أسبوع موريتانيا.. “ذراع سياسية” لدعم الغزواني وانتفاضة ضد التكفير
شهدت موريتانيا الأسبوع الماضي حراكا جديدا في أوساط شخصيات الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لتشكيل “ذراع سياسية” لدعمه عبر خلق تحالف يجمع كافة القوى الحزبية والمبادرات المؤيدة للنظام.
كما برزت الوقفة الاحتجاجية التي دعا لها اتحاد الموسيقيين الموريتانيين الثلاثاء الماضي ضد خطاب التطرف والتكفير، على خلفية تداول مقطع صوتي مجهول، اعتُبر مسيئا لشريحة الفنانين المعروفة شعبيا بـ”إيكَاون”.
وشهدت موريتانيا كذلك انطلاق أعمال مؤتمر إقليمي حول المرحلة الثانية من مشروع تعزيز التعاون الأمني بين عدد من بلدان الساحل الأفريقي، بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الذي جاء بالتزامن مع إعلان الجيش الموريتاني عن تدريب عسكري بنواكشوط، لصالح بعض ضباطه، حول الحرب اللانمطية، منظم من طرف خبراء من “الناتو”.
ذراع سياسية
الاجتماع الذي ضم شخصيات داعمة للغزواني لإنشاء ما أسماه المشاركون “ذراعا سياسية” داعمة، أثار تساؤلات حول مستقبل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وما إذا كان له ارتباط بتحضيرات مؤتمر الحزب وتوجه نحو انفتاح الحزب على كافة القوى، والشخصيات الداعمة للرئيس.
فيما رأى بعض المراقبين أن تشكيل الذراع السياسية للغزواني، لا يعني تأثيرا على واقع الحزب الحاكم أو تغييرات تطال موقعه السياسي كحزب حاكم، بقدر ما تعني سعي الشخصيات السياسية الداعمة للرئيس الغزواني لخلق تحالف يجمع كافة القوى الحزبية والمبادرات السياسية الداعمة للنظام مع احتفاظ كل منها بهياكلها التنظيمية.
إرهاصات التحول الذي يشهده الحزب الحاكم في ضوء الحراك السياسي الداعي إلى تشكيل ذراع سياسية جديدة للنظام ينخرط فيها الداعمون الجدد للرئيس من الأغلبية والمعارضة في بوتقة واحدة، تأتي في وقت صدرت فيه تصريحات من أحد قادة الحزب الحاكم النائب السابق الخليل ولد الطيب طالب فيها صراحة الحزب الحاكم باعتبار أن الرئيس الغزواني هو المرجعية السياسية الوحيدة للحزب باعتبار الصلاحيات الواسعة التي يمنحها الدستور للغزواني كرئيس للجمهورية.
الحراك المتجدد في أوساط الأغلبية يأتي في وقت بدأت فيه اللجنة المؤقتة لتسيير الحزب الحاكم في موريتانيا اجتماعات على مستويات متعددة للتشاور حول تجديد لجان البرلمان، إذ ينص النظام الداخلي للجمعية الوطنية على إعادة تشكيلها سنويا.
تغييرات برلمانية
وأبلغ رئيس لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، عالي ولد محمد خونه، أعضاء الكتلة البرلمانية نيتهم تغيير نواب رئيس البرلمان المنتمين للحزب، وكذا رؤساء اللجان.
ولم يكشف ولد محمد خونه للنواب عن الأسماء المرشحة لشغل المناصب الخاصة بالحزب، ومنها النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية، وعدا بالكشف عن أسمائهم لاحقا.
وينتظر أن ينتخب البرلمان الموريتاني مجددا، بعد أيام، نوابا لرئيسه ورؤساء للجانه الفرعية والخاصة، وذلك بالتوافق بين الكتل البرلمانية.
ويحصل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية على النائب الأول، فيما يحصل أكبر أحزاب المعارضة على النائب الثاني، ويكون النائب الثالث من حظ أحد أحزاب الأغلبية، فيما يكون النائبان الرابع والخامس من حق حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
وتأتي التطورات في ظل حراك يعيشه الحزب الحاكم حول مستقبله كحزب، فيما يدعو بعض قادته إلى تأسيس ذراع سياسية جديدة تكون بمثابة حزب داعم للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني.
الرئيس السابق لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، سيدي محمد ولد محم، قد دعا يوم الجمعة الماضي، مناضلي وقيادات الحزب للعمل جميعا “كصف واحد بالتزام ومسؤولية وانضباط كما عهدهم دائما”، مضيفا في تغريدة أن “أكبر دعم للرئيس الغزواني هو بقاء الحزب موحدا” على حد تعبيره.
