آخر الأخبارتحليلات و آراء

نتنياهو.. عندما يتبجح “اللص”!

سليم يونس

استنكر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني، البيان الذي أصدره مجلس الأمن يوم الاثنين 20 فبراير 2023، وأعرب فيه عن “القلق العميق والاستياء” إزاء إعلان الكيان الصهيوني عن مزيد من البناء والتوسع في المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة. قائلا إنه ( أي بيان مجلس الأمن) “ينكر الحق “التاريخي” لليهود. مضيفا أن “مجلس الأمن الدولي أصدر بيانا أحادي الجانب ينكر حق اليهود في العيش في وطننا التاريخي”.

لكن إذا كانت الحركة الصهيونية مدعومة من المسيحية الصهيونية والاستعمار الغربي ، قد تمكنوا في لحظة تاريخية ما، من زرع هؤلاء المستجلبين اليهود من 100 إثنية  في فلسطين، فإن تلك السرقة لا تنشئ حقا، ومن ثم فإن ادعاء نتنياهو بأن قرار مجلس الأمن ينكر الحق التاريخي لليهود في فلسطين ،  وزعمه أيضا أن القرار الأممي ينكر ما سماه” حق اليهود في العيش في وطننا التاريخي”.

ليكون السؤال هو: منذ متى كان لليهود حقا في فلسطين؟ كون الوجود المستمر بالفعل، كان وما يزال للشعب الفلسطيني في أرضة على امتداد آلاف السنين، وهو الثابت التاريخي الوحيد وليس تلك المجوعات اليهودية من القبائل الرعوية  التي لم تستمر إقامتها في فلسطين سوى ثمانين عاما، ومن التدليس الفاضح الاستناد إلى التوراة الذي كُتب بعد قرون من النفي ككتاب تاريخ ، والقول إن هناك شعبا يهوديا.

في حين أن ما جاء في  التوراة عن كيان وشعب يهودي  في فلسطين، هو مجرد حشد من الخرافات والأساطير، ولا يمكن الأخذ بما فيه على أنها حقائق تاريخيه تعكس واقعا كلن موجودا ، وإنما هي أكاذيب  لفقها العقل الحاخامي الذي كتب التوراة .

والمفارقة أن من كشف أن التوراة ليس كتاب تاريخ ، وإنما كتاب  أساطير وخرافات  تاريخية هم علماء آثار ومؤرخين يهود يقيمون في فلسطين المحتلة. عاشوا الحقيقة عندما اكتشفوا علميا كم هو صادم الكذب على الإله وباسم الإله.

 حالة الشعور بالخديعة كعالم جعلت عالم الآثار اليهودي زئيف هرتسوغ  يقول: إن سكان العالم سيُذهلون، وليس فقط مواطنو إسرائيل والشعب اليهودي، عند سماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار الذين يتولون الحفريات منذ مدة من الزمن. فبعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن “إسرائيل القديمة” في فلسطين، توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة، وهي أنه لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق يدل علي وجود اليهود في فلسطين، وحكايات الآباء التوراتية هي مجرد أساطير. لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان. إن المكتشفات الأثرية أظهرت بطلان ما تضمنته النصوص التوراتية حول وجود مملكة متحدة يهودية بين داوود وسليمان في فلسطين(1) “بل إن هرتسوغ جزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تزعم التوراة(2).

ونسف باحثان يهوديان هما بروفسور يسرائيل فنكلشتاين من قسم علم الآثار في جامعة تل أبيب، ونيل سيلبرمان عالم آثار أمريكي يهودي في كتاب بعنوان بدايات إسرائيل، قصص التوراة الأساسية مثل الخروج من سيناء وعجائب موسى ورحلة احتلال يشوع بن نون لأرض الميعاد اذ تبين مثلا أنها آثار هكسوسية وليست يهودية، بل ذهبوا إلى القول إنه على الأغلب الملك سليمان وداوود هما أسطورتان، مؤكدين أنه لا علاقة بين التوراة وأرض إسرائيل(3).

وذكر عالم الآثار ميشيل هوبينك أنّ علم الآثار في إسرائيل هو علم مشحون بالتوقعات، ومنذ القرن التاسع عشر، يجري التنقيب في الأرض للعثور على أدلّةٍ ملموسةٍ حول تاريخ الشعب اليهوديّ كما جاء في التوراة، لكن، بعد مرور قرن، لم تتوصل الحفائر إلى العثور على ما يؤكّد  هذا التاريخ، بل على العكس من ذلك، تشير الدلائل إلى اتجاهٍ مُعاكسٍ(4).

 وتوافِق غالبية علماء الآثار على أنّ معظم قصص التوراة لم تحدث بالفعل، ويجب اعتبارها مجرد أساطير، وحتى عالم إسرائيليّ مثل زئيف هرتسوغ، توصّل إلى قناعة بأنّ البحث عن أشياءٍ لا وجود لها ليس مُجديًا، كما قال.

والسبب الرئيس وراء عدم اقتناع معظم علماء الآثار بالحقيقة التاريخيّة لقصة خروج اليهود من مصر، كما وردت في التوراة، هو الغياب التّام لما يشير إلى وجود بني إسرائيل لدى المصريين القدامى، وتابع أنّ الفراعنة حافظوا على تاريخهم بكل عناية في النقوش والمخطوطات والمراسلات التاريخية، ولكن لا ذكر في تاريخهم أبدًا لمجموعة ضخمة تزيد عن مليوني إسرائيلي، جاء ذكرهم في التوراة، ولا عن رحيلهم المفاجئ، أوْ هزيمة الجيش المصريّ(5).

ويقول عالم الآثار هرتسوغ وكابن للشعب اليهودي، وكتلميذ للمدرسة التوراتية، فإنني أدرك عمق الإحباط النابع من الفجوة بين التوقعات وإثبات التوراة كمصدر تاريخي وبين الوقائع المكتشفة على الأرض(6).   

وعن ادعاء أن هناك شعبا يهوديا حسب زعم ننتياهو دحض المؤرخ اليهودي شلومو ساند تلك الخرافة في كتابه “اختراع الشعب اليهودي” ، بكشف كيف فبركت الحركة الصهيونية تاريخًا مزيفًا لليهود مبنيًا على فكرة الشعب اليهودي. ويضيف ساند أنه بيّن أن هذه فكرة خاطئة ومجرّد خرافة، استعملت من أجل تبرير الاحتلال الإسرائيلي

ويخلص عالم الأثار زئيف هرتسوغ ، إلى أن التوراة “اختُلق” في أيام النفي البابلي، ذلك أن الحفريات في فلسطين لم تكتشف أي شهادة يمكن أن تؤكد هذا التسلسل التاريخي. بل إن الاكتشافات الكثيرة تقوض المصداقية التاريخية للوصف التوراتي(7).

هذه الحقائق العلمية يعرفها نتنياهو جيدا، ولذلك فهو يعرف أن وجودهم  في فلسطين هو وجود مؤقت، ومن ثم فإن حديثه عن فلسطين، هو حديث اللص المتبجح       والمكابر في حين أن نهابة خرافة  المشروع الصهيوني في فلسطين قد اقتربت.. وهذا ليس رأيا شخصيا  ، وإنما هذا ما يقوله وبتنبأ به مسؤلون صهاينة من كل المستويات، وما يجري حاليا من صراع بين مكونات الكيان الصهيوني ربما هي المقدمة لذلك.

————-

الهوامش

  1. نبيل عودة، أساطير االتوراة تسقط،https://www.sotaliraq.com/
  2. المصدر السابق.
  3. البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي “الإسرائيلي” هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
  4. المصدر السابق.
  5. نبيل عودة، أساطير التوراة تسقط،https://www.sotaliraq.com/
  6. المصدر السابق.
  7. شمس الدين الكيلاني، ثلاثية شلومو ساند: في حال إسرائيل: التاريخ والمصير، 16/10/2020،  https://www.arab48.com/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى