أزمة أوكرانيا.. مساعدات جديدة في شرايين كييف ورسالة تحذير من بوتين
مع استمرار الأزمة الأوكرانية دون حلول سياسية تلوح في الأفق، بات التصعيد العسكري طريق الطرفين لإجبار الآخر على القبول بشروط إسكات المدافع.
فبينما احتمت أوكرانيا بالغرب من سخونية يوليو/تموز ولهيب المعارك وبطء الهجوم المضاد، شحذت روسيا أسلحتها، وشنت هجمات على كييف، دوت لها أجهزة الإنذار، إضافة إلى نشرها أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا لأول مرة.
فما أبرز التطورات؟
في الوقت الذي تواصل فيه كييف هجومها المضاد، حاولت الولايات المتحدة ضخ مساعدات جديدة في شرايين كييف، لتساعدها على مواصلة عملياتها العسكرية على الأرض، ومعالجة “غياب الانتصارات”.
الحزمة التي تتكون أساسا من عتاد مدفعية وصواريخ دفاع جوي ومركبات، قال عنها اثنان من المسؤولين، اللذين تحدثا مشترطين عدم الكشف عن هويتهما، إنه سيغيب عنها القنابل العنقودية، التي أرسلتها أمريكا في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأرسلت الولايات المتحدة ذخائر تقليدية محسنة ثنائية الغرض، وهي قنابل عنقودية تُطلق من مدفع هاوتزر عيار 155 ملليمتر إلى أوكرانيا لأول مرة في وقت مبكر من يوليو/تموز الجاري.
وقال المسؤولون إن الحزمة تتضمن عددا من ناقلات الجند المدرعة من طراز سترايكر، وعتادا للتخلص من الألغام وذخائر لأنظمة صواريخ (ناسامس) وهي صواريخ سطح-جو، وذخائر لأنظمة صواريخ المدفعية عالية الحركة (هيمارس) وأسلحة مضادة للدبابات، منها (تو) و(جافلين) وذخيرة لأنظمة باترويوت وستينغر المضادة للطائرات.
ولم يتم الانتهاء من الحزمة بعد وقد تتغير بنودها، والحزمة تمولها آلية سلطة السحب الرئاسي التي تسمح للرئيس بإرسال مواد وخدمات من المخزون الأمريكي دون موافقة الكونغرس في حالات الطوارئ، وهذه المواد من فائض المخزون الأمريكي.
وحزمة المساعدة الأمنية هذه هي الثالثة والأربعون التي وافقت عليها الولايات المتحدة لأوكرانيا، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في فبراير/شباط 2022، ليزيد إجمالي هذه المساعدات عن 41 مليار دولار.
خطوة “تاريخية”
في السياق نفسه، قررت بلغاريا يوم الجمعة إرسال حوالي مئة مدرّعة إلى أوكرانيا في سابقة بالنسبة للدولة الواقعة في منطقة البلقان، والتي أحجمت سابقاً عن مساعدة كييف بشكل مباشر بسبب علاقاتها التاريخية القوية مع موسكو.
ووافق البرلمان بغالبية كبيرة بلغت 148 صوتاً مؤيداً مقابل 52 رافضاً، على اقتراح الحكومة الجديدة المؤيدة لأوروبا والتي أطلقت استراتيجية جديدة بعدما خلفت حكومات مؤقتة سابقة حرصت على عدم التدخل في النزاع.
والمدرّعات من طراز “بي تي آر” سوفياتية التصميم، تم شراؤها في ثمانينيات القرن الماضي، ولم تُستخدم قطّ، وجاء في نص الاقتراح “بلغاريا لم تعد بحاجة إلى هذه المعدات التي يمكن أن تقدم دعماً قيماً لأوكرانيا في معركتها للحفاظ على استقلالها وسلامة أراضيها” في مواجهة روسيا.
وعارض القرار أعضاء الحزب الاشتراكي، كما عارضته الحركة القومية المتطرفة الشابة الموالية لروسيا فازراجدان (النهضة) التي وصفته بأنه “خيانة وعار”.
وتمتلك بلغاريا العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مخزوناً كبيراً من المعدات والأسلحة السوفياتية وتنتج الذخيرة أيضاً.
وزار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صوفيا في مطلع يوليو/تموز الجاري، لمناقشة تسريع وتيرة الإمدادات لبلاده.
ومنذ هذه الزيارة، أعلنت الحكومة في بلغاريا عن حزمة مساعدات غير مسبوقة، تشمل أسلحة وقذائف، ولم ترغب في تقديم تفاصيل لأن الأمر موضع انقسام في البلاد، لكن عملياً تعمل مصانع الأسلحة بكامل طاقتها منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وارتفعت الصادرات الصناعية وفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد مع تصدير المعدات إلى دول ثالثة تتولى تسليمها إلى أوكرانيا.
رسالة تحذير
في الجهة المقابلة، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بأن لديها أطماعا في دول الاتحاد السوفياتي السابق، محذراً من أن أي اعتداء على بيلاروسيا، حليفة موسكو وجارتها، سيُعد هجوما على روسيا.
وقال بوتين في تصريحات خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي بثها التلفزيون يوم الجمعة، إن موسكو سترد “بكل ما تملك من وسائل” على أي اعتداء على بيلاروسيا، التي تشكل “دولة اتحاد” فضفاض مع روسيا.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في وارسو عن أمين اللجنة الأمنية في وارسو قوله يوم الجمعة، إن اللجنة قررت يوم الأربعاء نقل وحدات عسكرية إلى شرق بولندا بعد وصول أفراد من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة إلى بيلاروسيا. وتنفي بولندا أي طموحات للاستيلاء على أراض في بيلاروسيا.
وقال بوتين في تصريحاته أيضا إن الجزء الغربي من بولندا كان هدية من الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين للبلاد، وأن روسيا تذكر البولنديين بذلك.
وفيما يبدو أنه رد على ما قاله بوتين، هاجم رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي مساء الجمعة الرئيس الروسي، قائلا إن “ستالين يحمل وزر قتل مئات الآلاف من البولنديين، حقيقة تاريخية لا جدال فيها”، مضيفا “سيتم استدعاء سفير روسيا الاتحادية إلى وزارة الخارجية”.
فاغنر في بيلاروسيا
وكانت بيلاروسيا قالت يوم الخميس إن مقاتلي فاغنر بدؤوا تدريب القوات الخاصة في بيلاروسيا في منطقة عسكرية تبعد أميالا قليلة من الحدود مع بولندا.
وبدأت روسيا في الأسابيع الأخيرة في نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا لأول مرة، وقال الكرملين إن بوتين سيلتقي يوم الأحد برئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، يوم الجمعة، إن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي مستعدان لدعم بولندا في الدفاع عن الجناح الشرقي من التحالف.
وذكر بوتين أن هناك تقارير صحفية عن خطط لاستخدام وحدة بولندية-ليتوانية في عمليات بغرب أوكرانيا لاحتلال أراض هناك في نهاية المطاف، مضيفاً “من المعروف أنهم يحلمون أيضا بأراضي بيلاروسيا”، لكنه لم يقدم دليلا على ذلك.