2022 عام سقوط صنع الله وصعود النفط الليبي.. الأرقام لا تكذب

على عكس الوضع السياسي الذي عانى من انسداد مأزوم شهد اقتصاد ليبيا انفراجه واضحة بعد الإطاحة برئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله من منصبه.

فالاقتصاد الليبي تنفس الصعداء أخيرا بعد الإطاحة بمصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط من منصبه الذي جسم فيه على صدور الليبيين لأكثر من ثمانية أعوام يتحكم في القطاع كإرث شخصي.

فقد شهدت الشهور الست الأولى من العام 2022 أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لسوء إدارة صنع الله للقطاع واضطرار القبائل والسكان إلى التظاهر عدة مرات ضده وإعلان حالة القوة القاهرة على القطاع، مع ما يعانون من نقص الوقود وغياب العدالة في توزيعه.

وخلال إجازة عيد الأضحى المبارك ، أقال رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة صنع الله، أثناء وجوده خارج ليبيا لأداء فريضة الحج، وعين مجلس إدارة جديد للمؤسسة.

صنع الله والنفط الليبي

وفور سقوط صنع الله انهالت الفضائح عن طريقة إدارته للقطاع منذ تعيينه بشكل غير قانوني ، ونشرت العين الإخبارية عدة وثائق في تقارير متتالية تثبت كيف وصل صنع الله إلى منصبه وكيف أدار القطاع بالتهرب من الأجهزة الرقابية والفساد المالي والإداري، ثم دعم الإرهاب، والاستقواء بالأجنبي.

فقد صدر قرار تعيين صنع الله في 20 مايو/أيار عام 2014، في ظل الانقسام السياسي من قبل وكيل وزارة النفط والغاز المكلف بمهام تسيير الوزارة عمر علي الشكماك، وهو القرار الذي لقي استهجانا من الشارع الليبي لمخالفته القانون، إذ كانت تقتصر مهام الوزير المكلف على المهام التسييريه ولا يصح له تغيير المناصب القيادية والسيادية ومن بينها منصب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط.

ورغم ذلك استطاع صنع الله من الاستمرار في منصبه لـ 8 أعوام من خلال “الاستقواء بالسفارات الأجنبية” وهو الاتهام الذي وجهه له وزير النفط والغاز امحمد عون، وهو ما جعله يرى في نفسه الحصانة، ورفض أكثر من مرة محاولات إقالته واستجلب الدعم الدولي بل ورفض أكثر من مرة التعامل مع الأجهزة الرقابية، وأمر الشركات النفطية التابعة له بعدم التعامل معها.

وهو ما دفع وكيل هيئة الرقابة خالد ضو للمطالبة في خطاب يحمل الرقم الإشاري 12-44-2022 بتاريخ 30 أغسطس/آب 2021، رئيس حكومة الوحدة حينها بتغيير مجلس إدارة المؤسسة، لصدور قرار تعيينه من وكيل وزارة مكلف وعدم تغيير المجلس رغم العديد من المخالفات الإدارية والقانونية، وعدم تعاون صنع الله مع مجلس النواب، ومخالفته صلاحيات منصبه والتعارض مع قرارات وزير النفط بالحكومة.

وصدرت عدة تقارير رقابية كشفت أن صنع الله مسؤول عن عدة قضايا فساد، ، وفقا لتقرير ديوان المحاسبة الأخير لعام 2022، فإن المؤسسـة في حسابها الختامي لم تعـد مذكرات تسـوية المصرف لعـدد من الحسابات المصرفي، بالمخالفة لنص المادة “42” من اللائحة المالية للمؤسسة الوطنية للنفط، وبلغت مصروفاتها نحو 3 مليارات و781 مليونا و583 آلاف دينار ليبي من أصل 3 مليارات و172 مليونا في الربع الأول من العام فقط ، رغم توقف الإنتاج مرارا والذي يفترض معه انخفاض المصاريف التشغيلية.

