لماذا حرَّض أديب على أبو تريكة؟ الأهلي المقصود، وهذه قصة 12 عاماً من الخلاف مع الماجيكو
كان أديب قد شنَّ هجوماً عنيفاً على مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة محمود الخطيب، بسبب توجيه الأخير تهنئة إلى أبو تريكة، نجم النادي المعتزل منذ سنوات بعيد ميلاده، موجهاً بلاغاً للسلطات السياسية والقضائية في مصر ضد الخطيب ومجلس إدارة النادي، مبرّراً ذلك بأن أبو تريكة صادر بحقه قرار بالإدراج على “قوائم الإرهاب”.
واستخدم أديب برنامجه “الحكاية”، عبر قناة MBC مصر، مساء الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، منصة للهجوم على أبو تريكة، واصفاً الأخير بأنه “فاقد لحسن السمعة والسيرة، وفقاً لقرار المحكمة”، ومطالباً مجلس إدارة النادي الأهلي بسحب التهنئة والاعتذار عنها.
هل هذه أول مرة يهنئ الأهلي أبو تريكة بعيد ميلاده؟
منذ اعتزال محمد أبو تريكة اللعب أواخر عام 2013، يوجّه الموقع الرسمي للنادي الأهلي وحساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع والحسابات الخاصة بجماهير النادي التهنئة للماجيكو وساحر القلوب -أبرز ألقاب النجم الكبير- بمناسبة عيد ميلاده، الذي يوافق 7 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
ورغم العداء والكراهية التي يُكنّها عمرو أديب لأحد أساطير كرة القدم المصرية وهو أبو تريكة، فإن أديب لم يُعلّق على تهنئة النادي الأهلي لنجمه المعتزل خلال السنوات الماضية، باستثناء هذا العام.
هل سبب هجوم أديب إدراج أبو تريكة على “قوائم الإرهاب”؟
الخلاف السياسي بين نجم الأهلي المعتزل والنظام المصري ليس جديداً من الأساس، ويرجع إلى مجزرة استاد بورسعيد (فبراير/شباط 2012)، حين رفض محمد أبو تريكة مصافحة الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، الذي كان وقتها رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد. وبالتالي فإن إدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية هو قرار سياسي أكثر من كونه قانونياً، بحسب أغلب المحللين وخبراء القانون.
وفي هذا السياق، يواجه أبو تريكة ملاحقات قضائية وقانونية بسبب مواقفه السياسية، وخصوصاً رفضه انقلاب 2013، الذي قام به المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع في حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي، ولأن عمرو أديب أحد الإعلاميين المدافعين بشراسة عن النظام المصري برئاسة السيسي، شن مراراً هجوماً عنيفاً وتحريضاً مباشراً على أبو تريكة.
أما صدور قرار إدراج أبو تريكة، الذي يعمل حالياً محللاً كروياً في قنوات Bein الرياضية في قطر، فيرجع إلى سنوات مضت، وتم تأييده منذ مارس/آذار الماضي، فلماذا إذن استدعى أديب ذلك القرار ليقرأ منه فقرات بعينها على الهواء مباشرة، مساء الإثنين الماضي؟
ما سبب “انفعال” عمرو أديب هذه المرة؟
واقع الأمر يشير إلى أن أبو تريكة لم يكن هدفاً لعمرو أديب من الأساس هذه المرة، بل الهدف هو مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة الخطيب، أو بمعنى أدق التأثير في انتخابات النادي، المقررة يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وبحسب أحد الصحفيين الرياضيين، الذي عمل في قناة الأهلي، وتربطه علاقات بمجلس الإدارة الحالي، شنَّ أديب هجومه الأخير على مجلس الإدارة في إطار “الدعاية الانتخابية لخالد الدرندلي، صديق عمر أديب المقرب”، ولا علاقة لأبو تريكة أو تهنئته بعيد ميلاده بالقصة، لا من بعيد ولا من قريب.
“الدرندلي، صديق عمرو أديب، علاقتهما الوثيقة أمر معلوم للجميع، وعندما قرر الخطيب استبعاد الدرندلي من قائمته في الانتخابات المقبلة لصالح خالد مرتجي، أصبح الدرندلي مرشحاً مستقلاً، وفرصته ضعيفة في الفوز، قياساً على تقاليد النادي التي تفضل اختيار قائمة موحدة”، بحسب الصحفي الذي تحدث لموقع “عربي بوست”، شرط عدم ذكر اسمه لأسباب تخصه.
خالد الدرندلي يشغل منصب أمين الصندوق في مجلس إدارة محمود الخطيب، وخالد مرتجي عضو في نفس المجلس، وكانت تقارير إعلامية مصرية قد تحدثت خلال الفترة الماضية عن رغبة مرتجي في الترشح على منصب نائب الرئيس أو أمين الصندوق، وهو ما حسمه الخطيب عند الإعلان عن القائمة النهائية بوجود خالد مرتجي في منصب أمين الصندوق على حساب الدرندلي الذي ترشح مستقلاً.
ما علاقة المستشار تركي آل الشيخ بالقصة؟
“عمرو أديب عمل الشو ده (الهجوم على مجلس الخطيب) خدمة لصاحبه الدرندلي، وعندي معلومات مقدرش (لا أستطيع) أكشف عن مصدرها، بقول إن المستشار تركي آل الشيخ له دور في القصة، ومش هينفع أقول أكتر من كده”، بنص كلام الصحفي الأهلاوي.
العلاقة التي تربط تركي آل الشيخ بعمرو أديب معلومة بالطبع للجميع، وكذلك الخلاف الشهير بين المستشار السعودي ومحمود الخطيب، والذي أدى في نهاية المطاف إلى تخلي آل الشيخ عن الاستثمار الرياضي في مصر، وبيع نادي بيراميدز، الذي كان قد اشتراه وجعل حسام البدري، مدرب الأهلي الأسبق الذي لا يربطه أي ود بالخطيب، رئيساً للنادي.
وخلال ذلك الخلاف بين آل الشيخ والخطيب، والذي كان قد تجاوز كل الخطوط الحمراء ووصل إلى التجريح والتشكيك في الذمم المالية لأعضاء في مجلس إدارة النادي العريق، كان موقف خالد الدرندلي أحد أهم أسباب استبعاده من قائمة الخطيب في الانتخابات المقبلة، بحسب الصحفي الأهلاوي، وأيضاً بحسب عشرات التقارير في الصحافة المصرية المحلية.
فخالد الدرندلي كان الوحيد في مجلس إدارة النادي الأهلي، الذي لم يهاجم المستشار السعودي، بل وجمعهما لقاء في مناسبة خاصة -كان عمرو أديب ثالثهما- وانتشرت الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقة الدرندلي والخطيب.
“المستشار بيساند الدرندلي من تحت لتحت، لكن ظهوره في الصورة دلوقتي هيضره أكتر ما يفيده، عمرو أديب السلاح اللي استخدمه المستشار والعيار اللي ميصيبش يدوش، بس الطلقة هتصيب أصحابها وافتكر كلامي”. وجهة نظر الصحفي الأهلاوي، التي عبر عنها لعربي بوست، هي أن هجوم عمرو أديب هدفه إثارة حفيظة أعضاء الجمعية العمومية للنادي ضد الخطيب ومجلسه، بالترويج “لميولهم الإخوانية المزعومة”، والتدليل عليها بتهنئة أبو تريكة بعيد ميلاده.
لكن، بحسب نفس المصدر، الرد جاء تلقائياً ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي بعد لحظات من “مسرحية عمرو أديب الهزلية”، إذ عاد هاشتاغ عمرو أديب يجامل الدرندلي ليتصدر موقع تويتر في مصر، بعد دقائق قليلة من حلقة برنامج الحكاية، ما يشير إلى أن “الناس فاهمة إيه اللي بيحصل، وكمان عارفين إن عمرو أديب بتاع مصلحته وبس”.
ما قصة كراهية عمرو أديب لأبو تريكة؟
أبو تريكة إذن لم يكن هدفاً لذلك الهجوم الذي شنه عمرو أديب بتلك الشراسة والانفعال، لكن عداء الإعلامي المثير للجدل دائماً لأحد أبرز نجوم كرة القدم المصرية والإفريقية والعالمية أيضاً له تاريخ يرجع إلى عام 2009، فدعونا نذكر به.
كان أبو تريكة واحداً من أبرز نجوم الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية تحت قيادة المدرب الكبير حسن شحاته، وفي عام 2009 كان الفريق يشارك في كأس العالم للقارات في جنوب إفريقيا، وقدم مباراة رائعة أمام البرازيل رغم الخسارة بثلاثة أهداف مقابل أربعة.
وفي المباراة الثانية، قدم رفاق أبو تريكة عرضاً لا يُنسى أمام إيطاليا، توّجوه بفوز تاريخي بهدف نظيف، ثم جاءت المباراة الثالثة أمام المنتخب الأمريكي ليتعرض المنتخب المصري لهزيمة قاسية بثلاثة أهداف نظيفة غادروا البطولة على إثرها.
الهزيمة المفاجئة تسببت في صدمة ضخمة للجميع، لكنّ إعلامياً واحداً قرر أن يستغل تلك الصدمة الهائلة لتحقيق نسبة مشاهدة عالية لبرنامجه، فبدأ البرنامج بالقول إنه “يعرف السبب”! الإعلامي، هو عمرو أديب، والبرنامج كان اسمه “القاهرة اليوم” على فضائية أوربت، أما السبب الذي انفرد به فهو أن لاعبي منتخب مصر احتفلوا بفوزهم على إيطاليا باصطحاب “فتيات هوى” إلى غرفهم! أما دليله فكان تقارير بعض الصحف المحلية في جنوب إفريقيا.
أثار هذا الاتهام غير المسؤول حفيظة اللاعبين والجهاز الفني، الذين كانت شهرتهم ولا تزال “منتخب الساجدين”، وأجرى بعضهم مداخلات مع البرنامج، وكانوا وقتها في الأتوبيس، متجهين إلى المطار للعودة إلى القاهرة، وتعرض عمرو أديب لإهانات قاسية من اللاعبين والجهاز الفني، وتوعّدوه بالملاحقة القضائية، ليردّ بأنه ينقل ما قالته الصحافة الجنوب إفريقية.
وكانت مداخلة أبو تريكة مع فضائية أخرى وقتها، حيث رفض الحديث لبرنامج عمرو أديب، سريعة ومقتضبة وغاضبة، أكد فيها أنه لن يتنازل عن حقه وحقوق زملائه من اللاعبين، وأنه سيعلن اعتزاله اللعب دولياً إذا كانت كرة القدم ستأتي عليه بمثل هذه الإهانة، بحسب تقرير لصحيفة المصري اليوم (مستقلة).
القصة بالطبع كانت عبارة عن تعرض بعض لاعبي المنتخب إلى سرقة محتويات من غرفهم، وهذا أمر طبيعي في بلد كجنوب إفريقيا، معروف عنه انتشار الجريمة بأنواعها، لكن بعض الصحف المحلية أرادت الإيحاء بأن ما حدث هو نتيجة لإهمال اللاعبين المصريين، خصوصاً أن كثيراً من وسائل الإعلام الأوروبية قد تناولت قصة السرقة بالتفصيل، في إطار عدم مناسبة جنوب إفريقيا لاستضافة كأس العالم (2010)، لكن عمرو أديب الباحث دائماً عن أن يظل حديث الساعة، عملاً بمبدأ لا توجد دعاية سيئة المهم الدعاية والانتشار، فسّر القصة بطريقته المعتادة.
وعلى مدار السنوات التي تلت ذلك، أصبح عمرو أديب ينتهز أي فرصة للهجوم على أبو تريكة، فقبل قصة التهنئة بعيد الميلاد، والتي اتضح أن أبو تريكة لم يكن هدفها، بل انتخابات النادي الأهلي ومصلحة صديقه الدرندلي، كانت هناك قصة انسحاب أبو تريكة من الاستوديو التحليلي لإحدى مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز.
كان أحد المشجعين في مباراة نيوكاسل وتوتنهام قد أصيب بأزمة قلبية، أَوقف على إثرها الحكم مجريات اللقاء لإسعاف المشجع. وبعد نقل المشجع إلى المستشفى وعودة الاستوديو التحليلي في قنوات Bein، استعداداً لاستئناف المباراة، اعتذر أبو تريكة عن مواصلة التحليل، واستأذن المشاهدين وزملاءه في الاستوديو، قائلاً إنه لا يستطيع مواصلة التحليل، بعد أن كاد أحد المشجعين أن يفارق الحياة.
موقف أبو تريكة، أحد اللاعبين الذين حضروا مأساة مذبحة استاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 من مشجعي الأهلي، لفظ بعضُهم أنفاسه الأخيرة بين أحضان اللاعبين، بدا طبيعياً للغاية، من الناحية الإنسانية على أقل تقدير، والطريقة التي اتخذ بها الموقف لم تخلُ من المهنية والاحترام لمشاهديه ولمكان عمله.
لكن كان لعمرو أديب رأي آخر، إذ قال: “خطأ كبير من محلل رياضي، إحنا تعاطفنا مع المشجع المصاب، بس أبو تريكة كان أوفر (مبالغ)، وحب يعلّم علينا كلنا، يعني المحطة كلها معندهاش قلب أو رحمة؟” وتابع “أنا بقول رأي من وجهة نظر شغلي، اللي عايزه أبو تريكة حصل، وبقى تريند على السوشيال، وفي اعتقادي إن إدارة قناة بي إن سبورت هيكون لها كلام معاه”.
وهكذا، بمناسبة وبدون مناسبة يهاجم عمرو أديب محمد أبو تريكة، ولا يتعلق الأمر بالأساس بكون الأسطورة أحد أبرز نجوم النادي الأهلي وأديب مشجعاً للزمالك، بقدر ما يتعلق بشخصيتين يتخطى التناقض بينهما في كل شيء المسافة بين الأرض والسماء.