أطفال يمشون نحو الموت.. تداعيات قرار واشنطن على القطاع الصحي في جنوب السودان

أفادت منظمة “إنقاذ الطفولة” الدولية بتسجيل وفيات مأساوية في جنوب السودان نتيجة تفشي وباء الكوليرا، حيث لقي 8 أشخاص حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز العلاج الطبي.
ووفق البيان الرسمي للمنظمة، اضطر الضحايا للسير لمسافات طويلة تصل إلى 3 ساعات تحت حرارة تبلغ 40 درجة مئوية، وذلك بعد أن توقفت العديد من المرافق الصحية عن العمل بسبب قرارات التخفيضات الأمريكية في المساعدات الإنسانية.
وتشير التحقيقات إلى أن هذه الوفيات، التي وقعت الشهر الماضي، تعد من أوائل الحالات الموثقة التي تعزى بشكل مباشر إلى قرار الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تخفيض المساعدات الخارجية، وذلك بعد توليه منصبه في 20 يناير 2017.
وجاء هذا القرار في إطار سياسة “أمريكا أولا” التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية، والتي شملت مراجعة شاملة لجميع برامج المساعدات الدولية.
في غضون ذلك، أعرب كريستوفر نياماندي، المدير القطري للمنظمة في جنوب السودان، عن استنكاره الشديد لهذه التطورات، قائلا: “يتعين على المجتمع الدولي أن يبدي غضبا أخلاقيا عارما تجاه القرارات التي يتخذها مسؤولون في دول بعيدة، والتي تؤدي إلى وفاة أطفال أبرياء خلال أسابيع فقط”. وأضاف أن 3 من الأطفال الضحايا كانوا دون سن الخامسة، مما يضاعف من مأساوية الوضع.
من جانبها، نفت وزارة الخارجية الأمريكية علمها المسبق بهذه الوفيات، مشيرة في بيان لها إلى أن العديد من البرامج الإنسانية الأمريكية المنقذة للحياة لا تزال مستمرة في المنطقة.
إلا أن المتحدث الرسمي أشار إلى أن الإدارة الأمريكية قررت تعليق جزء من المساعدات بسبب “استغلال بعض القيادات المحلية لهذه الأموال في أعمال غير مشروعة”.
وصرح قائلا: “في حين نواصل تقديم المساعدات الطارئة، فإننا لا نستطيع أن نطلب من دافعي الضرائب الأمريكيين تمويل أنظمة تتسم بالفساد وعدم المسؤولية”.
يذكر أن حكومة جنوب السودان قد اعترفت سابقا بوجود مشكلات فساد في أجهزتها، لكنها نفت بشكل قاطع الاتهامات الموجهة لعائلة الرئيس سلفا كير بشكل خاص.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم المساعدات الدولية تصل إلى البلاد عبر منظمات غير حكومية، بسبب المخاوف من سوء التوزيع والفساد المالي.
وكشفت منظمة إنقاذ الطفولة عن تفاصيل مثيرة للقلق، حيث أوضحت أنها كانت تدعم 27 منشأة صحية في ولاية جونقلي بشرق البلاد، قبل أن تضطر إلى إغلاق 7 مراكز بشكل كامل، وتقليص خدمات 20 مركزا آخر بنسبة كبيرة، وذلك بسبب التخفيضات المفاجئة في التمويل الأمريكي. كما توقف برنامج النقل المدعوم أمريكيا الذي كان ينقل المرضى إلى المستشفيات الرئيسية.
ويأتي هذا التقرير في وقت أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية عن تسجيل أكثر من 22 ألف حالة إصابة بالكوليرا في البلاد منذ أكتوبر الماضي، نتج عنها مئات الوفيات.
ويحذر خبراء الصحة من أن استمرار تقليص المساعدات، التي شملت إلغاء أكثر من 90% من عقود الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية حقيقية، مع توقع ارتفاع حاد في وفيات سوء التغذية والأمراض المعدية مثل الإيدز والسل والملاريا خلال السنوات المقبلة.