انفراجه في القطاع

ورغم أن صنع الله كان متمسكا بمنصبه وهدد بالعنف وعدم التسليم للإدارة الجديدة إلا أنه في النهاية لم يجد أمام نجاحات القطاع من بعده واستبشار الليبيين بانفراجات اقتصادية إلا أن يطعن في قرار عزله في المحكمة وينتظر في أحد المقاهي بإحدى العواصم الأوربية ينتظر حكم القضاء الإداري بالعاصمة طرابلس.

فبمجرد الإعلان عن الإطاحة بصنع الله استبشر الليبيون، وانهالت الأخبار المبشرة عن القطاع، وتم في 21 يوليو عودة الإنتاج إلى بدء في التعافي تدريجيا ليتخطى حاجز المليون و 200 ألف برميل يوميا.

ووفقا لآخر إحصائية صادرة عن المؤسسة 6 ديسمبر 2022 فإن ليبيا تنتج يوميا من النفط الخام مليون و 211 ألف برميل ، إلى جانب 51 ألف برميل من المكثفات.

عودة الإنتاج وضخ عائداته للدولة الليبية ساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفر الوقود بل وتطوير العمل بالقطاع، مع إجراء عمليات صيانة وإعادة آبار وحقول نفطية وغاز متوقفة منذ أكثر من 8 سنوات.

ففي الـ 17 من أغسطس أعلنت شركة الواحة للنفط والغاز الليبية بدء تشغيل حقل الظهرة، بعد توقف نحو دام 7 سنوات جراء التخريب الذي أصابه عام 2015 وإهمال الإدارة السابقة لتطويره، وهو أقدم الحقول النفطية في ليبيا ولإعادة تشغيله رمزية خاصة، تلاها إصلاح عدد من الآبار والحقوق المتوقفة.

كما نجحت المؤسسة الوطنية للنفط في لبدء عمليات تشغيل مصنع الإيثيلين بالمجمع الصناعي رأس لانوف، والذي يُعد أكبر مصنع في شمال أفريقيا لإنتاج البتروكيماويات، بعد توقف دام أكثر من 10 سنوات، في 28 نوفمبر الماضي.

وانعكس التطور في قطاع النفط على أزمة الكهرباء التي بدأت تتراجع بعد أن كانت ساعات طرح الأحمال تصل إلى 12 ساعة يوميا في بعد المناطق.

إنهاء الانقسام

النجاح الأكبر الذي انعكس على الوضع الاقتصادي في ليبيا بعد الإطاحة بصنع الله هو إعادة توحيد مؤسسة النفط في الشرق والغرب والجنوب والسماح لأبناء الأقاليم بالمشاركة في ذلك، حيث سمى مجلس إدارة المؤسسة الجديد مديرا شابا جديدا لفرع المؤسسة في الشرق الليبي 31 يوليو كخطوة مهمة لإنهاء الانقسام في القطاع ودعم العاملين فيه.

كما أجرى مجلس الإدارة الجديد زيارة تعد الأولى منذ 8 أعوام إلى حقل الشرارة النفطي –أحد أكبر الحقول في الجنوب الليبي-، وقرر مجلس الإدارة في 4 سبتمبر إنشاء فرع لها في مدينة سبها لمتابعة أنشطتها في المنطقة الجنوبية.

كل ذلك من نجاحات شهدها النفط الليبي أعطى فرصة للمزيد من الشركات النفطية الاوروبية لتطوير عملها في ليبيا والبحث والاستكشاف، والعمل على زيادة الإنتاج خاصة مع الظروف السانحة في ظل العقوبات الأوروبية على النفط الروسي.

وهو ما عبر عنه الرئيس التنفيذي لشركة إيني ، كلاوديو ديسكالزي، 2 ديسمبر الجاري من إن شركته اكتشفت “كميات كبيرة من النفط والغاز في ليبيا، وتناقش حاليًا مشروعات جديدة، والوضع في الوقت الحالي مستقر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى