أسلحة كوريا الجنوبية.. سعي للانضمام لكبار مصدري العالم
ففي قلب معرض “دي إكس كوريا” وقفت مدافع هاوتزر كيه-9 ذاتية الدفع تطلق قذائف على تلة أصابتها للتو صواريخ أطلقتها مروحيات هليكوبتر، ودبابات كيه 2 تطلق النار بينما تتحرك بسرعة على طريقها.
والمعرض الدفاعي الكوري الجنوبي انعقد على مدار أربعة أيام في سبتمبر/أيلول الماضي بأحد ميادين الرماية في بوتشون، على بعد حوالي 30 كيلومترا من حدود كوريا الشمالية، بحسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
ووفقا للشبكة الأمريكية، كان ذلك هجوم مشترك مخطط بعناية للعرض أمام جمهور قوامه ألفي شخص بينهم مسؤولين عسكريين من أكثر من عشرين دولة، ويعتبر إحدى طرق سول الجنوبية لبيع الأسلحة.
ويريد الرئيس يون سوك يو بيع المزيد من تلك الأسلحة – ما يكفي لتقفز أربع مراتب لتصبح رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم.
وقال يون إنه بانضمام بلاده إلى أكبر أربعة مصدرين للأسلحة في العالم، بعد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، ستصبح صناعة الدفاع الكورية الجنوبية استراتيجية وقوة دفاعية.
وكي تحقق ذلك، يتعين على كوريا الجنوبية أن تفوق مبيعاتها – بترتيب تصاعدي – المملكة المتحدة، وإيطاليا، وألمانيا، وأخيرا الصين، التي استحوذت على 4.6% من سوق التصدير في الفترة من 2017 – 2021، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام.
ورغم أنها ليست مهمة سهلة، إلا أن سول في طريقها بالفعل لذلك. ومن عام 2012 إلى 2016، سيطرت على 1% من السوق العالمية، ثم ضاعفت ذلك خلال الخمسة أعوام التالية، مسجلة 2.8% – وهي أكبر زيادة بين أي من أكبر 25 مصدر للأسلحة في العالم.
وفي 2021، باعت أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في الخارج، بحسب بنك الصادرات والواردات الكوري الجنوبي. وتعتقد صناعة الدفاع الكورية الجنوبية أن لديها الترسانة اللازمة للاستحواذ حتى شريحة أكبر من تلك الكعكة.
سعي للاكتفاء الذاتي
تضاعفت صادرت الأسلحة في كوريا الجنوبية خلال السنوات الأخيرة، لكن البلد كان يبني صناعة الأسلحة الخاصة بها منذ عقود، مدفوعة بعلاقتها المضطربة مع جارتها الشمالية.
وحتى 2020، مثلت النفقات العسكرية 2.8% من إجمالي الناتج المحلي لكوريا الجنوبية، بحسب معهد ستوكهولم، وهي نسبة أعلى من عتبة الـ2% التي يعتبرها العديد من حلفاء الولايات المتحدة حدا أدنى.
وقال الفريق السابق بالجيش الكوري الجنوبي تشون إن بوم: “التهديد الكوري الشمالية أعطانا سببا وجيها ودافعا للتأكد من مدى جودة أسلحتنا”.
وعمليا، لم تنته الحرب الكورية أبدا، لأن الوثيقة التي أوقفت القتال عام 1953 كانت هدنة، وليست اتفاقية سلام.
وخلال العقود الأولى بعد انتهاء القتال، كان قطاع الدفاع في كوريا الشمالية يعتمد اعتمادا كبيرا على القوات والأسلحة الأمريكية. لكن بدأت الأوضاع تتغير في السبعينيات، عندما انشغلت الولايات المتحدة بحرب فيتنام والحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
وبدأت كوريا الجنوبية تحمل مزيدا من المسؤولية عن دفاعها واستثمرت 42 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية في المصانع لإنتاج بنادق إم-16، بحسب معهد التنمية الكوري.
وبحلول نهاية العقد، نجح الباحثون الكوريون تحت إشراف معهد علوم الدفاع الوطني في تصنيع جميع الأسلحة الأساسية، بحسب تقرير صادر عام 2014.
ومع التهديدات المستمرة من كوريا الشمالية، بدأت سول في تطبيق ضريبة الدفاع الوطني لدفع تكاليف تطوير الجيش الحديث، بما في ذلك أنظمة المدرعات وغيرها من المعدات العسكرية التي تسوق لها شركات الدفاع الكورية اليوم.
الأسلحة وأوكرانيا
في تلك التلة بالريف الكوري الجنوبي التي شهدت الهجوم المخطط للعرض الدفاعي، استمع العملاء المحتملون باهتمام إلى عروض الممثلين الكوريين الجنوبيين.
وقد وصلت الوفود من أماكن بعيدة مثل المكسيك، وتايلاند، ونيجيريا، والفلبين. وسأل جنرال هندي عن مدى الأسلحة المعروضة. ولم يكن أي من العملاء المحتملين من أوكرانيا، لكن هذا لا يعني أن أسلحة كوريا الجنوبية لا تشهد دورًا في الحرب الأوكرانية مع روسيا.
وقال مسؤول دفاع أمريكي لـ”سي إن إن” هذا الشهر، إن واشنطن تعتزم شراء 100 ألف طلقة من ذخيرة المدفعية من مصنعي السلاح في كوريا الجنوبية لتزويد أوكرانيا بها. وستنقل الشحنات إلى أوكرانيا عبر الولايات المتحدة، مما يتيح لسول الالتزام بتعدها بعدم إرسال مساعدات فتاكة إلى البلد الذي مزقته الحرب.
وخلال بيان صدر بعد الكشف لأول مرة عن عملية البيع المخطط لها في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، قالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إنها لم تغير موقفها من نقل الأسلحة إلى أوكرانيا، وأنها تعتقد أن “المستخدم النهائي” للذخيرة الولايات المتحدة.
لكن نقل الذخيرة المخطط له ليس الطريقة الوحيدة التي سيشعر بها بتأثير صناعة الأسلحة لكوريا الجنوبية في أوكرانيا.
في سبتمبر/أيلول، وقعت كوريا الجنوبية اتفاقا مع بولندا لأكبر عملية بيع لها على الإطلاق، والتي بموجبها ستزود وارسو بحوالي ألف من دبابات كيه 2 التي تصنعها شركة “هيونداي روتيم”، ومدافع كيه9 التي تصنعها شركة هانوا، وعشرات من الطائرات المقاتلة من شركة صناعات الفضاء الكورية. وسيمكن الاتفاق بولندا من استبدال العديد من الأسلحة التي أرسلتها وارسو إلى كييف.
وقال تشون: “احتاجت بولندا للأسلحة للدفاع عن نفسها، وهذا بالضبط ما نقدمه. نحن الكوريون نفهم أنه بدون أسلحة للدفاع عن نفسك، النتيجة النهائية مأساة”.