طالبان تعيد العمل بدستور آخر ملوك أفغانستان.. فمن هو ظاهر شاه؟
قررت حركة طالبان إعادة العمل بأحكام دستور أفغانستان قبل الجمهورية، لتعيد آخر ملوك البلاد محمد ظاهر شاه، إلى الواجهة بعد سنوات على رحيله
فقد أعلن وزير العدل بحكومة طالبان عبد الحكيم شرعي، اليوم الثلاثاء، أن الحركة ستلتزم بأحكام دستور حكم الملك الراحل محمد ظاهر شاه، بشكل مؤقت، مع حذف ما يخالف منه “أحكام الشريعة”.
وجاء إعلان وزير طالبان، خلال اجتماع له مع السفير الصيني في كابول وانج يو، أكد فيه أيضا أن الحركة تحترم القوانين والمواثيق الدولية، التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ومبادئ “الإمارة الإسلامية”.
وجدد وعد حركته بأن أراضي أفغانستان لن تستخدم ضد المنطقة ودول العالم الأخرى، التي تريد معها علاقات إيجابية وجيدة.
بنود من الدستور “القديم الجديد”
وينص الدستور الذي انتهى به العمل بسقوط آخر ملوك أفغانستان عام 1973، على وجود برلمان منتخب وسلطة قضائية مستقلة، ويضمن الحقوق الأساسية للمواطنين الأفغان، والحفاظ على الوحدة الترابية للبلاد.
وفي الدستور الذي طبقه ظاهر شاه من عام 1964 حتى عام 1973، لم يكن الملك مسؤولاً أمام الشعب والبرلمان، كما هو الحال مع الزعيم الأعلى لطالبان الآن، حسب تعبير وكالة الأنباء الألمانية.
وإعلان طالبان عن الالتزام بهذا الدستور الذي يوصف بأنه “علماني”، يعدّ خطوة مفاجئة للمراقبين، ويثير أسئلة كثيرة حول جدية تطبيقه من قبل الحركة، حيث أن أهم بنوده في مجال الحريات قد لا يجد طريقه للتنفيذ، ويتعلق الأمر بإنشاء الأحزاب السياسية.
وتوفي الملك محمد ظاهر شاه، الذي يرتبط به دستور طالبان المرتقب إحياؤه عام 2007، عن عمر ناهز 92 عاما، حيث عاش في المنفى إثر الإطاحة به عام 1973، بعد عقد من حكم طالبان، لتطوى صفحة الملكية في هذا البلد الآسيوي بسقوطه.
من هو محمد ظاهر شاه؟
ولد محمد ظاهر شاه في 15 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1914 في العاصمة الأفغانية كابول، تولى مسؤوليات الحكم صغيرا؛ فقد اعتلى العرش وهو في التاسعة عشرة من عمره، إثر اغتيال والده في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1933.
وبحكم حداثة سنه مكث الملك الشاب سنوات في الظل، يدير أقاربه دفة الحكم، لكنه ما إن بلغ مرحلة النضج العمري والسياسي، حتى أكد سلطته، وأنشأ دستورا عام 1964، يقرّ نظام الحكم في أفغانستان، ملكية دستورية، ويحظر على أفراد الأسرة الحاكمة تولي المناصب العامة.
ينظر إلى فترة حكم ظاهر شاه على أنها فترة توحيد البلاد، وتنسب له إصلاحات كبرى خاصة في كابول، وظلت أفغانستان في عهده، على مسافة واحدة من جميع الدول، وهو ما استغله الملك الراحل في استجلاب التمويلات الأجنبية.
قاوم ظاهر شاه النزعة الانفصالية لدى قبائل البشتون، في شمال أفغانستان، التي تضغط من أجل حكم ذاتي على حدود البلاد مع باكستان، وظل الملك الراحل متمسكا بوحدة البلاد طوال فترة حكمه.
لكنّ تدخل الأقارب في شأن الحكم ظل يلاحق ظاهر شاه، فقاد صهره الجنرال محمد داوود خان انقلابا غير دموي عليه صبيحة 17 يوليو/ تموز 1973، ثم تنازل الملك عن الحكم طواعية في 24 أغسطس/ آب من العام نفسه، ليعلن الصهر أفغانستان جمهورية، ويعين نفسه رئيسا عليها.
لجأ آخر ملك لأفغانستان إلى المنفى، واختار إيطاليا موطنا لإقامته، ثم عاد إلى موطنه عام 2002، بعد إطاحة الولايات المتحدة بحكم طالبان السابق، ولقي احتفاء كبيرا من السلطات حينها، ومُنح لقب “أب الأمة”، قبل أن يعلن الرئيس الأسبق حامد كرزاي وفاته في يوليو/ تموز 2007.