الغاز الطبيعي يحبط هجوم ماسك على بيتكوين
قبل أيام هوى سعر عملة بيتكوين إثر انتقادات بيئية وجهها لها الملياردير إيلون ماسك على خلفية استهلاكها العالي للكهرباء في عملية التعدين.
ورغم أن انتقادات ماسك جاءت في سياق غريب، كونه كان أحد أبرز الداعمين للعملة حتى أنه أعلن قبول بيتكوين كعملة لشراء سيارات شركته “تسلا”، إلا أن أصحاب مشروعات تعدين لبيتكوين أبطلوا حجة الكهرباء بسلاح جديد وهو الغاز الطبيعي.
وتأتي هذه المبادرات بعد أن تجاهل المستثمرون تصريحات ماسك الذي أوقف قرار قبول بيتكوين، إذ ارتفع سعر العملة مجددا.
وأعاد تحليق بيتكوين إلى الواجهة مسألة الأثر البيئي ومستويات الطاقة الهائلة اللازمة لصنعها، لكن الحل البديل الذي ظهر في الولايات المتحدة يعتمد على إحراق الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء اللازمة للتعدين.
ويقول سيرغي غيراسموفيتش الذي يرأس “إي زي بلوكتشاين” وهي هيئة تدير 6 مراكز بيانات تعمل بالغاز الطبيعي لتعدين بيتكوين، إن سوق التعدين بالغاز “هائلة”.
وتقيم شركات عدة مماثلة حظائر لها في مناطق أمريكية مختلفة.
ما هو التعدين؟
ويرتكز صنع عملة بيتكوين المشفرة على التعدين وهو عبارة عن كتل عمليات مشفرة وموثقة تتراكم الواحدة تلو الأخرى.
وتنتَج هذه الكتل بواسطة أجهزة كمبيوتر خارقة تحل مسائل حسابية يزداد تعقيدها مع ارتفاع قيمة العملة، ما يزيد صعوبة إنتاجها.
ويعتمد إنتاج بيتكوين أو التداول بها على عمليات “تعدين” تتولاها شركات أو أفراد، ويتقاضى هؤلاء في مقابل هذه العمليات مبالغ بالعملات الرقمية أيضا ما يشجعهم على إنتاجها عند زيادة قيمتها، الأمر الذي يستهلك كميات طاقة هائلة.
وتعتبر الشركات المشاركة في عمليات التعدين بالاعتماد على إحراق الغاز الطبيعي، أن وضع منشآت المعلوماتية التابعة لهم قرب مصدر الطاقة هذا يرتدي أهمية كبيرة لهم، سواء على الصعيد البيئي أو المالي.
أرقام قياسية
ويستقطب تعدين بيتكوين اهتماما متعاظما في ظل الارتفاع الكبير في قيمته خلال الأشهر الأخيرة، على غرار سائر العملات المشفرة مثل الإيثيريوم.
ويرابط سعر العملة الافتراضية راهنا حول سعر 50 ألف دولار للبيتكوين الواحد بعدما بلغ مستويات تاريخية عند 60 ألف دولار أخيراً.
غير أن أصواتا كثيرة تعلو رفضا للاستخدام المفرط للطاقة في عمليات تعدين العملات المشفرة، ما قد يدفع إلى إعادة النظر في الأهداف البيئية لدول عدة خصوصا الصين.
دولة بيتكوين تبتلع استهلاك مصر
ويعتبر مؤشر “كامبريدج بتكوين إلكتريسيتي كونسامبشن إندكس” (مؤشر كامبريدج لاستهلاك بتكوين الكهربائي) حاليا أن استهلاك بيتكوين للطاقة الكهربائية على أساس سنوي بلغ أعلى مستوياته التاريخية عند 149 تيراواط في الساعة، ما يناهز إجمالي استهلاك الكهرباء في مصر.
ودفعت هذه الإحصاءات بإيلون ماسك الأربعاء الماضي إلى إعلان توقف شركته للسيارات الكهربائية عن اعتماد بيتكوين وسيلة للدفع بعد أسابيع قليلة على إعلان قبول المدفوعات بهذه العملة الافتراضية نهاية مارس/ آذار.
ميزة الغاز الطبيعي
وتكمن ميزة الغاز الطبيعي في هذا السباق المحموم على الطاقة لتعدين بيتكوين، في أن هذه المادة الأولية تُحرق في كل الحالات إذا لم يعمد منتجو الطاقة إلى معالجتها،.
ويحصل هذا حاليا في أحيان كثيرة نظرا إلى انخفاض سعر الغاز حاليا والصعوبات في إقامة شبكات أنابيب لنقله.
ورغم كونه يُهدر في كل الحالات في حال عدم استخدامه، فإن أثر إحراق الغاز الطبيعي على البيئة لا يستهان به البتة.
وتؤدي تقنية إحراق الغاز إلى إزالة جزء كبير من غازات الدفيئة الموجودة في الغاز الطبيعي.
غير أن الوكالة الدولية للطاقة تؤكد أن كميات الغاز الطبيعي التي أحرقت في العالم سنة 2019 والبالغة 150 مليار متر مكعب أدت إلى انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون توازي تلك التي أنتجتها إيطاليا في العام عينه.
ويقول مسؤول التحليل في شركة “بي تي يو أناليتيكس” المشرفة على قطاعي النفط والغاز توني سكوت إن إحراق الغاز الطبيعي “يتيح إيجاد قيمة اقتصادية لكنه لا يمكّن بالضرورة من إجراء تغيير عميق في نوع انبعاثات الطاقة”.
غير أن ذلك لا يثبط عزيمة الجهات العاملة في القطاع.
قيمة مضافة
ويوضح مات لوستروه أحد مؤسسي “غيغا إنرجي سوليوشنز” في تكساس، وهي من الشركات الناشطة في هذه السوق، أن المشغلين “لا يكسبون شيئا مع الغاز الطبيعي الموجود لديهم. نقترح عليهم التخلص منه مع إعطائه قيمة مضافة”.
وتنعكس هذه العملية إيجابا على كل الأطراف المعنية.
ففيما يظهر مؤشر “كامبريدج بتكوين إلكتريسيتي كونسامبشن إندكس” أن معدل الكلفة العالمية للطاقة الكهربائية المستخدمة في تعدين بيتكوين يبلغ 5 سنتات للكيلو واط في الساعة، يؤكد لوستروه أن الغاز الطبيعي يمكنه خفض هذا المستوى إلى أقل من 2 سنت.
وتشكل كلفة الطاقة عاملا رئيسيا في تعدين بيتكوين، إذ يبحث العاملون في التعدين باستمرار عن الوسيلة الأقل كلفة للعمل من أجل رفع أرباحهم إلى المستوى الأقصى.