آخر الأخبارتحليلات و آراء

قرار طرد حماس من الدوحة.. إرادة قطرية، أم أمريكية؟!

 

سليم الزريعي

تكشف الرسالة الصارمة التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى قطر في وقت سابق من هذا الشهر، طبيعة العلاقة بين واشنطن والدوحة، ومن ثم الدور الوظيفي القطري ضمن محددات السياسية الأمريكية في المنطقة، وكيفية استثمار هذا الدور القطري مع قوى الإسلام السياسي، ومن بينها حماس كفرع للإخوان المسلمين في فلسطين لصالح الولايات المتحدة ، وهي من ثم تلقي ضوءا كاشفا على دور قطر كحاضنة لهذه القوى ضمن محددات المصالح الأمريكية ، فيما تعتبر قطر أنها مستفيدة من لعب هذا الدور لترضي طموحا ونزوعا شخصيا في الظهور كدولة وازنة في المنطقة في حين أنها تفتقد مقومات هذا الدور .

وهذا ليس في سياق التحليل ولكن هذا ما تقوله بوضوح رسالة وزير الخارجية الأمريكي، التي تحمل معنى التوجيه الصارم لقطر بأن تتصرف وفق التعليمات الأمريكية. عندما يقول في رسالته  التي سلمها إلى رئيس وزراء قط في 5 مارس “”أبلغوا حركة حماس أنه يجب عليها تنفيذ اتفاق الرهائن، ووقف إطلاق النار، الذي من شأنه أن يوقف القتال في غزة، أو المخاطرة بالطرد من العاصمة القطرية الدوحة، التي يتواجد فيها قيادات كبيرة من الحركة”.(1) أنه” يجب” بمفهوم الأمر لقطر ، أن تضغط على حماس التي بالتأكيد ليست في جيب أمريكا ، وإن تقاطعت مصالحهما أحيانا.

لكن المثير هنا هو أن تنقل قطر أمر التهديد إلى حماس بالطرد من نعيم الدوحة، سواء وصل إلى حماس كأمر أمريكي، أو رغبة قطرية، فهو في كلا الحالين لا ينفي أنه في النتيجة  إرادة أمريكيةـ، فيما قطر لا تملك رد طلب أمريكي وهي التي تلعب دورها مع قوى الإسلام السياسي بضوء أخضر من واشنطن، وهو الدور الذي يحقق طموحا قطريا قد يعتبره البعض مشروعا، للعب دور قوة مؤثرة ووازنة في المنطقة، فيما يرى الكثيرون أنه يتجاوز قدراتها الموضوعية، ارتباطا مع حجمها وإمكاناتها الجغرافية والسياسية، وهي لذلك استخدمت التيارات المتطرفة، بداية من جماعة «الإخوان المسلمين»، ومروراً بالتنظيمات الجهادية، وانتهاء بالتحالف والتعاون مع القاعدة (2) في سياق دورها الوظيفي في علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية .

ويشجعها على ذلك أن تلك العلاقة مع قوى مصنفة دوليا بالإرهابية وغيرها يفيد الولايات المتحدة. وهو” أن يشكّل القطريون صلة وصل تستطيع واشنطن استعمالها للتواصل مع شخصيات لا تريد الارتباط بها أو تعجز عن التواصل معها”(3) حتى إن الولايات المتحدة هي من يطلب منها أن تقوم بدور معين لخدمة المصالح الأمريكية.

يؤكد هذه الحقيقة الجهة التي تقف وراء قرار إقامة حماس في الدوحة منذ عام 2012، وهو ما كشفته السفارة القطرية في واشنطن التي ردت على الاتهامات التي وجهت إلى الدوحة بعد الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر العام الماضي على موقع للجيش الصهيوني في مستوطنات غلاف غزة في فلسطين المحتلة، من “أن المكتب السياسي لحماس في قطر تم افتتاحه بناء على طلب أمريكي لإنشاء خطوط اتصال غير مباشرة مع حماس”.(4)

وهي أيضا مستعدة لطرد حماس من الدوحة، وقد جاء ذلك بعد أسبوع من هجوم 7 أكتوبر، عندما التقى بلينكن بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة وقال علناً: “لا يمكن أن يكون هناك المزيد من العمل كالمعتاد” مع حماس.

وخلال ذلك الاجتماع، اقترح الأمير أن البلاد ستكون على استعداد لطرد قادة حماس من الدوحة إذا طلبت منهم الولايات المتحدة القيام بذلك، وفقًا لمصادر مطلعة على الاجتماع.

ومن ثم إذا كان أمر الطرد قد صدر أولا  من واشنطن، في حين يتجاهل بلينكن وناقل الرسالة أن من يطلق النار ويقوم بالحرب على غزة هو الكيان الصهيوني ، وحماس ترد على الهجوم الذي ينفذه جيش الاحتلال بمساعدة واشنطن وليس حماس وقوى المقاومة؟  وأن من عليه أن يوقف إطلاق النار هو الكيان الصهيوني الذي يرتكب حرب إبادة ضد أهل غزة باعتراف مؤسسات دوليةـ وهو رأي أغلب دول العالم.

فإن السؤال والحال هذه، من يرسم السياسية القطرية في الموضوع المتعلق بالشأن الفلسطيني، حكومة قطر أم وزارة الخارجية الأمريكية؟.

مصادر

  • انظر:عربي21، رسالة صارمة من بلينكن إلى قطر.. تحدد خيارين أمام قيادات “حماس”،24/3/2024، https://arabi21.com/
  • انظر:علي بكر،الخطاب الديني في قطر: السلفية في خدمة الإسلام السياسي26/3/2018، https://www.almesbar.net/
  • انظر: ستيفن كوك، لماذا تتحمّل الولايات المتحدة علاقة قطر مع “حماس”؟20/10/2023،Foreign Policy
  • انظر: جريدة الشرق الأوسط، قطر ترد بعد مهاجمتها من قبل “لجنة الاستخبارات الأمريكية” و”لمس شعرة” من الرهائن الأمريكيين بقبضة حماس في غزة، 4/11/2023، الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى