أطفال للبيع مقابل 40 ألف دولار.. عصابة للاتجار بالبشر تغوي نساء فقيرات بالعيش في أمريكا مقابل التخلي عن أبنائهن
صحيفة The Guardian البريطانية أشارت في تحقيقها الذي نشرته الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، إلى أن المدعين العامين الأمريكيين يعتقدون أنَّ ما لا يقل عن 70 طفلاً عُرِضوا للتبني بهذه الطريقة غير القانونية- أو “بيعوا” بحسب حكمٍ قاسٍ من المحكمة- مقابل 40 ألف دولار لكل طفل.
نساء حوامل ضحايا عصابة للاتجار بالبشر
لا يزال رولسون برايس يفحص فيسبوك بحثاً عن ابنته. وقد رآها في بعض الأحيان، تظهر في صورة مع أشخاص آخرين، وتعرف عليها على الفور. لكنه لم يقابلها قط.
الصحيفة قالت إن برايس هو واحد من عشرات الضحايا عصابة للاتجار بالبشر، تعمل منذ سنوات عبر أرخبيل جزر مارشال وثلاث ولايات في الولايات المتحدة الأمريكية.
يتضمن مخطط العصابة استدراج نساء جزر مارشال الحوامل إلى الولايات المتحدة وإغراءهن بعروض بقيمة 10000 دولار ووعد بحياة جديدة في أمريكا، مقابل التخلي عن أطفالهن، الذين يُعرَضون بعد ذلك للتبني من الأزواج الأمريكيين المستعدين لدفع أربعة أضعاف هذا المبلغ للطفل الواحد.
نتيجة لذلك، لَحِق بعائلات في أنحاء جزر مارشال أضرارٌ لا يمكن إصلاحها: فهناك آباء لن يعرفوا أطفالهم أبداً، وأطفال تُرِكوا بدون أمهات.
إذ قال مراسل في ماغورو- عاصمة جزر مارشال- على دراية بمخطط بيع الأطفال، لصحيفة The Guardian: “لسنوات، اعتادت الولايات المتحدة إلقاء قنابل ذرية حقيقية في ساحتنا الخلفية”، في إشارة إلى نظام التجارب النووية الأمريكي الضخم في القرن العشرين، الذي دمر بيئة جزر مارشال.
أضاف المراسل: “لكن هذا مثل قنبلة تنفجر داخل منزلك.. في عائلتك. تدمر كل شيء”.
شركة بيع أطفال
في جلسة استماع افتراضية في محكمة جزئية أمريكية في أوائل ديسمبر/كانون الأول، حُكِم على العقل المُدبِّر وراء خطة التبني غير القانونية في جزر مارشال، بول بيترسن، البالغ من العمر 45 عاماً، بالسجن لمدة 6 سنوات، ولا تزال تنتظره مزيد من العقوبات بالسجن في اتهامات أخرى.
كما أخبر بيترسن المحكمة أنَّ نواياه جيدة. وقال: “إلى أي [أم بالولادة] شعرت بأنها تعرضت للتضليل، أو الإهانة، أو التجاهل، أو عدم الاحترام، أو حتى الإكراه، أقول: أنا آسف.. كنت أحاول تكوين أسر سعيدة، وبذلك دمرت أسرتي”.
فيما كان قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية، تيموثي بروكس، حاداً في إدانته، واصفاً ممارسات التبني التي اتبعها بيترسن بأنها “خطة ثراء سريع.. مخبأة وراء القشرة اللامعة لعملية إنسانية”.
بينما تُوضِّح وثائق المحكمة، التي اطلعت عليها صحيفة The Guardian، مخطط التبني السافر الذي دبره بيترسن: تهريب النساء الحوامل وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد على مرأى من الجميع.
استهداف الفقراء والضعفاء
يعود ارتباط بيترسن بجزر مارشال إلى أكثر من عقدين، حين خدم في بعثة كنيسة Latter Day Saints في الأرخبيل، بينما كان في الـ23 من عمره.
عند عودته إلى الولايات المتحدة، أنشأ وكالة تبني، تسعى إلى الاستفادة من الروابط الوثيقة بين الولايات المتحدة وجزر مارشال.
يُذكَر أنه يمكن لمواطني جزر مارشال السفر بحرية إلى الولايات المتحدة بموجب “ميثاق الارتباط الحر” المُوقَّع بين البلدين في عام 1983.
لكن عقب سنوات من إساءة استخدام الميثاق، عُدِّل في عام 2003 لمنع النساء على وجه التحديد من السفر لأغراض التبني.
مع ذلك، تُظِهر ملفات المحكمة أنه لا يزال هناك سوق من الأزواج الذين يبحثون عن أطفال في الولايات المتحدة، والنساء المستضعفات في جزر مارشال اللائي يمكن إغراؤهن بوعود نقدية وحياة جديدة في الولايات المتحدة.
شهادة متورطة في سرقة الأطفال
تفاخر موقع بيترسن الإلكتروني بأنَّ بإمكانه مساعدة الأزواج في تبني الأطفال “دون مشاركة مباشرة من.. وكالة تبني أو وكالة حكومية”. واعترفت لينوود جانيت، الشريكة المتآمرة مع بيترسن، بأنها متورطة في المخطط والسرقة.
إذ أخبرت لينوود جانيت، وهي من جزر مارشال، المحققين أنها استهدفت النساء الفقيرات غير المتعلمات، اللائي يعمل بعضهن في معسكرات الدعارة في جزر مارشال، على مدى 6 أو 7 سنوات من العمل مع بيترسن. وقالت أيضاً إنها تخلت سابقاً عن اثنين من أطفالها للتبني بمساعدة بيترسن.
كما قالت لينوود إنها كانت تسعى وراء النساء الحوامل في جزر مارشال، وتصادقهن وتغريهن بعروض المساعدة والمال. ثم كانت تنظم وثائق الهوية وجوازات السفر للنساء، وتسافر معهن إلى الولايات المتحدة، حيث تضعهن في واحدة من سلسلة من المنازل الآمنة المُستَأجَرة في أريزونا أو يوتا أو أركنساس أثناء انتظارهن للولادة.
غالباً ما كانت المنازل مكتظة، حيث تنام النساء على الأرضيات، وأحياناً تُؤخَذ جوازات سفرهن منهن حتى لا يتمكَّن من المغادرة.
40 ألف دولار لمن يريد تبني طفل
بمجرد ولادة الطفل، كان بيترسن يفرض على العائلات الأمريكية دفع ما يصل إلى 40 ألف دولار “لتسهيل” تبني الطفل.
لا يوجد ما يشير إلى أنَّ الآباء بالتبني كانوا على دراية بعدم قانونية مخطط بيترسن، وقالت السلطات الأمريكية إنه لا توجد نية لإبطال أي من عمليات التبني أو إلغائها.
من جانبه، نفى القائم بأعمال المدعي العام لمنطقة أركنساس الغربية، ديفيد كلاي فولكس، وجود عنصر إيثاري أو إنساني في ممارسات التبني غير القانونية التي اتبعها بيترسن، واصفاً إياها بأنها “ليست أكثر من مخطط متطور لاستغلال مجتمع جزر مارشال، وكذلك الاحتيال على الآباء الراغبين في التبني وسحب مبالغ مالية كبيرة منهم”.