شبهة تورط دبلوماسيين في سفارة تونس لدى لبنان ببيع جوازات سفر تونسية لسوريين

لم تمض سوى أيام قليلة على قضية دخول لقاحات إماراتية إلى تونس عن طريق الرئاسة ونفي المصالح الصحية قبولها، حتى طفى جدل آخر على السطح سببه تصريحات نائب تونسي تحدث فيها عن تورط مسؤولين في سفارة تونس لدى لبنان في بيع جوازات سفر تونسية لأفراد سوريين.

وأكد النائب عن التيار الديمقراطي، محمد عمار، خلال سؤال شفهي وجهه، أول أمس، إلى وزير الخارجية عثمان الجرندي في البرلمان، أن عددا من المسؤولين في سفارة تونس في لبنان ومن بينهم القنصل استغلوا صفتهم لبيع جوازات سفر تونسية لأشخاص سوريين رحلوا إلى الصين وتركيا وأوروبا وتمتيعهم بمضامين ولادة تونسية مدلسة (مزورة).

صفقات مشبوهة

وعن حيثيات هذه القضية، صرح محمد عمار أن العملية بدأت منذ سنتيْ 2016 و2017، بعد أن تم إغلاق القنصلية التونسية في سوريا ونقل جميع أنشطتها إلى العاصمة اللبنانية بيروت.

وبيّن عمار أن عددا من المواطنين السوريين من بينهم حاملون لجنسيات تركية تواطئوا مع القنصل التونسي وموظفين داخل السفارة التونسية في لبنان من أجل استخراج مضامين ولادة من تونس على أساس أن الأب سوري والأم تونسية، مضيفا أن عملية استخراج جوازات السفر تمت ضمن صفقات مشبوهة.

وقال عمار إن الكتلة الديمقراطية تلقت وثائق كشفت أن هذه الجوازات بيعت للسوريين بسعر لا يقل عن 50 ألف دولار للجواز الواحد، وأن أحد المواطنين السوريين الذين تحصلوا على هذه الجوازات سعى إلى تمكين أبنائه أيضا من جوازات مماثلة، ودفع ما قيمته مئة وعشرة آلاف دولار كعمولة حتى يتحصل عليها.

تكتم تام من وزارة الخارجية

وانتقد النائب تكتم وزارة الخارجية عن هذا الموضوع، قائلا إن الكتلة لم تتحصل على أية معلومة تتعلق بهذا الملف من الوزارة رغم مراسلتها المتعددة لها، مشيرا إلى أن وزير الخارجية عثمان الجرندي امتنع أول أمس عن الإجابة عن سؤاله بشأن حيثيات هذه القضية رغم خطورتها.

وأكد عمار أن الكتلة ستعاود مراسلة وزير الخارجية ومطالبته بالكشف عن ملابسات بيع جوازات سفر تونسية لسوريين، وتقديم قضية جزائية في الغرض إذا ما واصلت الوزارة التكتم عن الموضوع.

وشدد عمار على أن الكتلة تتفهم هذا التكتم نسبيا بالنظر إلى حساسية الموضوع وعلاقته بالأمن القومي، مستدركا: “ولكن على الأقل يجب أن تقع إجابتنا كتابيا وإعلامنا بأنه تم معاقبة المتجاوزين أو سحب الجنسيات التي تم إسنادها بطريقة غير قانونية”.

وقال عمار: “ليس هذا التجاوز الوحيد في السلك الدبلوماسي، فالسفير التونسي السابق متورط أيضا في تجاوزات مالية من خلال تحصله على أموال من السفارة استغلها لفائدته الشخصية”.

وأضاف أن هذا السفير تعلقت به أيضا شبهات استغلال نفوذ من خلال تحصله على وظيفة رئيس قسم في وزارة الخارجية وهو أمر تمنعه التشريعات التونسية على سفراء تونس في الخارج، منتقدا معاملاته السيئة جدا مع الجالية التونسية بموريتانيا وتفاقم الشكوك ضده.

موضوع مساءلة

من جانبه، بيّن نائب رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان علي بن عون في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن هذه المسألة تكتسي صبغة من الخطورة ووجب التعامل معها بجدية، على اعتبار أن الأمر لا يتعلق بمجرد تسريبات وإنما بوثائق وصلت عددا من نواب الكتلة الديمقراطية وهي تهم الأمن القومي وتمس الدول الشقيقة والصديقة لتونس.

وكشف بن عون أن الوثائق تفضح تحصل أطراف سورية على جوازات سفر تونسية بطريقة غير قانونية، مشيرا إلى أن هذه الأطراف تتوزع بين معارضين وممنوعين من السفر وآخرين رغبوا في الخروج من البلاد بطريقة غير شرعية مستخدمين جوازات سفر ومضامين تونسية.

وأفصح بن عون أن الكتلة الديمقراطية راسلت وزير الداخلية وطلبت منه فتح بحث تحقيقي في الموضوع، قائلا “يبدو أن الوزير أذن فعلا بفتح تحقيق في الموضوع”.

وتساءل النائب عن سر تكتم الوزراء المتعاقبين على وزارة الخارجية عن هذا الموضوع طيلة هذه الفترة وعدم تدخل وزارة الداخلية التي تضطلع بمهمة حصر قائمة الجوازات التي تعطى.

وأوضح أن جوازات السفر ملك للدولة التونسية ويتم إسنادها بالعدد والرقم وتهتم وزارة الداخلية بمتابعتها، مضيفا أن مهمة القنصلية تقتصر على تسهيل الخدمات للتونسيين بالخارج إذا ما انتهت صلاحية جوازات سفرهم.

وأكد بن عون أن البرلمان وفي إطار دوره الرقابي توجه بمساءلة إلى وزير الخارجية الذي يجبره النظام الداخلي المعمول به في مجلس نواب الشعب على الإجابة عن تساؤلات النواب في أجل لا يتجاوز 60 يوما من تاريخ المساءلة.

وسبق أن تعرضت الدبلوماسية التونسية لانتقادات حادة بسبب تواتر شبهات الفساد في عدد من سفاراتها بالخارج، دفعت الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الإذن بفتح بحث معمق في الموضوع  حول شبهات فساد في سفارة تونس بباريس أواخر كانون الأول 2019 عقب إقالة السفير التونسي بفرنسا.

وتلى ذلك إعلان الدبلوماسي السابق في سفارة تونس في مالطا “هيثم باللطيف”، تعرضه لمضايقات من وزارة الخارجية وإقالته من مهامه تعسفيا بعد حديثه عن وجود شبهات فساد في السفارة وعن جوازات السفر التي تمنح للتونسيين بطريقة غريبة، وأشار آنذاك إلى وجود 23 نشرة سرية تتعلق بنشاط بعثات في الخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى