القطاع المصرفي بالمغرب.. تمويلات انتقائية وأرباح بنكيّة تثير انتقادات

سلط انتقاد العاهل المغربي محمد السادس للبنوك في البلاد، الضوء على القطاع المصرفي الذي يحقق أرباحًا يصفها مراقبون بالمرتفعة، ويغلق الباب أمام مشاريع الشباب، فضلًا عن انتقادئية في بعض التمويلات التي يقدمها.

وقال العاهل المغربي محمد السادس إن ”القطاع البنكي لا يزال يعطي أحيانًا، انطباعًا سلبيًّا لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون“. جاء ذلك خلال خطاب ألقاه أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة بتاريخ الـ18 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ولفت العاهل المغربي الانتباه إلى ”صعوبة حصول أصحاب المشاريع من الشباب على القروض، وضعف مواكبة الخريجين من الجامعات والمعاهد، وإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة“ّ.

وحسب بيانات البنك المركزي في المغرب، يوجد في البلاد 24 مصرفًا محليًّا ووافدًا من بينها 5 بنوك إسلامية، إضافة إلى مؤسسات قروض أخرى مثل: جمعيات القروض الصغرى، ومؤسسات تحويل الأموال.

وقال البنك إن إجمالي القروض المصرفية الممنوحة بلغت حتى نهاية 2018، نحو 870 مليار درهم (90 مليار دولار)، منها 342 مليار درهم (35 مليار دولار) ممنوحة للمشاريع الخاصة، و40 مليار درهم (4.1 مليار دولار) ممنوحة للمقاولين الأفراد فقط.

الشباب مستثنَوْن

الطيب أعيس، الاقتصادي المغربي، قال إن البنوك في بلاده تعتمد على تقليل نسبة المخاطر إلى أقصى حد ممكن، إذ تطلب البنوك ضمانات كبيرة من أجل تقديم قروض، مثل: الرهن على الأرض، أو المنزل؛ ”وبالتالي فإن الأغنياء هم الذين يستفيدون من القروض“، وفق قوله.

وأضاف: ”في حين أن الشباب الحاملين لأفكار مشاريع لا يستفيدون من القروض، ومستثنون من الاستفادة من التمويل“.

وانتقد تغييب البنوك في بلاده لدورها الاجتماعي، رغم أن القانون يمنح المؤسسات البنكية الاحتكار في مجال الإقراض وجمع الأموال، ولكن بالمقابل الأرباح الكبيرة التي تجنيها لا تسهم بشكل كبير في تمويل الاقتصاد، متابعًا: ”أمام هذا الوضع، جاء الخطاب الملكي، وطالب بشكل مباشر بتغيير العقليات البنكية“.

وقال العاهل المغربي إنه ”من الصعب تغيير بعض العقليات البنكية“، داعيًا إلى ”ضرورة تغيير العقليات الإدارية، ووضع حد لبعض التصرفات التي تعيق التنمية والاستثمار“.

وبيّن الاقتصادي المغربي الفارق الشاسع بين أرباح البنوك مقارنة بالاقتصاد المحلي بشكل عام، قائلاً: ”لا يعقل أن نسبة نمو البلاد لا تتجاوز 3%، في الوقت الذي تفوق نسبة نمو البنوك 30%.

العقلية الربحية تطغى

بعد خطاب العاهل المغربي، قررت الحكومة إحداث صندوق لدعم تمويل المقاولات الصغيرة والشباب من حاملي المشاريع؛ من أجل تسهيل الولوج للتمويلات البنكية.

ورصدت الحكومة ملياري درهم (207 ملايين دولار)، لحساب خاص ”صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية“، وهو صندوق مالي تابع للدولة، من أجل ضمان قروض المقاولات الصغرى والشباب من حاملي المشاريع.

من جهته، دعا عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)، المؤسسات البنكية ببلاده إلى دعم المقاولين الشباب، لافتًا إلى أنّ ”البنوك تحقق أرباحًا كبيرة من خلال الدعم التي توفره الدولة، إلا أنه يبدو أن العقلية الربحية طغت“.

وتابع: ”البنوك لم تلعب دورها في دعم المقاولين الشباب، خصوصًا أنها تملك الإمكانيات المالية لذلك“. وطالب البنوك بمنح قروض الإنتاج، خصوصًا للشباب بدل الاقتصار على قروض الاستهلاك التي تثقل كاهل الأسر.

وحسب التقرير السنوي للبنك المركزي، فإن وتيرة نمو القروض البنكية سجلت خلال 2018 شبه استقرار في النمو بنسبة 3.2%.

وتباطأ نمو القروض المقدمة للمقاولات الخاصة بقوة؛ إذ انتقل من 3% إلى 0.5%، بينما نمت القروض المقدمة للإنعاش العقاري بنسبة 6.4% مقارنة بـ10.4% خلال العام الماضي.

واستقرت نسبة الديون المتعثرة للسنة الثانية على التوالي عند نسبة 7.5%.

وخلال منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (رسمية) تباطؤ نمو الاقتصاد إلى 2.6% في الربع الرابع من 2019. كما سجل الاقتصاد المغربي معدل نمو 2.8% في الفترة المقابلة ذاتها من 2018.

وفي وقت سابق، قال صندوق النقد الدولي إن نمو الاقتصاد المغربي يواجه مخاطر محلية وخارجية كبيرة بالتزامن مع تباطؤ النمو في 2018 إلى 3% من 4.1% في 2017.

وذكر الصندوق في بيان أن المخاطر تتمثل في تأخير تنفيذ الإصلاح، وانخفاض النمو في البلدان الشريكة الرئيسة خاصة منطقة اليورو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى