الانتقادات تنهال على ترامب بعد قراره إخلاء الساحة في شمال سوريا لتركيا
انهالت الانتقادات على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد ساعات قليلة، من إعلانه إخلاء الساحة في شمال سوريا لتركيا، وتصاعدت الأصوات حتى من قلب معسكره الجمهوري رافضة هذه الخطوة، لا بل مهددة بالتوجه إلى الكونغرس لعرقلة تنفيذها.
ووصف البعض قرار ترامب بـ“الخطأ الفادح“، والبعض الآخر بـ“الكارثة“، لكنه بالنتيجة يطرح مجددًا مسألة طريقة تعاطي ترامب مع حلفاء بلاده، ويعزز صورة الرئيس المعزول داخل إدارته نفسها.
والمعروف عن ترامب، أنه يكرر دائمًا رفضه ما يسميه بـ“الحروب التي لا تنتهي“، لكنه هذه المرة بقراره سحب القوات الأمريكية من المناطق المجاورة للحدود مع تركيا في شمال سوريا، إنما يقدم القوات الكردية الحليفة لبلاده هدية على طبق من فضة إلى عدوها التركي الشرس.
وأثار قرار البيت الأبيض هذا في بيان من فقرتين، مساء الأحد، حالة من الصدمة، ولم يساهم الصمت المطبق لوزارتي الخارجية والدفاع سوى في تعزيز الشعور بأن قرارًا إستراتيجيًا على هذا المستوى من الأهمية، قد اتخذ من دون مشاورات.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة تريد أن تكون متأكدة بأن ”الأتراك لن يذبحوا الأكراد“، وبعد أشهر عدة حذر أنقرة مجددًا من التداعيات ”الكارثية“ لتدخل تركي في سوريا.
وصباح الإثنين توالت ردود الفعل المستهجنة للقرار من قبل كبار المسؤولين في المعسكر الجمهوري.
وسارع السناتور ليندسي غراهام، المقرب جدًا من ترامب، والذي يشاركه بشكل دوري رياضة الغولف، إلى وصف هذا القرار بـ“الكارثي“، معتبرًا أن ”التخلي عن الأكراد سيعتبر وصمة عار على جبين أمريكا“.
وذهب غراهام، سناتور كارولاينا الجنوبية، إلى أبعد من ذلك، عندما هدد بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الشيوخ، لإجبار ترامب على التراجع عن قراره هذا.
وللدلالة على عزلة الرئيس في قراره هذا، أوضح غراهام، أنه يتوقع دعمًا كبيرًا من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء لمشروع القرار، أما سناتور فلوريدا، ماركو روبيو، فوصف قرار ترامب بـ“الخطأ الفادح الذي سيترك تداعيات تتجاوز حدود سوريا“.
دعم دائم لحلفائنا
ورأت نيكي هالي، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة والوجه الصاعد في الحزب الجمهوري، أنه من المناسب تذكير الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين بمبدأ بسيط في العلاقات الدولية، مفاده أن ”علينا دعم حلفائنا، إذا كنا نريد أن نتوقع منهم دعمنا“.
وتابعت هالي: ”لقد كان للأكراد دور حاسم في معركتنا التي تكللت بالنجاح ضد تنظيم داعش في سوريا، وتركهم يلقون مصيرهم المحتوم بهذه الطريقة خطأ فادح“.
وأمام ردود الفعل المستهجنة، سعت إدارة ترامب لاستيعاب الأمر والتقليل من أهمية موقف الرئيس.
وقال مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن اسمه، ”إن ما نقوم به هو سحب بضعة جنود منتشرين على الحدود، إنه عدد صغير للغاية على مسافة محدودة جدًا“.
وأوضح: ”عدا ذلك، لم يتغير وضعنا العسكري في شمال شرق سوريا“.
ويبدو أن ترامب نفسه حاول استيعاب موقفه الأخير، وبدا كأنه يريد تحذير تركيا من مغبة الذهاب بعيدًا في ضرب الأكراد في شمال سوريا.
وكتب سلسلة تغريدات جديدة الإثنين، وقال في إحداها: ”إذا فعلت تركيا ما أعتبره بحكمتي التي لا نظير لها، تجاوزًا للحد، فسأقضي على الاقتصاد التركي وأدمره بشكل كامل“.
وفي الإطار نفسه أكد البنتاغون الإثنين، أنه لا يؤيد العملية التركية في شمال سوريا.
وقال في بيان إن ”وزارة الدفاع أوضحت بشكل واضح لتركيا -كما فعل الرئيس- أننا لا نؤيد عملية تركية في شمال سوريا“، وحذر من ”العواقب المزعزعة للاستقرار“ لمثل هذه العملية ”بالنسبة لتركيا والمنطقة وخارجها“.
وعندما أعلن ترامب في نهاية العام 2018، قراره سحب الألفي جندي أمريكي من سوريا في أسرع وقت ممكن (وهو القرار الذي أعيد النظر فيه) ، قرر وزير الدفاع الجنرال جيم ماتيس الاستقالة.
ومما قاله يومها ماتيس، في رسالة استقالته الموجهة إلى ترامب: ”قلت مثلكم منذ البداية إنه من غير المفروض بالقوات المسلحة الأمريكية أن تكون شرطي العالم.. لكن لا بد من التعاطي مع الحلفاء باحترام“.
وبعد بيان البيت الأبيض وتغريدات ترامب، صباح الإثنين، معربًا عن رغبته بـ“الخروج من هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي، والتي يتخذ بعضها الطابع القبلي“، صدرت ردة الفعل الأقوى من الشخص الذي كان في عهدي باراك أوباما وترامب، أبرز الفاعلين في الحرب ضد تنظيم داعش.
ولخص بريت ماكورغ الذي استقال، في كانون الأول/ديسمبر، من منصبه كموفد مكلف بمكافحة تنظيم داعش، في بضع تغريدات تحليله لموقف ترامب الأخير.
وكتب: ”دونالد ترامب ليس قائدًا للقوات المسلحة، إنه يتخذ قرارات متسرعة دون إلمام بالموضوع، ودون تشاور.. إن بيان البيت الأبيض يعكس عدم فهم كامل لما يحدث على الأرض“.
وتابع المسؤول السابق: ”بمحادثة هاتفية مع مسؤول أجنبي قدم ترامب هدية كبيرة إلى روسيا وإيران وتنظيم داعش“.