بايدن أم ترامب.. من هو المرشح الذي تفضله الصين؟
العلاقات الأمريكية الصينية مرشحة للتدهور سواء فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة أو استمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منصبه، ولكن يظل السؤال أيهما تفضل الصين ترامب أم بايدن؟، ومن منهما الخيار الأقل سوءاً لبكين؟
وتمر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بأسوأ مراحلها منذ عقود قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، إيذاناً بما يعتقد خبراء من كلا البلدين أنه المسار الواضح لواحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
العلاقات الأمريكية الصينية ستتدهور في كل الأحوال
وقال شينغ شياو، أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين، “لن تعود العلاقات الأمريكية الصينية لما كانت عليه من قبل. فقد وصلت لمرحلة سيئة جداً”.
ويتفق الكثيرون في الولايات المتحدة مع وجهة النظر هذه. ويقول ويندي كاتلر، نائب سابق في مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، مسلطاً الضوء على آسيا: “بغض النظر عمّن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يجب أن نتوقع رؤية توترات متزايدة بين الولايات المتحدة والصين في مجموعة واسعة من القضايا الاقتصادية والسياسية والجيواستراتيجية وحقوق الإنسان والشعوب في السنوات القادمة”.
وتُعتَبَر هونغ كونغ وتايوان على وجه الخصوص من النقاط الحساسة. ورداً على تبني بكين قانون الأمن القومي المثير للجدل في هونغ كونغ، فرضت إدارة ترامب عقوبات على المسؤولين المرتبطين بحملة القمع، وألغت الوضع التجاري التفضيلي للمدينة، وحذَّرت المؤسسات المالية من إجراء معاملات “كبيرة” مع أي شخص يُعتقَد أنه يقوض الحكم الذاتي لهونغ كونغ.
وفي تايوان، أرسلت الولايات المتحدة زواراً حكوميين رفيعي المستوى؛ مما أثار إدانات من بكين، وكثفت التدريبات العسكرية في المنطقة وأطلقت حواراً اقتصادياً جديداً مع تايبيه. وصدرت دعوات من الولايات المتحدة لإنهاء سياسة “الغموض الاستراتيجي”، وهي طريقة لثني كل من بكين وتايبيه عن اتخاذ خطوة عسكرية من خلال رفض القول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستأتي لمساعدة تايوان.
أيهما تفضل الصين ترامب أم بايدن؟
وفي هذا السياق، قالت بوني جلاسر، مديرة مشروع الطاقة الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن: “لم يصِل انعدام الثقة المتبادل في أي وقت مضى لأعلى مما هو عليه الآن. أظن أنَّ الكثيرين في الصين يعتقدون أنَّ الولايات المتحدة تخلت عن سياسة صين واحدة”، في إشارة إلى وجهة نظر بكين بأنَّ تايوان جزءٌ من الصين.
وبالرغم من أنَّ التوترات ستستمر في ظل إدارة بايدن، سيكون الاختلاف الرئيسي، كما يتوقع المراقبون، في النهج المُتبَع. وتعهد بايدن بالعمل مع الحلفاء للضغط على الصين من خلال المنظمات متعددة الأطراف التي تجنبها ترامب. ويتوقع المحللون أن يعمل المرشح الديمقراطي، في حالة انتخابه، مع الصين في قضايا مثل تغير المناخ والاستجابة للجائحة.
وقال بايدن، في مناظرة يوم الخميس، 22 أكتوبر/تشرين الأول، ضد ترامب “نحن بحاجة إلى وجود بقية أصدقائنا معنا، لنقول للصين: نحن نتصرف وفقاً للقواعد. فإما تلتزمون بها وإما ستدفعون الثمن من اقتصادكم”.
وفي المقابل، يُتوقَّع من ترامب مواصلة اتباع استراتيجية أحادية الجانب أكثر تصادمية، ستؤجج على الأرجح التوترات. وفي حين أنَّ نهج ترامب قد يفرض مزيداً من الضغط المباشر على الصين، ينظر الآخرون إلى نهج بايدن على أنه أكثر شمولية ويمكن التنبؤ به.
ويُنذِر إعادة انتخاب ترامب بعدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث من عدة نواح؛ فخلال السنوات الأولى من رئاسته، تحدث ترامب بإعجاب عن نظيره الصيني، واعتبره الخبراء في الصين “رجل أعمال مستعداً لعقد صفقات ولا يركز على حقوق الإنسان”، وفقاً لجاك ديلايل، مدير مركز دراسة الصين المعاصرة في جامعة بنسلفانيا.
هل يصل الأمر إلى الصراع العسكري؟
ومن هنا، يعتقد بعض المتفائلين في الصين أنَّ 4 سنوات أخرى من حكم ترامب ستمنح كلا البلدين وقتاً للتفاوض بشأن صفقة تجارية. ومع ذلك، يعتقد آخرون أنَّ هناك احتمالية بأن تزداد العلاقات سوءاً لدرجة كبيرة. إذ قال الأستاذ المشارك شينغ: “الوضع الحالي لا يمكن أن يكون أسوأ. لكن إذا ساءت أكثر من ذلك، فسيصبح الصراع العسكري وشيكاً”.
وحتى حدود اللحظة، اقتصر رد بكين على تحركات إدارة ترامب المختلفة بإجراءات متبادلة جاءت بدرجة تحد من التوترات المتصاعدة أكثر من كونها هادفة لتأجيج الخلافات. لكن حلول 4 سنوات أخرى من ترامب في مواجهة قيادة صينية تزداد عدوانية يمكن أن يُنهي سياسة ضبط النفس التي التزمتها بكين.
بدوره، قال ديلايل: “من الممكن أنَّ الصين كظمت غيظها ولم ترد على استفزازات ترامب خلال ما قد تكون الأشهر الأخيرة له في الإدارة. لكن إذا أعيد انتخابه، فلن نعرف ما الذي قد يحدث على تلك الجبهة”.
كلاهما يعبر عن فشل أمريكا، ولكن بكين قد تفضل ترامب لهذه الأسباب
أما بالنسبة للمتشددين في الصين، يُعَد فوز ترامب بولاية ثانية أمراً مثالياً. إذ صوَّرت وسائل الإعلام الحكومية في الصين الجائحة في الولايات المتحدة، واحتجاجات “حياة السود مهمة”، وفوضى المناظرة الرئاسية الأولى، على أنها أمثلة أخرى على التجربة الديمقراطية الأمريكية الفاشلة.
وأوضح راش دوشي، مدير مبادرة الاستراتيجية الصينية في معهد بروكينغز: “بينما تشعر الصين بالقلق بشأن عدوانية ترامب على المدى القصير، فإنها تعتقد أيضاً أنه على المدى الطويل يُسرِع من التراجع الأمريكي”.
لكن قلة في الصين رأوا اختلافاً كبيراً بين المرشحين عندما التقيا في المناظرة النهائية. وفي مقطع نُشِر على موقع Weibo، قال أحد المعلقين ساخراً: “لا بد أنَّ هذين الشخصين يستمتعان بآخر عمرهما، وأنهما لا يفضحان عيوبهما في العلن”. فيما كتب آخر: “الكوميديان الأمريكيان اعتليا المسرح”.
وفي هذه الأثناء، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطاباً مطولاً لإحياء الذكرى السبعين لحرب “مقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا” بين عامي 1950 و1953.
وأعلن بينغ: “الشعب الصيني لن يفتعل مشاكل، لكنه لا يخاف منها أيضاً، وبغض النظر عن الصعوبات أو التحديات التي نواجهها، أقدامنا لن تهتز وظهورنا لن تنحنيَ”.