حولتهم الجائحة من شباب حالمين إلى فقراء.. وطأة كورونا على الطلاب الأجانب في بريطانيا أشد قسوة
وبالرغم من المطر، يحتشد عشرات الشبان من الطلاب الأجانب على غرار جاي باتيل أمام المركز الصغير التابع لجمعية “نيوهام كوميونيتي بروجكت” في شرق لندن، للحصول على حصة من الأرز وبعض الخضار والمواد الغذائية، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس 25 فبراير/شباط 2021.
معاناة الطلاب الأجانب بسبب كورونا
يشكو جاي باتيل قائلاً: “من الصعب شراء طعام، الأسعار أعلى بكثير من الهند”، وهو واحد من الطلاب الأجانب الذين أتوا إلى المملكة المتحدة لتحقيق أحلامهم، فحولتهم جائحة كوفيد-19 إلى فقراء فيها.
يروي الطالب الهندي في جامعة غرينيتش، البالغ 19 عاماً: “كان الشرط حتى أغادر إلى المملكة المتحدة، ألا أطلب نقوداً من والديّ بعد وصولي إلى هنا”، مضيفاً: “لم أخبر والديّ بوضعي لأن وطأة الوباء شديدة عليهم أيضاً”.
بدون مساعدة هذا البنك الغذائي الذي يوزع حزم المساعدات ثلاث ليال في الأسبوع “لكان الوضع صعباً” للطالب والرفاق الذين يتقاسم معهم المسكن، ما بين الرسوم الجامعية الباهظة وكلفة المعيشة في لندن. ويؤكد: “لكنا عانينا حتماً من الجوع”. ويقول وهو يتنهّد: “وصلتُ حقاً في الوقت غير المناسب”.
إذ تشكل المملكة المتحدة وجهة تستقطب العديد من الطلاب الأجانب، غير أنها حالياً تسجل أعلى حصيلة وفيات جراء الوباء بين بلدان أوروبا، بلغت نحو 122 ألف وفاة.
بينما تفرض حالياً ثالث حجر منزلي على سكانها، ما يجعل من شبه المستحيل الحصول على إحدى الوظائف المتاحة أمام الطلاب الأجانب.
يلجؤون للجمعيات الخيرية للمساعدة
بالرغم من البرد والمطر يقف صف انتظار طوله 300 متر أمام مركز الجمعية بين الساعة 19,00 والساعة 23,00. ويحيّي المتطوعون الوجوه الأليفة للذين يأتون بانتظام لتلقي المساعدات.
في داخل المكاتب، ينهمكون في توزيع الرزم بسرعة على الطلاب، متقاذفين أكياس الأرز، فيما تصطف على الأرض مئات أكياس الطعام المعدة مسبقاً بعناية، وهي تحوي ما يكفي لإعداد وجبات نباتية أو حلال.
إذ بدأت الجمعية المحلية الخاصة بالجالية الهندية في شرق لندن توزيع المساعدات الغذائية خلال أول حجر منزلي صادف مع بداية شهر رمضان. وأوضح رئيسها إلياس إسماعيل: “في البدء، كنا نوزع عشرين حزمة في اليوم. وخلال ثلاثة أسابيع، ارتفع العدد إلى ما يزيد على 800 طالب”.
يضيف: “الحاجة هائلة. نقوم بهذا النشاط منذ عشرة أشهر، والعدد يزداد بشكل متواصل”، مقدراً عدد المستفيدين من مساعدات جمعيته بنحو ألفي منزل في الأسبوع، بعضها مساكن مشترك يتكدّس فيها 15 طالباً لتقاسم بدلات الإيجار الباهظة في لندن.
الأزمة أشد على غير الأوروبيين
كانت وطأة الأزمة الصحية أشدّ على الطلاب الأجانب غير الأوروبيين الذين بلغ عددهم أكثر من 400 ألف في 2020، معظمهم من الصين والهند، بحسب بيانات وكالة الإحصاءات في التعليم العالي.
في حي نيوهام، يشكل الهنود 99% من الذين يأتون لتلقي إعانات غذائية، وهم بحسب إلياس “طلاب فقراء اضطر أهلهم أحياناً لبيع مجوهرات” عائلية لمساعدتهم على السفر.
لفتت أمينة إسماعيل، المتطوعة البالغة 21 عاماً، إلى أنه “بسبب نوع تأشيرة الدخول الممنوحة لهم، لا يمكنهم الحصول على المساعدات المالية من الحكومة أو الجامعات”، معتبرة أن “على الحكومة القيام بشيء حيال هذه السياسة غير العادلة”.
كما قالت: “الأمر محزن فعلاً. قدموا أملاً بحياة أفضل، غير أن كوفيد حلّ فجأة وقضى على كل شيء”.
“أحلام” محطمة وخيبة أمل
يساور الشعور نفسه ألبيف شيخ (23 عاماً) الذي قدم إلى المملكة المتحدة لتحقيق “حلم” والديه بأن “يتلقى التعليم الحقيقي” الذي لم يحصلا عليه.
بعد ستة أشهر على وصوله، فُرض الحجر المنزلي. ويقول طالب الماجستير في جامعة إيست لندن: “منذ ذلك الحين، والأمور في تدهور متواصل”.
هو يعتبر أنه بين نفاد المال وغياب الحياة الاجتماعية ومتابعة الدروس عبر الإنترنت، “من غير المجدي” في الوقت الحاضر القدوم إلى المملكة المتحدة للدراسة. ويقول: “أدفع ثمة رولز رويس، وأتلقى سيارة تويوتا قديمة بالحد الأدنى من المواصفات”.
يقصد محمد أحمد (25 عاماً) الجمعية منذ ثلاثة أشهر للتمون. وهو مرافق لزوجته الطالبة في جامعة بريرلي برايس برايور.
يقول: “كانت تطلعاتنا كبيرة حين قدمنا إلى المملكة المتحدة، وخابت آمالنا بسبب الجائحة”، مضيفاً: “إذا استمر الوضع على حاله، سيترتب علينا العودة إلى بلدنا. لا يمكننا الاستمرار هكذا”.
عدد قياسي من العمال الأجانب غادروا بريطانيا
إلى جانب الأزمة التي يعيشها الطلاب الأجانب، أشارت بيانات رسمية إلى أن ما يقرب من مليون شخص ولدوا خارج بريطانيا ربما غادروا البلاد العام الماضي، إذ يبدو أن تفشي جائحة فيروس كورونا تسبب في أكبر موجة مغادرة للعمال الأجانب على الإطلاق، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
أظهرت أرقام من المكتب الوطني للإحصاء أن عدد العمال في بريطانيا، ممن ولدوا في الخارج، انخفض بنحو 795 ألفاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، كما انخفض عدد المقيمين من مواليد الخارج الذين تزيد أعمارهم على 16 عاماً بنحو مليون شخص.
سجلت بريطانيا أعلى حصيلة للوفيات في أوروبا بسبب فيروس كورونا وكانت الأكثر تضرراً من بين الاقتصادات الكبرى. وتعرضت بعض القطاعات التي كانت توظف في السابق أعداداً كبيرة من العمال الأجانب لضرر أشد.
جاءت الأرقام من مسح رسمي لسوق العمل في بريطانيا، وليس من بيانات الهجرة الرئيسية التي جرى تعليقها بسبب الجائحة.