مؤتمر الحزب الحاكم المزمع تنظيمه في نوفمبر/تشرين ثان أو ديسمبر/كانون أول المقبل ينتظر، بحسب مراقبين، أن يكون حاسما في تحديد بوصلة الحزب، حيث يرون أنه سيكون فرصة للتأقلم مع المرحلة الجديدة في ظل رئاسة الغزواني، مع الاحتفاظ للرئيس الأسبق بمكانته كمؤسس للحزب.
الكاتب والمحلل السياسي عبدالله محمدو بيه، اعتبر أن الغزواني هو رئيس لجميع الموريتانيين سواء من صوت له ومن صوت ضده، مضيفا أنه انتخب في ظروف طبيعية وليست لديه حساسية مع أي طرف سياسي وانتصر بأغلبية.
وأشار الكاتب محمدو بيه، في تدوينة بحسابه على الفيسبوك، أنه ومن الطبيعي تأكيد هذه القوى سواء كانت أنصارا من الأغلبية أو فاعلين من كل الأطياف المستقلة والمعارضة، على أن مرجعيتها هو ما دعاه برنامج الرئيس الغزواني، الذي ينصف الماضي ويستوعب الحاضر ويستشرف المستقبل”، على حد تعبيره.
أما الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأمين الفاظل، فاعتبر أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يمتلك ما وصفها بـ”شرعية كاملة”، في إشارة إلى قدرته على التأثير في الحزب الحاكم.
وأشار، في تدوينة، إلى أن ذلك بحكم عوامل عديدة منها كونه رئيسا منتخبا، تعترف به المعارضة عمليا، بالإضافة إلى امتلاكه علاقات قوية مع الدول المؤثرة.
انتفاضة ضد التكفير
وللتنديد بما وصفوه بخطاب الإساءة والتكفير الذي استهدف رواد الفن والموسيقى قبل أيام من مجهول على منصات التواصل الاجتماعي، جاءت الوقفة الاحتجاجية التي دعا لها اتحاد الفنانين والموسيقيين الموريتانيين الثلاثاء الماضي، وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط.
ولقيت الوقفة الاحتجاجية استجابة واسعة وتضامنا ملحوظا في أوساط النخب السياسية والثقافية الموريتانية.
وبدأت الأزمة مع تسجیل صوتي منسوب لفقيه مجھول یتھجم فیه على الفنانین الموریتانیین ویعتبر أنھم “دعاة إلى الضلال”.
واعتمدت موريتانيا مطلع العام الجاري يوم 9 يناير/كانون الثاني من كل عام “عيدًا وطنيًا لمحاربة خطابات التمييز والكراهية والتطرف”، بعد انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد.
وشهدت العاصمة الموريتانية في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، تنظيم مسيرة شعبية ضخمة نظمتها الحكومة بمشاركة واسعة من الأحزاب وهيئات المجتمع المدني، فيما قاطعها “الإخوان”، وحركات المعارضة الراديكالية بالبلاد.
وخرج الآلاف في نواكشوط لتأكيد الرفض الشعبي لـ”ظاهرة الكراهية والتطرف”، التي تسعى منظمات الإخوان المشبوهة، منذ زمن، لبثها عبر تأليب الرأي العام.
واعتمدت موريتانيا مطلع العام الجاري قانونا لتجريم التمييز ينص على عقوبات رادعة ضد المشمولين بجرائم التمييز والتطرف والكراهية، حيث يجرم 15 فعلا، منها تشجيع الخطاب الديني المحرض ضد الدولة الموريتانية، والتحريض على التمييز والكراهية، بالإضافة إلى الألفاظ والكتابات أو الصور ذات الطابع العنصري.
تعزيز أمني بين الساحل الأفريقي
وانطلقت بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، الإثنين الماضي، أعمال مؤتمر إقليمي حول المرحلة الثانية من مشروع تعزيز التعاون الأمني بين عدد من بلدان الساحل الأفريقي، بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون، في وقت أعلن الجيش فيه عن تدريب عسكري من خبراء بـ”الناتو” لصالح ضباطه حول الحرب “اللانمطية”.
وتتزامن المرحلة الثانية من المشروع مع تسارع وتيرة الهجمات الإرهابية ضد بلدين من مجموعة دول الساحل الخمس وهما بوركينا فاسو ومالي، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين والعسكريين، إضافة إلى أزمة نزوح سكان عدد من المناطق في البلدين.
وكانت نواكشوط قد تسلمت شهر يوليو/تموز الماضي، دعما عسكريا من الولايات المتحدة الأمريكية كدفعة أولى من حزمة تعهدات كانت قد التزمت بها واشنطن لدعم الكتيبة الموريتانية التابعة للقوة المشتركة لدول الساحل الخمس المكونة من موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو.