فرص عمل في ألمانيا وتسهيلات للحصول على الجنسية.. بشرط
تواجه الحكومة الألمانية مشكلة كبيرة متعلقة بطبيعة التركيبة السكانية لأكبر اقتصاد في القارة العجوز .
تؤدي تلك المشكلة إلى وجود تحدٍ حقيقي فيما يتعلق باحتياج العديد من قطاعات العمل في ألمانيا لمختلف المهارات التي أصبحت غير متوافرة بين حاملي الجنسية الألمانية.
من أجل ذلك تعمل الحكومة الألمانية حاليا على صياغة إصلاح قانوني جديد لتبسيط إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية لجذب العمالة شريطة الماهرة.
وتسعى تلك الصياغة لمحاولة تعديل التركيبة السكانية لأكبر اقتصاد أوروبي حيث تطغى الشيخوخة على جزء كبير منها، بينما يفتقر إلى العمال في العديد من المجالات المختلفة.
شروط أسهل للجنسية
ترغب ألمانيا في جذب العمّال الأجانب بشرط توفر المهارة وذلك لاقتصادها في مواجهة نقص اليد العاملة، ومن أجل ذلك تعدّ الحكومة الألمانية إصلاحات قانونية لتبسيط إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية، حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية.
وقال المتحدث إنّ الحصول على الجنسية يجب أن يكون ممكناً بعد العيش خمس سنوات في ألمانيا، وذلك مقارنة بثماني سنوات حالياً. وفي حال كان الأجنبي مندمجاً بشكل جيد، وفق أدائه في المدرسة أو في العمل، يمكن عندها تقليل الفترة إلى ثلاث سنوات.
وأضاف المتحدث أنّه سيتوجب تسهيل تجنيس آباء جيل العمّال المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا في السبعينيات، لأنّه “لم يجرِ تشجيع اندماجهم على مدى سنوات عديدة”.
من جهة أخرى، سيتمّ توسيع احتمالات الحصول على الجنسية الألمانية بالإضافة إلى جنسية أخرى، لتشمل المزيد من البلدان. وحالياً، لا يتقدّم العديد من الأجانب بطلب للحصول على الجنسية الألمانية، لأنهم مجبرون على التخلّي عن جنسيّتهم الأصلية.
تقديم مشروع القانون قريبا
وستقدّم وزارة الداخلية مشروعها قريباً إلى الوزارات الأخرى، حسبما أشار المتحدث. وبمجرّد تسوية جميع التفاصيل، ستجري الموافقة على المشروع في مجلس الوزراء.
ومنذ تشكيلها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلنت حكومة الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز، الذي يدير البلاد مع حزبي الخضر والليبراليين، عزمها على تحديث قانون الجنسية الألماني.
واقترحت حكومة شولتز في عقد الائتلاف، تقديم الجنسية الألمانية إلى طفلٍ وُلد في ألمانيا من والدين أجنبيَين، في حال كان لدى أحدهما تصريح إقامة منذ خمس سنوات على الأقل. ويأتي ذلك فيما يسري الأمر حالياً على من يملكون تصريح إقامة منذ ثماني سنوات.
وتريد ألمانيا من وراء ذلك جذب العمّال الأجانب المهرة الضروريين لاقتصادها في مواجهة نقص اليد العاملة، عبر تقليل العقبات البيروقراطية.
ويفتقر أكبر اقتصاد أوروبي إلى العمال في مجال الصحة خصوصاً، وأيضاً للعاملين في مجال التحول الرقمي ومجال الطاقة.
وفي وثيقة قُدّمت في سبتمبر/أيلول الماضي، قدّرت الحكومة الألمانية النقص في العمالة الماهرة بنحو 240 ألفاً بحلول العام 2026.
انتقادات للقانون
في المقابل، انتقد التحالف المسيحي الخطط الإصلاحية لوزيرة الداخلية نانسي فيزر. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ألكسندر دوبرينت، في تصريحات لصحيفة “بيلد” الألمانية الصادرة اليوم السبت: “بيع الجنسية الألمانية بأبخس ثمن لا يعزز الاندماج، بل سيكون له تأثير معاكس تماما وسيؤدي إلى تأثيرات جذب إضافية للهجرة غير الشرعية”.
وتحدث النائب البرلماني عن الحزب المسيحي الديمقراطي، شتيفان هيك، عن “عطاء مفرط لجوازات السفر الألمانية”، محذرا من آثاره الاجتماعية الكبيرة، وطالب فيزر بوقف هذه الخطط.
وتمضي فيزر قدما في إصلاح قانون التجنيس المنصوص عليه في اتفاقية الائتلاف الحاكم، والذي من شأنه أن يسهل على الأشخاص الذين عاشوا في ألمانيا لعدة سنوات الحصول على الجنسية. وقال متحدث باسم فيزر أمس الجمعة إن مسودة القانون التي تنص على تلك الإصلاحات صارت “شبه جاهزة”.
ترحيب تركي
من جانبه رحب رئيس الجالية التركية، جوكاي سوفو أوغلو، بتلك المبادرة قائلا في تصريحات لصحف شبكة “دويتشلاند” الألمانية الإعلامية الصادرة اليوم السبت إن المبادرة “نقلة نوعية”، وأضاف: “قانون التجنيس الألماني الحالي لم يعد يعكس واقع يومنا هذا؛ يجب معالجته بشكل جذري”، موضحا أن الأمر يتعلق أيضا بتحقيق مستوى معين من المساواة وبالتالي توسيع قاعدة المشاركة السياسية.
وتعتبر الجالية التركية واحدة من أكبر الجاليات التي تعيش في ألمانيا، ويصل تقدير أعدادهم ما بين 2.5 و4 ملايين نسمة بحسب موقع ويكيبيديا.