السودان على أعتاب حل تاريخي لأزمة الكهرباء
يعول السودان على رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب في دعم الاقتصاد الذي تكبد خسائر فادحة بسبب العقوبات الأمريكية.
يمثل قطاع الكهرباء أحد القطاعات التي يمكن أن تستفيد من الخطوة الأمريكية الأخيرة، حيث من شأنها أن تساعد الخرطوم في جذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة لزيادة إنتاج الكهرباء، والاستفادة من فرص التمويل الدولية، وفق مذكرة بحثية أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
وأوضح المركز الذي يتخذ من أبوظبي مقرا رئيسيا، أن “أزمة نقص الكهرباء في السودان تفاقمت خلال الفترة الماضية، ووصل معدل انقطاع الكهرباء في أنحاء مختلفة من البلاد إلى ما يزيد عن 8 ساعات يوميا خاصة في فصل الصيف”.
ووفق التقديرات، تبلغ احتياجات السودان من الكهرباء ما يقارب 3800 ميجاوات، في حين تصل السعة المتاحة المنتجة عبر المحطات الكهرومائية والحرارية في البلاد إلى نحو 2800 ميجاوات.
ولا تغطي خدمات الكهرباء في البلاد سوى نسبة 60% من السكان، وتزيد مشكلات عدم الحصول على الكهرباء في منطقتى دارفور وكردفان.
وفي ظل النمو المتوقع للسكان إلى 56 مليونا بحلول عام 2031، ستتفاقم مشكلة الكهرباء ما لم تنجح الحكومة في توفير سعة إضافية.
وبحسب المذكرة البحثية، فإن هناك حاجة إلى سعة إضافية لا تقل عن 2000 ميجاوات لتلبية الطلب المستقبلي على الكهرباء.
خلل مالي
بالإضافة إلى ما سبق، يعاني قطاع الكهرباء من مشكلات هيكلية تتعلق بإدارته سواء على الجانب المالي أو الإداري.
ويشير مركز المستقبل إلى أن شركات حكومية تدير القطاع تحت شركة السودان القابضة للكهرباء، أغلبها يفتقر للكفاءة الإدارية والمالية اللازمة لاستدامة العمليات، مع عدم السماح بمشاركة القطاع الخاص بشكل مباشر في عمليات إنتاج الكهرباء إلى الآن.
وفيما يتعلق بالجانب المالي، يشار إلى أن تعريفة الكهرباء في السودان هى الأدنى في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وبمعدل يقل عن 50 سنتا أمريكيا لكل كيلووات في الساعة، ولا تسترد الشركات العاملة في إنتاج الكهرباء سوى 20% من تكاليف التشغيل.
وبحسب المذكرة البحثية يؤدي ذلك إلى حدوث عجز مالي دائم، فضلا عن نقص الفوائض المالية اللازمة للاستثمارات لتنفيذ مشاريع لزيادة الإنتاج أو تأهيل وصيانة المحطات القائمة.
ووفق التقديرات، تقدم الحكومة دعما لقطاع الكهرباء يتمثل في تغطية تكلفة الوقود والاستثمار الرأسمالي، وبما يتجاوز أكثر من 600 مليون دولار سنويا، أى ما يساوي حوالي 15% من الإنفاق الحكومي، وأكثر من 2% من الناتج المحلي سنوياً.
وتبعا لدراسة صادرة عن البنك الدولي، فإن الدعم الحكومي للقطاع من المرجح أن يتضاعف إلى 1.3 مليار دولار بحلول عام 2023، بسبب أسعار الوقود المتغيرة، والاحتياجات الاستثمارية.
فرص جديدة
وسط هذه الأزمات، يقول مركز المستقبل إن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يوفر فرصا اقتصادية لم تشهدها البلاد من قبل، حيث سيكون بإمكانها إعادة الاندماج مجدداً في النظام الاقتصادي العالمي، والاستفادة من الفرص التمويلية التي تتيحها مؤسسات التمويل الدولية، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية مجددا.
وعلى هذا النحو، كان صندوق النقد الدولي قد ألمح مؤخراً إلى إمكانية استفادة السودان من تخفيف الديون المستحقة عليه.
ومن المتوقع كذلك أن يكون قطاع الكهرباء أحد أبرز المستفيدين من الفرص الاقتصادية عقب رفع البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث سيكون بمقدوره جذب استثمارات أجنبية لتنفيذ مشاريع إنتاجية، فضلاً عن الاستفادة من تمويل المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي لقطاع الكهرباء ولاسيما توليد الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة.
وبالفعل قبل رفع العقوبات بعدة أيام، وقّعت الحكومة مذكرة تفاهم مع شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية لبناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية، وإعادة تأهيل 3 محطات كهرباء من بينها محطتى كهرباء الفولة وغرب كردفان وبتكلفة إجمالية قدر ر بنحو 915 مليون دولار.
وتشير المذكرة البحثية إلى أن هذا الاتفاق من شأنه تشجيع المزيد من الشركات الأجنبية لعقد اتفاقيات مماثلة.
ولكن المذكرة أوصت بضرورة تنفيذ السودان حزمة إصلاحات، أبرزها السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في عمليات إنتاج وتوزيع الكهرباء، وإعادة هيكلة تعريفات الكهرباء.
وكذلك إعادة توجيه رؤوس الأموال نحو مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تمتلك السودان قدرات هائلة فيها.