بالعملية السياسية في جنيف، أما استراتيجيا فمن الصعوبة البناء عليها، إذ يرى جودة أن ثمة نقاطا مبهمة في الاتفاقية خاصة ما يتعلق بالفيدرالية، ودمج قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في الجيش السوري، قد تؤديان بالاتفاق إلى الفشل.
ويشير جودة إلى أن “روسيا كانت أمام معضلتين مباشرتين: عدم جدوى العملية السياسية، ووصولها لأفق مسدود، وهو أمر سيؤدي بالضرورة لغرقها في المستنقع السوري” أما المعضلة الثانية حسب جودة فهي “الخوف من سيطرة تركيا النهائية على إدلب بطريقة تشبه وضع شمال قبرص وذلك تحت حجة الخوف من وجود كردي في شمال شرق سوريا يهدد أمنها القومي”
ويضاف إلى ذلك، حسب جودة، أنها أمام “تحد طويل المدى يتعلق بالوجود الأمريكي على الأرض السورية، ومحاولة سحب البساط من تحته وتجرديه من ادعاءات ضرورات وجوده”
وعلى ذلك فإن الحل الوحيد لكل تلك النقاط، كما يقول جودة، “هو إدماج الأكراد في الإطار الوطني السوري، عبر العملية السياسية في جنيف، وأيضا عبر أطر وطنية سورية سياسية وعسكرية تم التعبير عنها في الوثيقة بشكل اللامركزية الإدارية من جهة وبمصير قوات “قسد” من ناحية ثانية”
ويوضح جودة أنه من الممكن الاستفادة من المذكرة مرحليا وتكتيكيا في “تحريك العملية السياسية في جنيف ومجابهة الأطماع التركية بسحب الذريعة، خصوصا أن الأمريكان غير معنين بشكل مباشر لأنهم لا يجدون خطورة من أي اتفاق مرحلي يعقده الأكراد طالما أنهم ممسكون بالموارد الرئيسية في المنطقة التي لا يمكن للإدارة الذاتية الحياة بدونها”
أما استراتيجيا فيوضح جودة أنه من الصعوبة البناء على الإطارين السياسي والعسكري اللذين بُنيت الوثيقة على أساسهما، ويصفهما بأنهما مبهمين، ويقول إن “تعبير سيادة الشعب على المناطق يحمل بعدا سياسيا يصل لحدود الفدرالية وهي صيغة غير مقبولة في باقي مناطق سوريا، فالفدرالية قد تكون مقبولة إذا توافق كل السوريين عليها وتم تطبيقها على كل الأرض السورية وليس في مكان واحد فقط، وهذه الصيغة غير مقبولة لدى العديد من المناطق السورية التي تريد أن يكون شكل الدولة موحدا”
ويضيف جودة أن الإطار العسكري أيضا “جاء غير محدد أبدا، فهناك فرق كبير بين دخول “قسد” بهيكليتها وتنظيمها ضمن الجيش أو أن تعاد هيكلتها”
نقطتان يرى جودة أنهما كفيلتين “بإفشال كل الاتفاق على المدى الطويل شعبيا وسياسيا وحتى إقليميا” ويضيف: “هذا طبعا دون الحديث عن الدور الأمريكي الأساسي الذي سيمنع أي اتفاق يتعلق بالإدارة الذاتية دون تسوية شاملة تتعلق بالمنطقة وبسوريا”.